Site icon بوابة العمال

“10 ” أعوام على الشراكة الاستراتيجية المصرية – الصينية

تحقيق محمد حربي
شهد العقد الماضي، طفرة كبيرة في العلاقات المصرية- الصينية، كما شكل الجانبين المصري، والصيني نموذجا للمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. وكذلك تبادل الزيارات على أعلى المستويات، من القيادتين، ورؤوساء الوزراء، والوفود الوزارية والحزبية، والشخصيات العامة، وحتى الإعلامية. وعلى الرغم من هذا الحراك؛ إلا أن أحلام المصريين، تُبحر كل يوم إلى الشاطئ الصيني، بحثاً عن أسرار تجارب نجاحهم في حل معادلة التنمية، رغم تشابه ظروف البداية التاريخية في الكفاح للنمو بين مصر والصين!؛ وقد أصبحت اليوم في الميزان. ومازال المصريون يبحثون عن فك شفرة المعجزة التنموية الاقتصادية الصينية؛ قبل أن يعرفوا الصين!.


مخطط غربي

دعا الدكتور الصاوى الصاوى أحمد، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة بنها وخبير العلاقات الصينية ومؤسس الصالون الثقافي الصيني بالقاهرة، إلى أهمية فهم الصينيين حتى نستطيع الاستفادة منهم، وبشكل أفضل. موضحا أن الصين أقامت منطقة صناعية على مساحة 8 كلم مربع بالعين السخنة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. ونحو 250مصنع، في مناطق مختلفة، سواء في بني سويف، أو الفيوم، والصعيد، ومصنع كبير للأعلاف بمدينة السادات في المنوفية؛ وجميعها تخلق مزيد من فرص العمل للمصريين.

وقال الدكتور الصاوي: إن الإشكالية الحقيقية في العلاقات المصرية الصينية، تكمن في أن الصينيين، نجحوا في دراسة شخصية الانسان المصري، وبشكل جيد، في حين مازال المصريون حتى الآن، لم يعرفوا الصين ” في جوانب عديدة”؛ ولا حتى مزاج الانسان الصيني بشكل كافٍ. ولذلك فنحن بحاجة إلى أن نعرف الصين أكثر؛ حتى نستطيع أن نعظم استفادتنا منها، وبشكل أفضل.

وأضاف الدكتور الصاوي، بأن الصين تفتح أبوابها للشراكة، القائمة على مبدأ رابح- رابح، وبعيداً عن الهيمنة والاستغلال. إلا أن وجود طابور من بعض الموالين للغرب، يحاول التشويش على ذلك؛ ليفسد أي تقارب مصري- صيني. لافتاً إلى أهمية دور الإعلام، في تسليط الضوء على كل ما تقدمه الصين لمصر.

برامج التدريب الصينية

أكد السفير يوسف زاده – سفير مصر الأسبق في أوكرانيا، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أنه بإمكان الصين أن تقدم لمصر العديد، وخاصة في برامج التدريب والتأهيل التي تخلق الكوادر المصرية البشرية، ورفع كفاءة العاملين، في نقل خبرات الصين في مجالات التكنولوجيا، والتصنيع، مثل الصناعات التحويلية، والإلكترونيات، والطاقة المتجددة، وهذا التعاون يمكن أن يساعد على تطوير الصناعات المصرية، وزيادة الإنتاجية، وتحسين جودة المنتجات المحلية، مما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية. وكذلك يمكن أن تساعد الصين مصر في مجال الزراعة الذكية، والبحث العلمي الزراعي، والاستفادة من مراكز البحث الصينية في تطوير سلالات جديدة من المحاصيل، تكون أكثر مقاومة للآفات والجفاف وإنشاء مشاريع زراعية كبرى لتطوير الزراعة في الأراضي الصحراوية، مما يساعد في تحسين البنية التحتية الزراعية، وإيجاد حلول مبتكرة لزيادة الإنتاج الزراعي، وتوفير فرص العمل. وبشكل يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويعزز قدراتها الصناعية والزراعية.

