عبدالمنعم الجمل يكتب :عن المنافسة العادلة ..الدولة و القطاع الخاص .. ايهما يحتكر السوق؟

قرأت مقالا باحد المدونات التابعة للبنك الدولي ، يدعو الي
إصلاحات اقتصادية بافريقيا والشرق الاوسط ، ترسخ المنافسة العادلة، ويري كاتب المقال ان عقودا من هيمنة الدولة، وليست الفترات العابرة من التحرر الاقتصادي، هي التي شجعت احتكار الدولة أو القطاع الخاص من خلال الدعم، والتحكم في الأسعار، ووضع العقبات أمام دخول الشركات إلى السوق والخروج منها.

كاتب المقال هو ، رباح أرزقي كبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي ، وفي السابق كان أرزقي يرأس وحدة السلع الأولية في إدارة البحوث بصندوق النقد الدولي.

وبالطبع منصبه يكشف رؤية الغرب لوضعنا الاقتصادي باعتبارنا احد دول الشرق الاوسط وافريقيا ، والمؤكد ان رؤيتهم هذه لم تتغير منذ سنوات طويلة ومازالوا يتحدثون عن احتكار الدولة .

ويقدمون روشتاتهم الاقتصادية القائمة علي رؤيتهم القديمة ، الا يرون تراجع الدولة عن المنافسة وتخليها عن معظم شركاتها ، الا يرون انحياز الدولة للقطاع الخاص علي حساب قطاع الاعمال العام ، وحتي ما بقي منه فالايادي ممتدة ترحب بالمشاركة مع القطاع الخاص فيه .

المكتوب بين سطور المقال كشف لي كلاما كثيرا يقال منذ سنوات ومستمر حتي الان ، وهو ان الدولة لا يجب ان يكون لديها احتكار اوسيطرة علي السوق ، او ان تحصل شركاتها علي مميزات ، او تستحوذ علي صفقات ومشروعات ، علي اعتبار ان هذا يضر بالاقتصاد .

ولكن هذه الرؤية يمكن ان نأخذ بها كروشتة اقتصادية وربما يميل البعض لدعمها وربما دافعت عنها ايضا ، ولكن هذا الدعم وارد في حالة ان تكون الدولة مسيطرة علي السوق بنسبة ٤٠ او ٥٠٪؜، وقتها نفكر في هذه الرؤية والروشتة لنخلق نوع من المنافسة العادلة .

ولكن للاسف اكتشفت من خلال هذا المقال ان الروشتة الاصلاحية للاقتصاد والتي تأتي من الخارج تتحدث في المطلق وليس بما هو حقيقي وعلي ارض الواقع .

والحقيقة في مصر مختلفة عما يصوره الغرب ، فما هو حجم ما تنافس به الدولة في السوق وما هو حجم استثماراتها وانشطتها التي يقدم الغرب رؤيته لتحجيمها من اجل المنافسة العادلة .

اتمني ان اجد في مصر جهات بحثية تعمل علي حصر استثمارات الدولة لتكشف للاخرين انه لا توجد منافسة من الدولة للقطاع الخاص وان ما يتم طرحه من روشتات اجنبية مبنية علي خلفية عفي عليها الزمن وهي موضوعة مسبقا من قبل تنفيذ برنامج الخصخصة .

لماذا لا نعمل علي حصر المشروعات في كل قطاع ، فمثلا قطاع التشييد والبناء و بما انه القطاع المنغمس في قضاياه و استثماراته بحكم كوني عضو مجلس ادارة الشركة القابضة للتشييد والبناء ، من الممكن حصر كل شركات قطاع الاعمال العام به ، وحجم العمل بالدولة وقيمته ، ونقارن بين حجم العمل وقيمته بشركات القطاع الخاص ، ونقارن بين كبري الشركات لكل منهما ، فمثلا شركة سوديك او اعمار او اوراسكوم ، وبين شركة المقاولون العرب ،او مختار ابراهيم ، ونعقد مقارنة بين استثماراتهم وحجم اعمالهم وبين المتعاقد عليه وما تحت الانشاء ، وحجم العمالة في هذه الشركات .

سنكتشف حينها حقيقة قطاع الاعمال العام الذي يتحدثون عن حصوله علي مزايا او منافسته للقطاع الخاص ، ونجري هذا الحصر علي مستوي كل القطاعات ، وستكون النتيجة التي اعلمها جيدا ان الدولة لا تنافس وان المنافسة حقا غير عادلة ولكن القطاع الخاص هو المسيطر والمتحكم .

ياتري سيأتي يوما ونجد الخارج يضع لنا روشتة للنهوض بشركات الدولة ، ام ان الهدف علي مرور السنين ومنذ ايام السادات هو سعي الغرب للقضاء علي اقتصاد الدولة بكامل شركاتها واستثماراتها .
وللحديث بقية …

بقلم : عبدالمنعم الجمل رئيس النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والاخشاب ، ونائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر ، ورئيس سكرتارية العلاقات الدولية باتحاد عمال مصر
نائب رئيس الاتحاد الدولي للبناء والاخشاب لافريقيا والشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى