Site icon بوابة العمال

محمد حربي يكتب: إنذار أُممي للاحتلال بلا ” فيتو ” !


قال تعالى: {… وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ…} صدق الله العظيم. لقد أثبتت التجارب التاريخية، أن العالَم لا يحترم إلَّا الأقوياء، ولا يفهم سوى لغة القُوَّة. وفي ضوء هذا، ينبغي قراءة السياق الزمني للأحداث في المنطقة؛ والتي جعلت معركة ” طوفان الأقصى” في يوم السابع من شهر أكتوبر (عام 2023م.)، ضرورة فرضتها ظروف الواقع!. وجاءت استجابة طبيعية؛ لمواجهة مخططات صهيونية خبيثة، تستهدف تصفية القضية الفلسطينية؛ لتمحوها من خريطة الشرق الأوسط الجديد!. وقد ظهر هذا جلياً؛ عندما وقف ” نتانياهو ” فوق منبر الأمم المتحدة في شهر سبتمبر (عام 2023م.)؛ ليلوح بخريطة خالية من دولة فلسطين!.
وكعادته حاول ” نتانياهو”، بث روح اليأس، وإشاعة ثقافة الوهن، والاستسلام في النفوس، لقبول الواقع؛ وبمرارة ذله!. إلا أن ” المقاومة الفلسطينية” افسدت عليه مخططه؛ عندما قامت تلبي نداءاً إلهياً، لقوله تعالى: {…وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ…} صدق الله العظيم. وكانت اختباراً لموازين القوى الحقيقية بين سلاح الإيمان بوعد الله للمؤمنين، وادعاءات مُضللة عن عدة وعتاد، و” قبة حديدية”، وتكنولوجيا عسكرية حديثة، وجندي إسرائيلي لا يُقهر؛ ولكنه فشل في حماية نفسه، وتوفير الأمن للمستوطن!. وفقد الاحتلال الإسرائيلي توازنه في المعركة!. وعادت الروح للقضية فلسطين، وبُعثتْ الحياة فيها من جديد. وفرضت نفسها على العالم؛ فتنبه إلى وجود احتلال صهيوني، من بقايا الاستعمار الكريه؛ مازال جاثماً على صدور الفلسطينيين وأرضهم!.
واخيراً، استيقظ الضمير الأممي من سباته!. فأعترف بأن فلسطين دولة ذات سيادة، ومنحها مقعداً بامتيازات إضافية، تمكنها من طرح مشاريع قرارات بنفسها، ودون الاعتماد على غيرها– على خلاف ما كان يحدث من قبل وكأنها تحت الوصاية -. وهذا نقلها من جانب ” الفاتيكان” وترك صفة العضو ” المراقب”، للجلوس في مصفوفة أبجدية الدول، بين جمهوريتي السودان، وسريلانكا الديمقراطية الاشتراكية، في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وسيظل التاريخ يذكر، أن أول مشروع قرار فلسطيني، من فوق المقعد الجديد، تستجيب له الجمعية الأممية، وبموافقة ثلثي الأعضاء، هو إنذار الكيان الُمحتل، ومنحه مهلة أثنى عشر شهراً؛ ليُنهي خلالها احتلاله الغاشم، وغير القانوني للأراضي الفلسطينية، التي يحتلها منذ (عام 1967 م.)!.
وجاء الإنذار الأممي للكيان الصهيوني، كإجماع دولي، لتأييدا الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الصادر خلال شهر يوليو الماضي، بشأن قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. والذي كان بناء على طلب سابق من الجمعية العامة للأمم المتحدة. والتي تملك من الأدوات والآليات الملزمة، وذات القيمة القانونية، ما تمكنها من تنفيذ الآراء الاستشارية للعدل الدولية؛ وبدون الحاجة للمرور بمصدات ” الفيتو” الأميركي في داخل مجلس الأمن الدولي. وهذا المجلس، بحاجة لإعادة النظر؛ خاصة وأن نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، دعا إلى حرمان الغرب من إمكانية “التلاعب” بمجلس الأمن، واستغلال حق” الفيتو”. والذي وفر للحكومات الإسرائيلية الصهيونية مظلة حماية؛ فتغطرست، وضربت بكافة القوانين، والقرارات، والأعراف الدولية عُرْضَ الحائط. وبدت وكأنها كيان فوق المحاسبة؛ فانسد أفق السلام، وتعرقل ” تنفيذ حل الدولتين “!.