اطماع استعمارية

أكد السفير الدكتور عبدالله الأشعل – مساعد وزير الخارجية الأسبق ، أن الانفتاح على الصين مأمون الجانب، حيث خط الجانب الصينى لنفسه نهجاً، ألا يتدخل في الشؤون السياسية الداخلية للدول؛ وأن يركز على الشراكات الاقتصادية، وفقاً لطريقة رابح- رابح. وهذا ما يميزه على النهج الاستعماري الغربي، القائم على التدخل في الشؤون الداخل للدول، والنزعة الاستعمارية الاستغلالية، واستنزاف موارد الدول؛ والتي أقام عليها صناعته وتقدمه، بأنانية مفرطة.

وقال السفير الأشعل: إن الصين على عكس هذا النهج الغربي الاستعماري والاستغلالي، مما يجعل التعامل مع الصينيين مأمون الجانب. إلا أن الجانب الصيني، يحتاج أن يرى رؤية وخطة واضحة يتعامل معها. ولذلك فأمام مصر فرصة كبيرة، للاستفادة من خبرات الصين في مجال تجربتها الناجحة مع الصناعات الصغيرة، ومتناهية الصغر؛ والتي يحتاجها الاقتصاد المصري بشكل كبير جداً في هذه المرحلة، كرافد هام للنهضة.

وأوضح السفير الأشعل: أن التوجه نحو الصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر، يحتاج إلى إعادة الاهتمام بورش التدريب، ورفع المهارات العمالية؛ لخلق كوادر بشرية مؤهلة. وهنا يأتي الدور الصيني لنقل خبراته للجانب المصري. مشيراً إلى إمكانية تنفيذ ذلك، من خلال الاستفادة من العلاقات الخاصة؛ التي تربط بين رئيس الوزراء المصري الأسبق الدكتور عصام شرف، مع القيادات الصينية.

وأشار السفير الأشعل: أن تحقيق كل ذلك يظل مرهوناً بمدى وجود رغبة حقيقية واتخاذ خطوات جادة، يتم تنفيذها بشكل عملي، من خلال التخطيط الجيد للاحتياجات؛ ثم الاستعانة بالكفاءات في كافة المجالات، عند القيام بعمليات التنفيذ. وتكون سياستنا هي التخطيط ثم الإرادة؛ وليس” تقديم الذيل على الرأس”.

ارضية جديدة

أشاد الدكتور ضياء حلمي الفقي الأمين العام لغرفة التجارة المصرية- الصينية، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، عضو اللجنة الاقتصادية، عضو لجنة الشؤون الآسيوية، رئيس المجلس العربي للتدريب بمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، بالدور الكبير الذي تقوم به جمهورية الصين الشعبية في دعم الاقتصاد المصري، عبر توطين الصناعة في مصر، بإنشاء المصانع، ونقل التكنولوجيا، وتدريب العمال المصريين، لخلق قاعدة وكوادر فنية على أعلى مستوى مهني. لافتاً إلى أن التعاون مع الجانب الصيني يسير بخطوات متقدمة، بعد مرور 10سنوات على الشراكة الاستراتيجية؛ حتى أنه يمكن وصف (عام 2024 م.) بأنه عاماً مثالياً للشراكة المصرية الصينية. مشدداً، على أن ” البريكس “؛ قد أضافت أرضية مشتركة جديدة للتعاون المصري الصيني.

وأكد الدكتور الفقي: إن الصين لديها خبرات متراكمة، واحرزت تقدما في قطاعات عديدة، منها الصناعة والزراعة، كما تملك التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي؛ وهذا يعطي زخماً كبيراً للعلاقات المصرية- الصينية؛ ليستمر التعاون بين الجانبين؛ والذي بدأ منذ أن تأسست العلاقات الدبلوماسية بينهما؛ وكانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تعترف بجمهورية الصين.


الوجه الاستثمارية

أكد كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة والهجرة الاسبق ان هناك تشابهاً كبيراً بين نمطي الإنتاج الصيني، والمصري، مما يسمح بنقل وتوطين الخبرات الصينية. موضحا أن كلا النمطان يختلفان عن نمط الاقتصاد الغربي، وعلى رأسه امريكا عموماً؛ الذي يهدف إلى خلق أسواق مستهلكة لمنتجاته، ويحارب أي توجهات وطنية في القيام بنهضة صناعية، أو زراعية؛ وبالتالي تظل محتكرة للأسواق، ومثال على ذلك تجارة محصول ” القمح”.

