توقعات بتعافي الاقتصاد المصري 2025 مع زيادة الاستثمارات وانتعاش الاستهلاك وانخفاض التضخم
عدم جاهزية نظم التعليم لتلبية احتياجات الوظائف التي تتطلب مهارات تكنولوجية
تطوير منظومة التدريب والتثقيف العمالي لإكساب أعضاء التنظيم النقابي مهارات غير تقليدية
كتبت ـ نجوي ابراهيم
قدم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر برئاسة عبدالمنعم الجمل ، خلال المشاركة في فاعليات المنتدي النقابي الثالث عشر لدول البريكس ، المنعقد بمدينة سوتشي الروسية،رؤية تحليلية للواقع النقابي والعمالي و تأثير التحديات الاقتصادية على الطبقة العاملة في مصر.
أشار عبدالمنعم الجمل خلال كلمته ، الي وضع الاقتصاد المصري خلال الفترة من عام ٢٠١١ وحتى عام ٢٠١٤ وتأثره نتيجة عدم الاستقرار السياسي مما انعكس على معدل البطالة والذي وصل إلى ١٣٪ عام ٢٠١٣.
و قال الجمل أن الأوضاع الاقتصادية أثرت بدرجة كبيرة على سوق العمل في مصر ، رغم المحاولات للتكيف مع المتغيرات السريعة والصدمات المتتالية والتي كان لها تأثير كبير على الطبقة العاملة المصرية.
و أوضح رئيس اتحاد عمال مصر ، أن الدولة المصرية تبنت منذ عام ٢٠١٤ برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي، و اتخذت حزمة إجراءات من أجل الإصلاح الاقتصادي بالتزامن مع تنفيذ عدد من المشروعات القومية الكبرى والتي عملت على خلق عدد كبير من فرص العمل خاصة في قطاع البناء والتشييد.
وأكد علي اهتمام الدولة بتحفيز مناخ ريادة الأعمال بهدف تحسين الفرص الاقتصادية من خلال تقديم قروض ميسرة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة فرص تمكين الشباب والمرأة ، إلا ان تداعيات جائحة كورونا والأوضاع السياسية على المستوى الإقليمي والدولي أحدثت صدمات متتالية اثرت بشكل جذري على الاقتصاد المصري.
ولفت الجمل الي مجموعة من التحديات التي شهدها الاقتصاد و اهمها ارتفاع معدلات التضخم والتي وصلت عام ٢٠٢٣ إلى ٣٣.٨٪، بالإضافة لضعف أداء الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر، وعدم القدرة على تلبية احتياجات السوق المحلي بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وإتاحة بعض مدخلات الإنتاج نتيجة قرارات حظر استيراد بعض السلع بسبب ازمة تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي.
واضاف “الجمل” بلغت التحديات الاقتصادية ذروتها الا ان تقرير البنك الدولي يتوقع أن يبدأ النشاط الاقتصادي في التعافي بداية من عام ٢٠٢٥ مع زيادة حجم الاستثمارات وانتعاش الاستهلاك وانخفاض التضخم ، كما يتوقع تراجع الدين الحكومي على المدى المتوسط، مع استمرار الإصلاحات الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، وتنمية رأس المال البشري والحماية الاجتماعية، وخلق فرص العمل .
وخلال رؤيته التحليلية ، أكد رئيس اتحاد عمال مصر ، ان الطبقة العاملة المصرية تواجه تحدي كبير في ظل المتغيرات التي يفرضها مستقبل العمل، حيث تسجل البطالة معدلات مرتفعة بين فئات المتعلمين والشباب والاناث بسبب تأثر الطلب على الوظائف التقليدية مع زيادة العرض للوظائف الجديدة مع عدم جاهزية نظم التعليم لتلبية احتياجات تلك الوظائف التي تتطلب مهارات غير تقليدية وهو ما يظهر اتساع الفجوة بين العرض والطلب نتيجة لفجوة المهارات المطلوبة.
وتابع أن سرعة التطور التكنولوجي فاقت جاهزية سوق العمل من حيث مستوى الوعي والمهارة لملائمة متطلبات الوظائف الجديدة، كما لم تتواكب تشريعات وسياسات سوق العمل مع تلك المتغيرات من اجل تنظيم الواقع الجديد لمستقبل العمل، بالإضافة لعدم مواءمة مخرجات التعليم والتدريب مع احتياجات سوق العمل، مما أدى لاتساع فجوة المهارات وهو ما يؤثر علي زيادة معدلات البطالة لعدم ملائمة مهارات الطبقة العاملة مع احتياجات سوق العمل من وظائف، مما يدفعها تجاه العمل بالقطاع غير الرسمي والقطاعات محدودة المهارة.
وقال الجمل أنه أمام التحديات التي ذكرناها يضع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر رؤية شاملة للإصلاح كأحد شركاء التنمية الرئيسيين في مصر، وتتركز تلك الرؤية من واقع مسئوليته تجاه الطبقة العاملة المصرية بشكل عام وأعضاء التنظيم النقابي بشكل خاص، مضيفا أن الاتحاد يساهم في ابداء الرأي ومناقشة التشريعات ذات الصلة بالطبقة العاملة وعلي رأسها قانون العمل والتأمينات الاجتماعية ، من اجل ضمان تطبيق سياسات مرنة قادرة على ملائمة الواقع ومتغيراته، كما يضع ضمن أولوياته ايضًا الاهتمام بتطوير منظومة التعليم الفني من خلال تطوير الجامعة العمالية لتساهم في تطوير مهارات الطبقة العاملة المصرية وربطهما باحتياجات سوق العمل ، بالإضافة لتطوير منظومة التدريب والتثقيف العمالي لإكساب أعضاء التنظيم النقابي مهارات غير تقليدية لمواكبة المتغيرات، وهو ما يعكس أولويات التنظيم النقابي كأحد شركاء التنمية.
