الدكتورة شريفة العمادي: معهد الدوحة للأسرة هدية قطر للعالم العربي
ندرس الاستفادة من النماذج الدولية الناجحة في تأهيل المقبلين على الزواج ولا ننقل تجارب معلبة
حوار: محمد حربي
أكدت الدكتورة شريفة نعمان العمادي، المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، على أن المجتمعات العربية تجمعها قواسم مشتركة، وتتشابه في الدين واللغة، بينما تختلف في طبيعة المشاكل الاجتماعية؛ حيث أن أسباب الطلاق في بعض الدول قد تكون، بسبب العوامل الاقتصادية، بينما في مجتمعات أخرى، يرجع إلى زيادة الرفاهية. موضحة أن معهد الدوحة منذ تأسيسه في عام 2006 م.، على يد الشيخة موزا بنت ناصر، وهو هدية من قطر للعالم العربي، للعمل بالشراكة من الجامعة العربية، لبحث المشاكل ووضع الحلول، بشأن العراقيل التي تواجه المقبلين على الزواج، وتقليل حالات الطلاق؛ خاصة في السنوات الأولى من الحياة الزوجية. مشيرة إلى أهمية دراسة من نماذج الآخرين الناجحة والاستفادة منها، دون نقل التجارب المعلبة. مشددة على أن المدارس القطرية، سوف تبدأ من العام القادم، تدريس برامج الثقافة الأسرية من العام القادم، لتعميق روح المسؤولية في الأجيال الجديدة.
وقال الدكتورة شريفة العمادي، في تصريحات خاصة لـ ” العمال”: إن معهد الدوحة الدولي للأسرة، ومنذ أن تأسس معهد الدوحة الدولي للأسرة في عام 2006م. – ضمن مؤسسة قطر للتربية والعلوم، وتنمية المجتمع – ، على يد الشيخة موزا بنت ناصر، حرم الأمير الوالد، وهو يولي اهتماماً كبيراً بالدراسات، التي تتعلق بالأسرة، في الدول العربية. حيث يتم إجراء الدراسات المختلفة، ثم يتم الخروج بتوصيات، ثم يتم إنشاء سياسات، تتم مناصرتها من أجل التماسك الأسري. باعتبار أن هذا هو الهدف المرجو تحقيقه، الوصول إليه في التماسك الأسري. كما يمثل المعهد أحد روافد العالم، في مواضيع المعلومات الخاصة بالأسرة العربية.
وأوضحت الدكتورة شريفة العمادي، أن مجال المعهد ليس الفضاء الجغرافي للاثنين وعشرين دولة عربيةفقط؛ بل يتجاوزه إلى الحيز العالمي الواسع؛ حيث توجد هناك دراسات خاصة بالجاليات والأسر من أصل عربي، في بلاد المهجر بالشرق والغرب، بما فيها الأميركتين؛ ومثال على ذلك ما جرى مع الأسر السورية في تركيا، ومثيلتها في كندا.
وأشارت الدكتورة شريفة العمادي، إلى أن معهد الدوحة الدولي للأسرة، هو رسالة وهدية من قطر للعالم العربي، وأن التعاون يتم مباشرة، عبر آلية جامعة الدول العربية؛ موضحة أن المعهد هو بيت خبرة لبيت العرب. حيث تجري المناقشات، حول نوعية الدراسات التي تكون هناك حاجة إليها بشأن الأسرة، ويقوم المعهد بإعدادها، بمشاركة الدول العربية.
وأضافت الدكتورة شريفة العمادي، إلى أنه من الممكن تقسيم الدول العربية، إلى ثلاثة أقسام، حيث توجد هناك مجموعة الدول الخليجية، ومجموعة دول المشرق العربي، بما فيها مصر والأردن ولبنان.. ألخ. ثم هناك دول المغرب العربي. موضحة أن كل مجموعة تختلف بيئتها عن الأخرى، وبالتالي، فليست كل المشاكل واحدة؛ ومن هنا تأتي أهمية أن تقوم كل دولة بإجراء الدراسة الخاصة بها، لتكون انعكاساً للبيئة الحقيقية لها، ومعبراً عن واقعها الداخلي.
وشددت الدكتورة شريفة العمادي، على أن التقرير الذي تم إعداده مع جامعة الدول العربية، عن واقع الزواج في العالم العربي. كان هناك حرصاً، على أن يكون تمثيلاً واقعياً، حيث يقوم كل مجموعة كتاب من الإقليم، بإعداد الجزء الخاص بهم، بمعنى أن الذين كتبوا عن عن مصر، هم مصريون، وكذلك الحال بالنسبة للأردن ، والخليج؛ وبذلك تكون هناك ضمانة حقيقية لتعبير الدراسة عن الواقع، وذلك بسبب اختلاف طبيعة كل إقليم عن الآخر.
