الحديث عن وضع ملاحظات حول مشروع قانون العمل الجديد قبل بدأ مناقشاته بالمجلس الاعلي للحوار الاجتماعى ، من الأمور التي أثلجت صدري ، خاصة أن تصريحات وزير العمل محمد جبران ، تؤكد أن المناقشات ستشمل كل الجهات المعنية بالقانون ، سواء اصحاب اعمال أو ممثلي عمال ، وتوجيه الدعوة لكل الجهات المعنية بالقانون والخبراء والمختصين القانونين من أجل قانون يستطيع أن يعيش سنوات أو مثلما قال وزير العمل في أول مؤتمر صحفي معه ، قانون يعيش 40 سنة.
البعض يري الأمر طبيعي وأنا معه ، ولكن عند الحديث عن توجيه الدعوة لمشاركة المجلس القومي لحقوق الإنسان في مناقشات القانون بالمجلس الاعلي للحوار الاجتماعي ، فهنا لابد أن اقف احتراما لصاحب الفكرة وتقديرا للإنسانية.
ولكن فكرة توجيه الدعوة للقومي لحقوق الإنسان ، فرضت علي تفكيري طرح جديد من نوعه أتمني أن يتناوله المعنيين بالقانون، واعتقد انها تتماشي مع الفكر الجديد في التعامل مع الحقوق الإنسانية للعاملين .
والفكرة باختصار والتي خطرت ببالي علي محمل الجد وليس الهزار، أن جائحة كورونا فرضت علي الواقع العملي نظام جديد وهو العمل عن بعد أو العمل من المنزل، وجعلت نظام العمل أكثر مرونة ، ولكن مقابل هذه المرونة أصبح العاملون يواجهون نوعا من الضغط من أجل بقائهم علي اتصال بالعمل طول الوقت ، وانتهت تقريبا فكرة ساعات العمل المحددة التي تستطيع بعدها غلق هاتفك والاستمتاع بوقتك كيفما تشاء.
فكرة البقاء علي اتصال بالعمل طول الوقت أحدثت خللا وعدم توازن بين العمل والحياة الشخصية ، فهل يمكن صياغة مادة داخل قانون العمل الجديد تعطي للعامل الحق في قطع الاتصال بالعمل وعدم الرد على صاحب العمل إلا في الحالات الطارئة دون تعرضه لأي عواقب، وتعتبرمادة ضمن مواد حقوق العمال .
اعلم أن لسان حالكم الآن يقول هذا لا يصلح للجميع وان هناك قطاعات معينة يجب أن تظل علي اتصال ومنها طبعا علي سبيل المثال الصحافة والإعلام والخدمات الصحية والتكنولوجية والمالية وخدمات الطوارئ وقطاعات أخري ، فهي مهن تحتاج دائما من العاملين بها أن يكونوا تحت الطلب نظرا لطبيعة عملهم .
إذن يجب علينا الطرح بشكل آخر، كيف تستطيع حقوق الإنسان أن تميز هذه الفئات التي سلبت منها بعض حقوقها الشخصية وتنص لها داخل قانون العمل علي مواد تعوضها عن استغلال وقتها خارج ساعات العمل؟
هذا الطرح ليس (افتكاسة ) ولكنها ابسط حقوق الإنسانية لبعض الفئات ، ولكم أن تعلمون أن هناك بلدان اتجهت فعلا لوضع قيود تمنع أصحاب الأعمال من التواصل مع الموظفين خارج ساعات العمل ومنها البرتغال التي فرضت غرامة مالية 10 آلاف يورو، علي الشركة التي تتواصل بعد ساعات العمل إلا في حالات الطوارئ ، وفي فرنسا أعطت الحق للعاملين بعدم الرد على أصحاب العمل في غير أوقات العمل دون أي عواقب عليهم.
يبدو أن وتيرة العمل السريعة والمتطورة و فرض أنماط عمل جديدة بعد جائحة كورونا ، ستتطور معه فكرة البحث عن سياسات مماثلة لحماية حقوق العمال بنفس النمط والوتيرة السريعة.
للحديث بقية ..
بقلم : نجوي ابراهيم رئيس التحرير التنفيذي لجريدة وبوابة العمال