قديما كنت اسمع مقولة تتردد كثيرا من افواه الكبار وهم يقولون “الانسان الكذاب يكذب الكذبة ويصدقها ” وكنت اشك فى ذلك القول إلا اننى رايت ذلك بام عينى ولم انتظر بيانا او تفسيرا، مهما تصنع من معجزات للاصلاح فاهل الضلال والكذب والنفاق فى مسلكهم سائرون،
وبالبحث والتدبر فى القران وجدت ذلك واضحا وجليا بين ايات كتاب الله وعلمت علم اليقين ان احتراف الجحود ليس بجديد على البشر، وما زال الزمان يأتينا بكل عجيب، الخائن يتحدث عن الوفاء والظالم يهددك بالدعاء والرخيص يتظاهر بالعزة، ماهذا الزمن الذي نعيش فيه؟
تبدلت المشاعر تحجرت القلوب وماتت الضمائر، يتكلمون عن الاخلاص وهم لايعرفون معناه، يتكلمون عن الأخلاق وبينهم وبين الأخلاق جبال عاتيه، يتحدثون كالأبرياء ويكتبون عن الوفاء ويتكلمون كالعظماء قلوبهم تنبض بالخيانه والظلم والكذب ويتهمون الناس ظلما وجورا، أحاسيس معدومة حب كاذب ووجوه عابسة ، ومازال الزمان يأتينا بكل عجيب،!
فى القران فرعون اتهم موسى أنه يتاجر بالدين فقال ( إني أخاف أن يبدل دينكم ) فى حين انه ادعى الالوهية فقال (انا ربكم الاعلى) واعلن خوفه من فساد مصر على يد موسى فقال ( أو أن يظهر في الأرض الفساد ) وصرح بوجود مؤامرة على البلاد يقودها موسى فقال ( إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها ) لم تتوقف التهم عند هذا الحد وانما اتهم موسى بالتخابر لمصلحة الأخرين مستعينا بهم لاثبات حجته فقال ( إن هذا إﻻ إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ) وهنا يتكرر المشهد اتهامات باطلة بالفساد وهدم البلاد وقهر العباد ونشر الرزيلة،
فى المشهد القرانى يطلب فرعون من عبيده التفويض بقتل موسى والخلاص منه وانقاذ البلاد من شره فقال ( ذروني اقتل موسى )
وقاد حملة شرسة واتهامات ضده فقال ( إن هذا لساحر مبين ) واستخف قومه خفاف العقول بأنه الوحيد صاحب الرأي فيهم وأن لا يسألو أحدا غيره عن مصر فقال ( ما أريكم إلا ما أرى )
واستعان باعوانه واشترطوا عليه بان ينالهم من الحب جانبا كما نقول نحن اليوم مقابل تلك المساندة ( قالوا إن لنا لأجرا ان كنا نحن الغالبين) فاعلن على الفور موافقته وعرض عليهم أعلى المناصب فقال ( نعم وإنكم لمن المقربين ) وتلك المشاهد تتكرر يوميا فى حياتنا، اصبحت المناصب والكراسى مطمعا لكل مشتاق وللوصول لذلك تنتهك الحرمات وتطلق الشائعات وتنتشر الاكاذيب، فلا تتعجب ،
ولأن طبيعة اهل الضلال يسلكون ماسلكه فرعون فى الاستخفاف بالعقول فلا ريب انك تسمع منهم كلما جاءتهم مصيبة قالوا إن موسى واخوانه هم السبب( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه )
وليس ببعيد ما فعله اهل نبى الله لوط من قبل فقد اصبح التطهر والبعد عن القبائح والفاحشة سبة فى جبين الانقياء ! فماذا قال اهل لوط قالوا (اخرجوا آل لوط من قريتكم انهم اناس يتطهرون) اى يتحرجون من فعل ما تفعلونه ، ومن إقراركم على صنيعكم ، فأخرجوهم من بين أظهركم فإنهم لا يصلحون لمجاورتكم في بلادكم . فعزموا على ذلك ، فماذا كان عقابهم من رب العالمين (فدمر الله عليهم وللكافرين أمثالها). ولا بد للقصة من نهاية سواء طالت أم قصرت فنهاية الظلم معروفة ( عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون )