Site icon بوابة العمال

” الرئيس إبراهيم الحمدي: معجزة البناء والمشروع” صفحة في تاريخ اليمن يرصدها توفيق المخلافي

كتب: محمد حربي
مازال اليمنيون، يذكرون الرئيس إبراهيم محمد الحَمْدي، أحد زعماء العالم الثالث وقائد مسيرة نهضوية أجهضت في بواكيرها؛ ليتوقف حلم تحديث وتنمية اليمن. ولم تدم فترة حكمه القصيرة أكثر من ثلاث سنوات تقريباً، من عام 1974م.، حتى عام 1977م.؛ والذي انتهت حياته في جريمة سیاسیة معقدة، تفوح منها رائحة مصالح إقليمية، وأيادِ استخبارات دولية؛ وقد نسجت السلطة اليمنية وأعوانها الإقليميين، كثيراً من القصص والروايات الزائفة؛ التي لم يقتنع بها الرأي العام اليمني. وقد ظلت بعض الحكايات الغريبة، التي تستهدف الاساءة إلى ” الرئيس الحمدي “، تفوح منها رائحة مصالح إقليمية ودولية. واليوم، وفي نفس المكان، الذي وقف فيه ” الرئيس الحمدي” ذات يوم، عام 1976م.، عندما كان رابطة لطلاب اليمن، قبل أن يتحول إلى مركز ثقافي يمني بالقاهرة. واليوم جاء أحد أنصاره السياسيين اليمنيين، المهندس توفيق المخلافي، ليستحضر روح ” الرئيس الحمدي” إلى مكانها القديم داخل البيت اليمني بالقاهرة؛ ليقدم اضاءة مهمة، ويحلق بالحضور، من الرموز السياسية اليمنية، وفي مقدمتهم مستشار رئيس الجمهورية، ووزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي؛ حول الجوانب المضيئة في سيرة ومسيرة ” الرئيس الحمدي”؛ الذي أصبحت حياته القصيرة في حكم اليمن، محفزة لكثير من اليمنيين للبحث في جوانبها، واكتشاف أسرارها، وهو ما ترجمه الفيلم الوثائقي ” الغداء الأخير: : قصة اغتيال الحمدي”؛ والذي تمت ترجمته إلى اللغة الإنجليزية.

وخلال حفل توقيع لكتاب “الرئيس إبراهيم الحمدي.. معجزة البناء والمشروع” للكاتب توفيق عبد الجليل المخلافى؛ أقيم بالمركز الثقافي اليمنى في القاهرة؛ فقد أعلن نائب مدير المركز- نبيل سبيع، ترحيبه بالحضور، واعتزازه بتنظيم المركز، لحفل توقيع الكتاب يوثق لمرحلة تاريخية مهمة في حياة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي؛ الذى سبق وأن ألقى كلمة في لقاء رابطة طلاب اليمن، في مصر في منتصف حقبة سبعينيات القرن الماضي.
اومن جانبه أكد الكاتب الصحفي محمد الشافعي- تحرير مجلة الهلال، خلال إدارته للفعالية، على أن الكتاب يأتي في لحظة مهمة، ليفجر طاقات الشباب اليمني من جديد، ويحثهم على الوحدة، وإعادة البناء للجمهورية اليمنية، من خلال ما يقدمه الكتاب من عملية سرد لمحطات مهمة ونقاط مضيئة في التاريخ اليمنى والعربي؛ الأشد احتياجا لنموذج في الحكم الرشيد؛ كما جسده الشهيد الحمدي. موضحاً أن الكاتب توفيق المخلافي؛ قد بذل جهداً كبيراً، وقدم رؤية تحليلية توثيقية، منطلقاً من انتمائه الفكري، والعقدي، وانتمائه لمنظومة فكرية محترمة. مشيراً إلى أن الكتاب يقدم اطلالة على تجربة الشهيد إبراهيم الحمدي، والتي اجهضت سريعاً؛ والتي كان من الممكن، أن تنقل اليمن نقلة نوعية. لافتاً إلى أن الكاتب لديه الحماس، لتقديم تجربة مضيئة، في وقتنا العربي المظلم.

