فنونمنوعات

رؤية انطباعية عن كتاب عفو الخاطر للكاتب الكبير إبراهيم محمد على

بقلم د انجي البسيونى

عفو الخاطر حفنة من الخواطر التلقائية يحوى بين دفتيه عبارات رشيقة المبنى عميقة المعنى ، متعددة الصور على شدة تكثيفها ، تشبه تلك الأقوال المأثورة التى خطها مشاهير الفلاسفة و الكتاب .
بداية بالعنوان الذى هو  أهم عتبة من عتبات العمل الأدبى فى شتى أجناسه  ، بل هو أول ما يحفز فضول المتلقى ويدفعه بقوة لمعرفة ما يوجد بين السطور ، ذلك العنوان
الذى وجدته بالرغم من تلقائيته عنوانا شديد البكارة نادر العبارة

يضم كتابنا كبسولات فلسفية حكيمة ترجمت خلاصة تجارب الكاتب المتعددة  مع الحياة ، ولما لا ! فكاتبنا الكبير  قد خاض غمار ميادين إبداعية متعددة فهو كاتب مسرحى وشاعر وسيناريست قدير  ومبدع له ثقل فى المشهد الثقافى ، قدم العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية ،عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر ورئيس شعبة السيناريو به ، وعضو فى نقابة المهن التمثيلية والمهن السينمائية وجمعية المؤلفين والملحنين ، وله العديد من المؤلفات الأدبية ، هذا فضلا عن علاقاته المتشعبة  واحتكاكه المباشر  بكافة جوانب الفنون ورواده ، وصلاته الإنسانية الوثيقة بمن حوله ، كل ذلك ولد لديه خبراتا حياتيه متنوعة المشارب.
ولقد  أسقط تلك الخبرات على الورق برشاقة وعمق وواقعية موجعة
و مصداقية شديدة ، تشبه كثيرا  تركيبته النفسيه شديدة الحساسية.
لقد صاغ كاتبنا فى كتابه إلتفاتاته النبيهة وومضاته الكاشفة  وعباراته الحكيمة  بأسلوب شديد العمق والبساطة فى آن
معا ً ، وهذا مايميز أسلوبه الأدبى بوجه عام ،  ولما عرفته عن قرب وجدته يمتلك  درجة وعى تفكرى  مرتفعة تمكنه من  قراءة النفوس البشرية و من ثم استخلاص الرؤي الفلسفية للمواقف الحياتية المعاشة .

تتسرب عبارات الكتاب المكثفة  إلى عقل القارئ بسهولة  ويسر و يستوعبها بالرغم من إختلاف مستويات التلقى  الثقافية والنفسية لدى الناس ، صاغها استاذنا فى
قوالب تعبيرية مباشرة ، تنوعت ما بين  الفصحى والعامية ، تحمل بين طياتها اسقاطاتها المقصودة ، وذلك لأنه شخصية شديدة  التيقظ ، شديدة الذكاء ، شديدة التأثر بمن حوله وبما يدور فى محيطه و سريع التفاعل مع مجتمعه بشكل مباشر ؛ وهذا هو الدور الذى يجب أن يقوم به المثقف الحقيقيى ، لأنه الأقدر على نقل حكمته للآخرين  ، وكلمته هى الأقدر  علي التأثير في جموع الناس ، لاسيما أنه استطاع  الوصول إلى مختلف الدرجات الفكرية فى مجتمعه والتأثير فيها  ولن ننسي فى هذا المقام ذكر عبارته الشهيرة والتى كانت أيقونة إرشادية أثرت فى الوعى الجمعى وتناقلتها الأفواه على إختلاف ثقافاتها وطبقاتها الاجتماعية  فى أواخر ثمانينات القرن الماضى وهى عبارة ” طول ما ندى ضهرنا للترعة عمر البلهاريسيا فى جتتنا ما ترعى ”

ومن عبارات الكتاب التى علقت فى ذهنى

“حتى يتوقف نزيف يدى ، نصحنى أحد الحكماء ألا أمدها إلا لمن يصونها ”

“المشكلة أن الذئب البشرى لديه القدرة على إخفاء أنيابه  ؛ عندما يأتى طلبا للمعاونة ، بينما تظهر حادة لامعة عندما تذهب او لا تذهب إليه طلبا للمعاونة أو رد الجميل ”
“كلما تقدم بك العمر تأخرت الدهشة وتلاشت”

فله منى ولقامته الأدبية والفنية السامقة ولقلمه المدرار ولجهوده المثمنة فى مساعى الإبداع و الخير كل الإكبار .

زر الذهاب إلى الأعلى