كتب: محمد حربي
الإهمال يقتل كل شئ جميل؛ حتى الإنجازات!؛ إذ لم يكد يمضي سوى أقل من خمسة شهور، على الاحتفال بتشغيل الجزء الثالث، من المرحلة الثالثة للخط الثالث لمتر أنفاق القاهرة الكبرى، وعلى وجه التحديد يوم 15 مايو (عام 2024م.). وليكن بمثابة القلب النابض للقاهرة الكبرى، لكونه يربط شرق القاهرة بغربها. وأنه من محطة “كيت كات”، يبدأ الخط الثالث للمترو ينفصل إلى محورين، أحدهما يسير في طريق إمبابة، دائري، نحو محور روض الفرج؛ وأما الثاني، فإنه سوف يمر من جامعة الدول وصولا إلى محطة جامعة القاهرة.
وقد تم إسناد إدارة الخط الثالث لمترو الأنفاق، إلى إدارة فرنسية، شركة (RATP)، أو الهيئة المستقلة للنقل في باريس. والتي لها تجارب إدارة مماثلة، في 15 دولة مختلفة، بما فيها باريس. مما يعني أن لديها الخبرات، نقاط الخطوط الاسترشادية، تدريب القائمين على المنظومة، بما فيها فريق خدمة العملاء؛ بما في ذلك الاستفسارات، والشكاوى، وطريقة التعامل مع الجمهور؛ وذلك بهدف فرض حالة من الانضباط، وخاصة فيما يتعلق بمستوى الخدمة المتميزة، وحالة القطارات.
ولكن على رأي المثل المصري ” اسمع كلامك أصدقك، وأشوف أموركم استعجب “. ففي مساء يوم الجمعة قبل الماضي، كنت على موعد لا أقول مع “القدر”، ولكن مع الشهادة على حال وأداء الخط المرحلة الثالثة من الخط الثالث لمترو الأنفاق، في مسار جامعة القاهرة. وقد بدأتها من محطة ” صفاء حجازي”. إذا وقفت لاستقل القطار، حتى محطة جامعة القاهرة. وفي البداية وصل القطار، مكتوب عليه “جامعة القاهرة”؛ فركبنا وجلسنا، وإذ بالميكرفون الداخلي للقطار، يعلن، بأن القطار سوف يتجه إلى ” محو روض الفرج”. ونفس الأمر تكرر مع القطار التالي له. حتى جاء القطار الثالث بعده، وركبنا؛ لنفاجئ بأن الإذاعة الداخلية للقطار، وكذلك نقاط الإضاءة لخط السير مختلفة عن المسار الطبيعي – وكما هو واضح في الصورة، ويبدو من الزجاج، فإن القطار كان فعلياً في محطة “جامعة الدول العربية”، بينما الإذاعة الداخلية واللمبة لخط السير تشير إلى محطة” البوهي “-. حتى إذا وصلنا إلى محطة ” جامعة القاهرة”، ونحن في طريقنا للهبوط بالسلم المتحرك – شديد الارتفاع، وبشكل شديد الانحدار أيضاً-؛ وفجأ توقف بقوة؛ لتتساقط الناس فوق بعضها، وفي حالة من الهيستريا والصراخ. وعندما توجهت إلى أحد الأفراد في الصالة، ونادى على الفني؛ فإنه بكل بساطة قال: إنه عطل فني” وبتكرر”. ثم توجهت لمسؤول المحطة؛ الذي أنكر، أن يكون هناك عطل فني؛ وربما ” طفل ” لعب في مفتاح التشغيل!. وسألني من قال لك فيه عطل فني، قلت له: ” الفني”. وأخذني وذهبنا للفني؛ الذي أكد له أمامي وجود عطل فني؛ إلا أنه أنكر قوله لي بأنه ” عطل متكرر!!”.
وفي اليوم التالي تواصلنا مع مسؤولة بالشركة الفرنسية (RATP)؛ التي حاولت في البداية، أن تجد المبررات؛ إلا أنني قلت لها: ماذا سيكون عليه الحال، إذا كان أحد قد سقط ومات أو أصيب إصابة بالغة من فوق السلم الكهربائي. ثم طلبت مني أن أرسل لها الصورة التي التقطتها، وتظهر مسار القطار، وأن امنحها بعض الوقت، حتى تستعلم عن الموضوع؛ إلا أنها تجاهلت حتى الرد علينا. ولا نملك من الأمر؛ إلا أن نضع القضية بين يدي الفريق مهندس كامل الوزير- نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير وزارتي النقل والصناعة، واللواء طارق جويلي، رئيس الهيئة القومية للأنفاق، وقيادات الشركة الفرنسية (RATP)؛ حتى لا يكون هناك من الإهمال ما يقتل.