وأضاف الشافعي، أن الكاتب توفيق المخلافي، يقدم رؤية بانورامية حول “الرئيس الحمدي”، والوضع اليمني خلال هذه الفترة. موضحا بأنه على مدى سنوات مضت، سعى الاستعمار إلى ازكاء روح القبلية، والعرقية والطائفية والمذهبية، في العديد من الدول العربية، ولم يتم الالتفات لهذه المسألة؛ ولذلك يتم قطف ثمارها في العراق، لبنان وسوريا؛ بينما عمل “الحمدي “، قطع الطريق عليها في اليمن، وقام بإلغاء وزارة شؤون القبائل؛ بحيث الانسان يكون مواطن في الدولة، بدون عرق أو مذهب وطائفة.
وقد بدأ الكاتب توفيق المخلافي، حديثه من نقطة نشأته في مدينة تعز، ومسيرته التعليمية، وملامح الحياة الخصبة، والتعليم المزدهر آنذاك، بفضل المعلمين المصريين، وذكريات مدرسة الثورة الثانوية، والتي أنشأتها مصر، بجانب مدرسة الشعب الصناعية التجارية، التي أنشأها الاتحاد السوفيتي. مع وجود مدرستين للبنات، وهما: سبأ، وأجواء الأنشطة الطلابية، وتنمية المواهب. موضحاً المناخ السياسي والثقافي المزدهر في هذه الفترة، من حيث انتشار المراكز الثقافية، والمكتبات، ووصول الصحف والمجلات المصرية. حيث كانت هناك مكتبة الوعي الثوري، والطليعة، بالإضافة للباعة المتجولين، مع “مجلة العربي “من الكويت؛ حيث كان هناك مجتمع يقرأ. لافتاً إلى ما كان من صحف يمنية آنذاك، مثل صحيفة “الجمهورية “في تعز، و”الثورة “في صنعاء.

كما قام الكاتب توفيق المخلافي، بإلقاء الضوء على الحالة الاقتصادية، في فترة حكم “الحمدي”؛ والتي اتسمت بالازدهار الكبير، على الرغم من شح وندرة الموارد؛ إذ لم يكن هنا، لا نفط، ولا غاز؛ وإنما كان هناك رجل قدوة، بدأ بنفسه، وضرب المثل الأعلى في والنزاهة والتقشف. واعتمد في مشروع نهضة وتنمية اليمن، على قطاع الزراعة، وتحويلات المغتربين؛ الذين آمنوا بفكر الرئيس ” الحمدي”، ووجدوا في الرجل حاكم نزيه.
وكذلك، ألقى الكاتب المخلافي، الضوء على تجربة لجان التصحيح المالي والإداري، من اللجنة العليا للتصحيح، الجهة العليا للمحافظة، اللجان الفرعية للمكاتب، ومقرات الوزارات، والرقابة والمحاسبة؛ وكلها اعتمد فيها “الحمدي”، نظام الثواب والعقاب. وهذا كان له انعكاسه على المجتمع، وتنميته وازدهاره. مع الإشارة إلى تجربة التعاونيات في الفترة، من عام 1974م.، حتى عام 1977م؛ والتي اعتمدت على فكرة ” التنمية من أسفل”؛ بحيث تبدأ التنمية من القاعدة الريفية، لا من المركز أو العاصمة. والتركيز على التنمية بالمشاركة، أي معرفة الاحتياجات، وتحديد الأولويات، والأساسيات، وبالتالي المشاركة، من أجل استدامة المشاريع، مع مشاركة الدولة؛ وبالتالي كانت اليمن كلها ورشة عمل.