وتابع ، اخيرًا حاولنا من خلال تحليل الأوضاع الاقتصادية الراهنة وتأثيراتها علي الطبقة العاملة المصرية وضع خطة خارطة طريق لتتكامل مع السياسات الوطنية الطموحة لتطوير سوق العمل المصري والتي تسعى لإجراء إصلاحات تشريعية ومؤسسية شاملة ، والاستثمار في رأس المال البشري.
وتتمثل خارطة الطريق في رصد أولويات محددة للإصلاح واقتراح سبل التطوير من منظور رؤية الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ، مستعرضاً أولويات الاصلاح وخارطة الطريق من خلال: الاطار التشريعي والمؤسسي و مراجعة التشريعات الاجتماعية المنظمة لعلاقات العمل لمواكبة متغيرات مستقبل العمل والتوافق مع معايير العمل الدولية، وضع رؤية لتطوير التشريعات الاجتماعية المنظمة لسوق العمل لتشمل قواعد تنظيم أنماط العمل المرن وغير التقليدي لوضع منظومة حماية تضمن حقوق والتزامات فئة تلك العمالة وضمان دمجهم داخل التنظيم النقابي والتمتع بخدماته.
وشملت رؤية الاتحاد تطوير المجلس الوطني للحوار المجتمعي لممارسة دوره بشكل اكثر فاعلية كمجلس استشاري يلبي تطلعات الشركاء الاجتماعيين في مصر، و تضمين قضايا مستقبل الوظائف وتطوير المهارات لاجندة المجلس الوطني للحوار المجتمعي من اجل وضع آلية أساسية لمناقشة وصياغة كافة السياسات المتعلقة بعلاقات العمل وعلاج مشكلات البطالة وتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية وغيرها من القضايا التي تؤثر بدرجة مباشرة علي استقرار القوي العاملة.
وفيما يتعلق بمنظومة التعليم والتدريب ، يري الاتحاد ضرورة مشاركة ممثلين عن المنظمات العمالية في لجان بمشاركة القطاع الخاص والحكومة لتطوير اطار الجدارات المطلوبة للوظائف، والمساهمة في تطوير مهارات القوى العاملة للمساهمة بفاعلية في سوق العمل، و تطوير قواعد بيانات عضوية المنظمات النقابية لتتبع المسار المهني وعلاقته بتطور المهارات، من اجل التعاون مع القطاع الخاص في تطوير العمالة والمساهمة في تصميم وتطوير خطط وبرامج التعليم والتدريب وفقًا لمعلومات سوق العمل المتاحة لدي المنظمات النقابية.
واشتملت الرؤية علي التركيز علي قضايا تطوير التعليم والتدريب وبرامجه وتطوير مؤسساته بشكل واضح للقضايا المتعلقة بالعمل وإضافتها للقضايا الداخلة فى الحوار الاجتماعي ، و ادراج أولوية زيادة مخصصات الانفاق علي الاستثمار في رأس المال البشري ضمن اجندة التفاوض والحوار مع الحكومة من خلال تخصيص صندوق مشترك يمول أنشطة التدريب المتصل بالعمل ، والمساهمة في تصميم المناهج والبرامج من اجل التوافق مع احتياجات سوق العمل المتزايدة وضمان تحقيق معيار المنافسة في رأس المال البشري كعنصر رئيسي للحفاظ علي العمال و اطلاق مبادرة لتوعية العمال بقضايا التحولات الكبرى كالتطورات التكنولوجية وتأثيرات التغيرات المناخية وتطوير ثقافة الاستقرار الوظيفي المرتبطة بعلاقة العمل الدائمة الي ثقافة التطوير وقيمة المهارات الذاتية كميزة تنافسية في سوق العمل.
وجاءت رؤيته المتعلقة بمظلة الحماية الاجتماعية، لتشمل تطوير الرؤية النقابية لمد مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل كافة طوائف المجتمع المصري لتفادي تأثير التطور التكنولوجي ونمو أنماط الوظائف الجديدة للحد من تأثيرات البطالة ، و وضع رؤية نقابية لتأثيرات مرونة سوق العمل وسياسات العمل النشطة في معدلات الطلب علي برامج الحماية الاجتماعية، كم تشمل الاطلاع على التجارب الدولية والإقليمية الناجحة في دور النقابات العمالية في تطوير رأس المال البشري وعلاقته بزيادة الطلب على برامج الحماية الاجتماعية، و اشراك ممثلي التنظيم النقابي المصري للمشاركة في متابعة تطبيق رؤية مصر ٢٠٣٠ وابداء الرأي في تقارير توطين مؤشرات التنمية المستدامة.
وقدم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ، رؤيته خلال مشاركته بوفد يرأسه عبدالمنعم الجمل رئيس الاتحاد ، و هشام فؤاد رئيس النقابة العامة للعاملين بالمرافق ، ومحمد حنفي رئيس النقابة العامة للعاملين بالاتصالات ، وعايدة محي الدين الأمين العام للنقابة العامة للعاملين بالبترول ، رافق الوفد خلال فاعليات المنتدي كارولين سمير وكيل إدارة التعاون الدولي والتدريب.