تحقيق : فتحي حسين
حذر عدد من الخبراء من نقص العديد من الادوية التى يحتاجها المرضى والتى تمثل أكتر من 80% فى السوق، وبالرغم من التحذيرات المتقدمة لم نشهد أي تحرك حقيقي لحل الأزمة!
الأزمة تتفاقم في مصر بسبب إصرار الصيدليات والأطباء والمرضى على التعامل بالاسم التجاري للدواء
فقد شهد سوق الدواء في مصر أزمة نقص حاد طالت عشرات الأصناف، مما استدعى موافقة الحكومة على رفع أسعار عدد كبير من الأدوية بشكل تدريجي منذ يونيو الماضي، وعلى مدار الأشهر المقبلة . ويعاني المواطنون في مختلف محافظات مصر من أزمة نقص الادوية التي انتشرت في الفترات الاخيرة , جعلت الناس تصرخ وتتسأل اين اختفت الادوية ولماذا هي غير متوافرة وهل الطوابير الموجودة في صيدلية الاسعاف بوسط البلد بالقاهرة هي الملاذ والمكان الوحيد للادوية وماذا عن احوال المحافظات بالدلتا والصعيد؟؟ رغم ان الدواء إحدى السلع المسعرة جبرياً في مصر كالمواد البترولية والخبز، ارتفعت كذلك شكاوى المواطنين ومن بينهم مشاهير من نقص أدوية الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر والقلب وبدائلها.
حيث بلغت مبيعات الأدوية في مصر 90 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الحالي (الفترة من يناير إلى يونيو)، مقارنة بنحو 62 مليارا في الفترة نفسها من 2023،بنمو يتجاوز 45% على أساس سنوي, وفقا للبيانات الرسمية .وتنتج مصر 91 % من الأدوية المتداولة محليا، في حين تستورد 9 %من الخارج.
كما ان لجان التسعير بهيئة الدواء المصرية تعكف في الوقت الراهن على مراجعة أسعار الأصناف الدوائية التي تقدمت بها الشركات، بما يحقق التوازن في الأسواق بين توفير الدواء للمرضى، وما يمكّن الشركات في ذات الوقت من مواصلة إنتاجها دون أزمات.
ممدوح احمد – محامي- يقول عندما اصيبت ابنته بحروق في بعض اجزاء ذراعها وجسدها , تنقل بين اكثر من صيدلية في اكتر من مكان للبحث عن الدواء المطلوب ولكنه لم يعثر عليه وذهب الي بعض المحافظات ايضا ولكنه لم يجده , وعلم مؤخرا انه يوجد فقط في صيدلية الاسعاف بوسط القاهرة ولكن عليه ان ينتظر دوره في الطابور الذي يمتد لمسافات طويلة في نهاية الشارع في الاسعاف مما جعله يستيقظ بعد صلاة الفجر ليذهب الي هناك ربما يجده؟
منال سلامة – موظفة بالشهر العقاري بالاسعاف- تقول بانها تبحث عن دواء الانسولين لامها مريضة سكر ولم تجده في اكثر من صيدلية واخيرا وبعد كفاح مرير في البحث وجدته في صيدلية الاسعاف ولكن طوابير الزحام حالت دون قدرتها عي شراؤه والحصول عليه لنفاذ الكمية منه ؟
اشرف محمود – طالب – يقول بان هناك انواع من ادوية الضغط لم يستطيع الحصول عليها من الصيدليات لوالده مريض الضغط مما جعله يتواصل مع احد اصدقاءه بالسعودية لتوفيرها له لان الدواء غيرمتوافر في اي مكان , وان اسعار بعض الادوية ارتفعت بشكل كبير خاصة ادوية القلب .
ماذا عن رأي المسئولين؟
محمد فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء حذر من نقص الأصناف المحلية التي تغطي أكتر من 80% من السوق، وبالرغم من التحذيرات المتقدمة لم نشهد أي تحرك حقيقي لحل الأزمة، وسط أسئلة برلمانية وطلبات إحاطة للحكومة لم ينتج عنها أي شيء تقريبًا.