ونوهت الدكتورة شريفة العمادي، إلى إن عملية تشكيل اللجان خلال الفعالية، ليس بغرض الخروج ببرنامج واحد، بل برامج مختلفة، تتناسب مع طبيعة المجتمعات، التي بالفعل متشابهة في الدين واللغة، ولكنها تباين في طبيعة المشاكل الاجتماعية. ومثال على ذلك، فقد تكون أسباب الطلاق في المشرق العربي، ترجع إلى المشاكل الاقتصادية، بينما في المجتمعات الخليجية؛ قد يقع الطلاق، بسبب زيادة الرفاهية.
كما تحدثت الدكتورة شريفة العمادي، عن التجربة الماليزية، قائلة: إنه على الرغم من أن المجتمع الماليزي متعدد العقائد، مسلمين، وغير مسلمين؛ إلا أنهم قاموا بعمل دراسات لكل الفئات، وبرامجهم ركزت على أشياء معينة. لافتة إلى أنه ليس ببرنامج ماليزي، بقدر ما هي سياسة عمل، بمعنى أنهم قاموا بعمل الدراسات، وفهم مشاكل الطلاق. وبناء على فهم هذه المشاكل، وضعوا ما يلزمها من البرامج، التي تدرجت؛ حتى أصبحت إجبارية، وإلزامية، مع عمليات تدريب وتأهيل جيدة لمن يقومون على تنفيذ هذه البرامج؛ حتى حققوا نتائج ملموسة على أرض الواقع، في تقليل نسب الطلاق بشكل كبير.
وأوضحت الدكتورة شريفة العمادي، إلى أن عملية النقل عن ماليزيا، لن تكون في الاستعانة بالتجربة ذاتها، وإنما بالطريقة، نظرا لأنه ليس بالضرورة أن تتشابه الموضوعات في البيئات العربية، مع مثيلاتها الماليزية.ولكن طريقة الدراسة من حيث ضرورة البناء على سياسة، واحتياجات، شاملة لموضوعات مختلفة، وتتنوع وفقاً للمناطق؛ حيث أن طبيعة الحضر، تختلف عن البدو، والأرياف عن المدن. ولن يتم أخد التجربة معلبة، كما هي. وإنما فقط الاستعانة بطريقة السياسة، في كيفية الوصول إلى قانون إجباري لبرنامج تأهيلي للمقبلين على الزواج.
وأشارت الدكتورة شريفة العمادي، إلى أهمية نشر ثقافة تأهيل المقبلين على الزواج، حيث أنه بالنسبة للكبار سوف تكون هناك برامج تأهيل للمقبلين على الزواج، بينما سوف يتم العمل على إدخال برامج الثقافة الأسرية في المناهج التعليمية؛ بحيث يقوم الطفل بتعلمها ودراستها وتعلمها منذ المرحلة الابتدائية، وتستمر معه حتى المراحل المتقدمة في التعليم. لافتة إلى أن الثقافة الأسرية، لا تقتصر على مجرد الزواج، بقدر ما هي كيفية تحمل المسؤولية، وتوطيد العلاقات والروابط الممتدة في أفراد الأسرة، والسلوكيات والعادات والتقاليد. حيث أن تعلمها مهم. وتجربة قطر كانت رائدة في تسوية دراسة وعرضها على مجلس الشورى لتقنين ذلك. بحيث تتحول برنامج المقبلين على الزواج إلى قانون سوف ويكون الفحص الطبي قبل الزواج إجباري وإلزامي .
ونوهت الدكتورة شريفة العمادي، إلى أنه من العالم القادم سوف يبدأ في قطر تدريس تدريس هذه الثقافة، لافتة إلى أهمية دور الاعلام في الاسهام لتهيئة الرأي العام، وأهمية تسليط الضوء على القدوة. كما أنه من خلال وجود إستراتيجية إعلامية، تم تحقيق الكثير من الانجازات، ومنها إنشاء إدارة المناصرة بالمعهد، بمشاركة الوزارات المعنية، أو المجتمع المدني وتنظيم الحملات، حتى يتبنى الرأي العام الهدف. كما أن من طموحاتهم في المعهد، تطبيق كل السياسات التي تدعم الأسرة على مستوى الدول العربية، وتكون الدول العربية في تطبيقها لذلك نموذجاً لدول العالم، لأن التركيز على الأسرة يجعلها متميزة. لأن الأسرة هي الأساس، وأن مشاكل وتفتت الأسرة تنعكس على المجتمع. وقد ظهر هذا في كورونا، حيث كانت الأسر العربية متماسكة، ولم يكن أحد يعيش بمفرده، وبالتالي لم تظهر المشاكل النفسية، التي عانتها مجتمعات كثيرة، اعتادة حياة الفردية في العيش والحياة.