وقال الكاتب المخلافي: إن ” الرئيس الحمدي” عاش يحلم لوطنه وشعبه، وكانت تعز، هي الحامي لمشروعه، وأنه أحب تعز وأحبته؛ حتى أن لم يغب عن تعز في أي مناسبة، لا في 26سبتمبر، ولا 13يونيو، ولا في “عيد العمال” وأول مايو. مع الإشارة إلى زيارتين رسميتين، مع الشيخ زايد بن سلطان، وأخرى من جعفر النميري، وسياد بري، وعلي سالم البيض، في مؤتمر أمن البحر الأحمر بمدينة تعز. لافتاً إلى أنه على الرغم من تحريم الدستور اليمني للحياة الحزبية؛ إلا أن السياسة كانت مزدهرة بحراك الحركة الطلابية، وأنشطة الكشافة والمرشدات.
وقد قد الكاتب توفيق المخلافي، شهادته عن هذه الفترة، بحكم أنه كان قريب من لجان التصحيح المالي والإداري؛ حيث كان لشقيقه الأكبر عبدالملك المخلافي- الذي شغل مؤخراً مستشار رئيس الجمهورية ووزير خارجية اليمن، حيث كانت تربطه علاقات وصداقات وطيدة مع الناصريين آنذاك؛ الذين كانوا متواجدون، في لجان التعاونيات.
وكذلك روى الكاتب توفيق المخلافي، مشهد مشاركته مع فريق الكشافة والمرشدات، في الاستعدادات التي تمت، من أجل استقبال ” الرئيس الحمدي”، والعروض الكشفية في ميدان الشهداء، وتنظيم الجماهير. كما تحدث المخلافي، عن فترة مخيماتهم ومعسكراتهم الشبابية، في مدرسة الفجر الجديد؛ حيث كانت تحضر لهم في الصباح سيارة المظلات بالجيش اليمني، لتأخذهم إلى ريف اليمن، للمشاركة مع المواطنين في شق القنوات، وأنها كانت فرصة للتعرف على أحوال القرى الريفية.
وقال الكاتب توفيق المخلافي: إنه في أحد معسكرات الكشافة، كان من المحظوظين بمقابلة ” الرئيس الحمدي”، ومصافحته؛ حيث كان في ذلك خلال اخر سنة من حياة “الحمدي”؛ وذلك في أحد شهور فصل الصيف، في خارج منطقة تعز، وكان يوم ” الجمعة”. ووقتها كانوا في مخيم فوق قمة التبة، والشباب يتدربون في الميدان. وعندئذٍ وصلت لهم تعليمات بسرعة الاستعداد لاستقبال ” الرئيس الحمدي”، وعلى الفور أسرع الشباب بمغادرة ميدان التدريب، والصعود للتبة، من أجل ذلك.
ويستمر المخلافي، في وصف الصورة، عندما نزل لمشاهدة موكب ” الرئيس الحمدي”، وفوجئ بأنه أخذ طريق في اتجاه ” مدينة الحديدة”، وتجاوز مدخل المعسكر، بسبب أن محافظ ” تعز” عبدالسلام الحداد، لم ينتبه لذلك. ثم بعد وقت يقترب من النصف ساعة، عاد الموكب، وأنها كانت فرصة لمنح شباب المعسكر فترة كافية للخروج من ميدان التدريب، والصعود للتبة، والاستعداد لاستقبال ” الرئيس الحمدي”، الذي كان مثلهم الأعلى؛ حتى في طريقة الزي الذي يرتديه. مشيراً إلى أن صعود” الرئيس الحمدي” إلى التبة، وزيارة الشباب في معسكرهم، كان حديث كل الأهالي من حولهم في المنطقة؛ الذين لم يكونوا يصدقون، ما يشاهدونه.
ومن المحطات التي توقف عندها الكاتب المخلافي، في سيرة ومسيرة ” الرئيس الحمدي”، هي حرصه على تحقيق العدالة. وتصميمه عام 1976م.، على تنفيذ حكم الإعدام، والتصديق عليه، في عدد من الفتيان أبناء تجار أثرياء؛ الذين قاموا بعملية اغتصاب لطفلة، وتسببوا في وفاتها. وتم إعدام الفتيان في الميدان الذي به المكان الذي ارتكبوا فيه جريمتهم، حتى تهدأ نفوس أهالي الضحية.