ويقول علي عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية المصرية،أن أزمة نقص الأدوية التي تعاني منها مصر منذ أشهر، ستنتهي بشكل شبه كامل خلال فترة تتراوح بين شهر ونصف وشهرين على أقصى تقدير مع نهاية العام الحالي
ويوكد عوف ان هناك انفراجة في أزمة نواقص الدواء في مصر، لكن نحتاج بعض الوقت ليشعر المواطن بها، نظراً لوجود 80 ألف صيدلية في البلاد ولا يمكن إتاحة الأدوية الناقصة في جميعها دفعة واحدة.
وأضاف ان المشكلة التي تحد من استشعار توفر بعض الأدوية الناقصة تتعلق بثقافة التعامل مع تلك الأدوية، فحين يتوفر الدواء الناقص تنتعش ظاهرة تخزين الدواء لدى بعض المرضى خوفاً من نقصه مرة أخرى، فيتم استهلاك أدوية بنسبة أعلى من إنتاج الشركات، وهو الأمر الذي يجعل فترة انتهاء الأزمة أطول من اللازم.
وقدّر عوف عدد الأدوية الناقصة في مصر بنحو 1000 مستحضر، ما يعادل 6% من إجمالي الأدوية المتداولة في السوق والمقدرة بنحو 17 ألف صنف !!
وقال رئيس الشعبة إن تلك النسبة متقاربة مع نسب نقص الدواء في العالم، لكن الأزمة تتفاقم في مصر بسبب إصرار الصيدليات والأطباء والمرضى على التعامل بالاسم التجاري للدواء وليس الاسم العلمي، رغم أن أغلب الأدوية الناقصة لها بدائل متعددة
يقول د. محمد البهي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات مستشار غرفة صناعة الدواء إن مراجعة أسعار الأدوية يستغرق بعض الوقت لتحقيق التوازن المطلوب في الاسواق .مشيرا الي ان حل المشكلة الراهنة سيكون على مراحل وليس مرة واحدة حتى لا يمثل ذلك عبئا على المواطن، والشركات وغرفة صناعة الدواء وافقت على هذه الحلول لأنها لا تريد الضغط على المريض
ويضيف : ان الحلقة الأضعف في القصة دي كلها هو الصيدليات، اللي اضطر كتير منها للإغلاق في ظل الأزمة، عندنا تصريح لنقيب صيادلة القاهرة يقول فيه إن البلد بتواجه أزمة طاحنة أدت لخروج الصيدليات من السوق بسبب تآكل رأس المال، وبالتالي رفع أسعار الأصناف الدوائية هيرضي الشركات الكبرى وبينما هيضر الصيدليات وهيخلق أزمة من باب خلفي أصلًا..!
يري محمود رؤؤف حامد متخصص في الادوية وتوزيعها أن الحل هو التوجه لحل المشكلات الهيكلية في صناعة الدواء بشكل عام، وأولها الاعتماد الكبير على خامات أغلبها مستوردة من الخارج
ويضيف : الحقيقة دا مرتبط بمشكلة أخرى هي ضعف البحث العلمي وإمكانات المراكز البحثية بل والتضييق عليها سواء المتعمد زي عدم إنفاق النسبة الدستورية على التعليم أو بسبب البيروقراطية، أو غيرها، وبالتالي بينما بنشوف البحث العلمي والتعليم هي قضية مركزية في حل المشكلات بالقطاعات المختلفة.فضلا عن قيام الحكومة بدورها الاجتماعي في توفير الدواء بسعر عادل وضمن إمكانيات المواطن، وإن أولويات الدولة مش مجرد أولويات تجارية متعلقة بتوفير السلعة حتى لو بسعر مرتفع بره إمكانيات أغلب المواطنين.