وقال الوزير أبوعيطة: لقد حان الوقت لنعطي ظهورنا للغرب، ونحول وجوهنا نحو الشرق، والنمط الصيني، صاحب الحضارة؛ الذي لم يستخدم تقدمه الاقتصادي سلاحاً استعمارياً؛ بل يحفز ويشجع الآخرين، ويمد لهم يد العون والمساعدة، من أجل التصنيع والزراعة الحديثة؛ والتي من شأنها أن تلبي الاحتياجات، وتغنينا عن الحاجة إلى الغرب الامبريالي، الاستغلالي؛ الذي يسعى للهيمنة، وخلق أسواق مستهلة لمنتجاته فقط.

توأمة مصرية صينية

أعرب الدكتور أحمد عبد الظاهر، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر الأسبق، ورئيس الاتحاد العام للتعاونيات المصري، ورئيس الاتحادين العربي والافريقي للتعاونيات، عن تطلعه أن تتحقق التوأمة بين الحركة النقابية العمالية في مصر، مع الحركة العمالية الصينية. موضحاً أنه يجمعهما تشابه وحدة الظروف النضالية؛ وطول التجربة؛ حيث بدأت تاريخ أول حركة نقابية مصرية، في (عام 1899م.). مشيراً إلى مواقفها الوطنية لدعم الزعيم جمال عبد الناصر، في بناء قلعة القطاع العام، وفي الحرب ضد الكيان الإسرائيلي المعتدي.

وقال الدكتور عبد الظاهر: إن طموح التوأمة بين الحركة النقابية العمالية المصرية والصينية، لم يخمد يوماً؛ وسبق له ترأس وفد من الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، ضم وزيرة القوى العاملة الأسبق- عائشة عبد الهادي، وسيد طه حسن، رئس النقابة العامة للبناء والأخشاب، وعضو مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وآخرين؛ الذين قاموا بزيارة للصين، وإجراء لقاءات مع قيادات من الحركة النقابية العمالية الصينية. موضحاً أن هذا التعاون أصبح أكثر أهمية في الوقت الراهن.

وأوضح الدكتور عبد الظاهر، أننا بحاجة إلى الحصول من الصينيين، على أسرار نجاحهم في تجربة الصناعات الصغيرة، ومتناهية الصغر؛ والتي تُعد بمثابة القاطرة، لباقي القطاعات الاقتصادية في المجتمع.

مكافحة الفقر

أكد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع – النائب عاطف محمد مغاوري، على أهمية دراسة أسرار نجاح التجربة الصينية في مكافحة والقضاء على الفقر، وما سجلته من إنجازات غير مسبوقة، وفي معدل زمني قياسي، والوصول إلى العمق الريفي، الأكثر فقراً. موضحاً أن تشابه الظروف الريفية المصرية مع الصينية شديدة الفقر؛ تجعل نقل تجربة النجاح الصيني ممكنة. مشيراً إلى أن حل مشكلة الفقر الريفي المصري، يمكن أن تكون بنقل تجارب الصين في التدريب والتصنيع، ودخول الشرائح الريفية حقل الإنتاج، فيصبحوا ذو قيمة إنتاجية، بدلاً من أن يظلوا عالة، يعيشون على معونات الصناديق الاجتماعية للدولة.

قوة مصر

قال الدكتور حازم عليوة- المدير الاكاديمي لجامعة بنها بالعبور: إنه لا توجد لدى الصينيين أي مشكلة في تزويد المصريين، بأسرار نجاح التجربة التنموية، والنهوض والتقدم. موضحاً، أنه من مصلحته أن تكون مصر وأفريقيا قوية؛ ولهذا دلالة سياسية، بالدرجة الأولى.موضحاً، أن الصين تعتبر مصر دولة صديقة؛ ولذلك يمد الصينيون أياديهم للمصريين، من خلال العديد من الشراكات، والبرامج التدريبية. مشيراً إلى أهمية التركيز على ورش العمل، وكذلك السعي نحو زيادة المنح الدراسية التي تقدمها الحكومة الصينية للجانب المصري؛ حيث أنها الآن ” 100″ منحة سنوية، ولكن يمكن السعي لزيادتها؛ ليستفيد أكبر عدد من الدارسين المصريين.

Exit mobile version