وهكذا عاش الاحتلال الإسرائيلي رَدَحاً من الزمن، بعقلية متغطرسة، وملطخ بعار التنكر للقيم الانسانية؛ حتى أن (التاريخ لا يتسع لكل هذا العار)، على حد قول الروائي الياباني” ياسو ناري كاوباتا” – 1899م. – 1972م.-!. واستمر هذا الحال؛ حتى جاءت جمهورية جنوب أفريقيا؛ فكسرت هذا ” التابو ” – محظورات وخطوط حمراء -، وأيقظت جميع السائرين نياما، وفتحت لهم الباب، وشجعتهم على ملاحقة الاحتلال الصهيوني، وجرجرته للمحكمة الجنائية، و العدل الدولية؛ لمحاسبته على جرائم الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين؛ والتي لم تتغير سوى بزيادة الوزن!، وتراكم غبار اليأس، وضياع آمال وطموحات الفلسطيني الحالم، بوطن مستقل، منذ ستة عقود زمنية تقريباً. وبشكل دعا جمهورية الصين الشعبية، وعلى لسان ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، للمطالبة بضرورة “تصحيح الظلم التاريخي الذي طالما عاناه الفلسطينيون”.
ولعل هذا الموقف الصيني الصريح، والشجاع، قد أسقط ورقة التوت عن القوى الإمبريالية الغربية، ومنها الولايات المتحدة الأميركية؛ والذين يتغنون دائماً، بأنهم المدافعون عن الإنسانية، وهم وحدهم حماة القوانين. إلا معركة ” طوفان الأقصى “؛ قد كشفتهم على حقيقتهم، فظهروا وكأنهم تجار شعارات، يقولون ما لا يفعلون. حتى أنهم لم يخجلوا من أنفسهم، عندما انحازوا انحيازاً أعمى إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، وقدموا له كل الدعم العسكري اللامحدود. بل وتبنوا السردية الإسرائيلية الصهيونية، وساهموا في ” بروباغندا” شيطنة حركات المقاومة الفلسطينية، و” حماس”، لممارستها ما كفلته لها الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع من شهر ديسمبر (عام 1986م.)، بمنح الشعوب حق المقاومة من أجل الاستقلال. ويا للعجب!؛ فالأميركيون الذين حملوا السلاح بالأمس، للتحرر من الاستعمارين الإسباني والأوروبي، خلال الفترة ما بين( 1492م. وحتى 1800 م.)، هم أنفسهم اليوم؛ الذين ينكرون على المقاومة الفلسطينية وحركة ” حماس”، مقاومة الاحتلال الإسرائيلي؛ ليذكرنا ذلك بقول الشاعر العربي:” أحرام على بلابـله الدوح حلال للطير من كل جنس؟”.
وقد يُعد منح الجمعية العام للأمم المتحدة لدولة فلسطين مقعد بامتيازات إضافية، هو بمثابة استفتاء أممي على مشروعية حق المقاومة الفلسطينية لتقرير مصيرها، والحصول على استقلالها، بعد أن سقط من يدها غصن الزيتون – بضاعة كاسدة-؛ فرفعت البندقية، في مواجهة الكيان الإسرائيلي الصهيوني؛ من أجل تحرير أرضها، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس. وحتى يتحقق ذلك فإنه بحاجة إلى تضافر كافة الجهود العربية والإسلامية، للتحرك على الساحة العالمية؛ لفرض عزلة دولية على الاحتلال، دبلوماسياً، واقتصادياً. مع إشراك المجتمع المدني، بهدف تنظيم حملات مقاطعة شعبية للمنتجات ذات الصلة برأس المال الصهيوني. وقبل كل هذا وذاك، يجب دعم صمود المواطن الفلسطيني في داخل الأراضي المحتلة؛ وبشكل يحقق له الأمان المعيشي، ويغنيه عن العمل داخل المستوطنات الإسرائيلية، مكرهاً ومجبراً لسد المتطلبات والاحتياجات المعيشية لأسرته. وسيبقى جلوس وفد فلسطين على مقعدٍ بمزايا إضافية داخل الجمعية العمومية للأمم المتحدة مجرد بداية. فمازال طريق النضال طويل مع الإنذار الأممي للاحتلال و” الفيتو” الأميركي!.
كاتب وصحفي
Moiharby1968@yahoo.com

Exit mobile version