وأضاف الكاتب المخلافي، بأن الدافع الحقيق للكتابة عن ” الرئيس الحمدي ” الآن، يرجع إلى وقعنا السيء الذي نعيشه في الوقت الراهن، والمشاريع الصغيرة. وإبراز تأثير ” الحمدي”، كحلم حقيقي، اعطى لجيلهم حب اليمن، والتمسك بالأمل. وأن ” الحمدي” وضع لبنة معجزة البناء، في فترة قصيرة نحو ثلاث سنوات وأربعة شهور. وكانت فيه دولة مدنية حديثة، بمعنى الكلمة، مع وجود هيبة للدولة. كما أن ” الرئيس الحمدي ” غرس الامل في أجيال المستقبل.
ونوه المخلافي، إلى أن طريق ” الرئيس الحمدي ” لم يكن مفروشاً بالورود؛ حيث خاض معارك كثيرة، من أجل تصحيح المسار؛ خاصة في ظل مصالح قوى مجاورة، ونفوذ قبلي على الوحدات العسكرية. وكان لابد من خطوة للوحدة، وهذا ما فعله ” الرئيس الحمدي ” في (عام 1971م.)، عندما طرح فكرة مشروع لتوحيد الجيش، وحققه في 27 أبريل (عام 1975م.)؛ مشيراً إلى حالة الهيبة التي اتسم بها الجيش، ومتابعة الشرطة العسكرية لكل شيء وهيبة. وكان هناك شعور بوجود دولة بمعنى الكلمة، وهذا أقر به حتى الخصوم.
وشدد الكاتب توفيق المخلافي، على أن حياة ” الرئيس الحمدي”، سوف تبقى ساحة مفتوحة لكل من يريد أن يبدع فيها؛ حيث أن خطاباته وحدها تحتاج إلى كتاب. وأن ” الحمدي “كان ابن اليمن جميعاً.
ومن جانبها قامت بالتعقيب الباحثة- عبير عوض، نيابة عن علي عبدالله الضالعي، موضحة أن كتاب الكاتب توفيق المخلافي ” إبراهيم الحمدي: معجزة البناء والمشروع”، يحكي عن مرحلة مهمة في تاريخ اليمن، خلال فترة حكم ” الرئيس الحمدي”، والتي لم يتجاوز عمرها الثلاث سنوات وأربعة أشهر تقريباً؛ وفيها قد حقق للوطن والمواطن إنجازات غير عادية. مشيرة إلى المحاولات المستمرة من جانب الأعداء، طوال السنوات الماضية، لطمس إنجازات الشهيد “إبراهيم الحمدي”. وضربت أمثلة على ذلك، في عملية تغيير اسم صحيفة 13 يونيو، وكذلك تغيير المدارس التي كانت باسم 13 يونيو، إلى أسماء أخرى؛ وحتى وصل الهوس والحقد إلى قطع الأشجار، والتي غرست، وتمت زراعتها في عهد الشهيد إبراهيم الحمدي. وكذلك منع التحدث عنه أو نشر صور له ”
وأضافت الباحثة عبير عوض، أن كتاب توفيق المخلافي، حول ” الرئيس الحمدي”، تكمن أهميته، فيما احتوى من الحديث عن مرحلة خصبة من اهم مراحل تاريخ الوطن في العصر
“الحمدي “؛ الذي لم يكتف بإعادة سير النظام والسلطة على طريق ثورة 26 سبتمر 1962 ؛ بل عمل على استنهاض دور المجتمع بالمشاركة في التنمية والتطوير، عبر هيئات التعاون الأهلي، بالإضافة إلى سن القوانين المنظمة لمختلفة المجالات، بما فيها المنظمة للوزارات، ووضع الخطط الاقتصادية والاجتماعية، والتهيئة لإقامة تنظيم سياسي، بطرح فكرة المؤتمر الشعبي العام؛ والذي طرح فكرته في مدينة الحديدة، بخطابه في الذكرى الثالثة لحركة 13 يونيو.
وأما تعقيب، وشهادة مستشار الرئيس ووزير الخارجية اليمني الأسبق عبدالملك المخلافي، عن مرحلة ” الرئيس الحمدي”، فسوف يتم نشرها في وقت لاحق.

Exit mobile version