أهم الأخبارالعمالعرب و عالم

أرزقي مزهود الأمين العام لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية في حوار لجريدة العمال

 

التضخم وتراجع قيمة العملة وغياب الحماية الاجتماعية أكثر التحديات المرعبة بالدول الإفريقية

النقابات الناجحة ليست حزب معارض .. و لا تستهدف انتقاد  السلطة وتربط حقوق العمال بمصالح الوطن

 استقطاب الحركة النقابية للشباب والمرأة ضرورة حتى لا تصاب بالشيخوخة 

لا أحد ينكر دور الحركة العمالية المصرية في تأسيس ودعم منظمة الوحدة النقابية الإفريقية

البريكس سيحقق التوازن لعالم أكثر أمن وعدالة ويوفر فرص عمل لإفريقيا 

نحتاج لتشريعات تحقق الأمان وتحمي حقوق العمال الأفارقة 

حوار : نجوي ابراهيم 

من الشخصيات النقابية ذات العمق النقابي علي المستوي الإقليمي والدولي ، له رؤية وتحليل واقعي لوضع وأداء الحركة النقابية الإفريقية ، الحديث معه لا يخلو من الصراحة والوضوح والواقعية . . أنه ارزقي مزهود الأمين العام لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية.

مؤمن بأن قوة النقابات والعمل النقابي هو قوة وامان للاوطان ، لأن الايادي التي تبني هي الايادي التي تحمي وانه ليس من مصلحة الحكومات وأصحاب الأعمال في القارة الأفريقية إضعاف الحركة النقابية.

يرفض الموائمات ويعترف بأن الحركة النقابية الإفريقية أصابتها الشيخوخة ولديه الامل بأن يكون تجمع البريكس طوق النجاة والخلاص من الازمات الاقتصادية والفقر داخل القارة السمراء.. فإلي نص الحوار .

ـ تاريخ نقابي يحمل الكثير من الخبرات كيف تري الوضع العمالي في القارة الأفريقية ؟

الوضع في دول أفريقيا يحتاج الي تشريعات تحقق الأمان لكثير من فئات العمالة ، لأن التطور خلق انواع وأنماط جديدة للعمل تحتاج لتشريعات تحميها وتحافظ علي حقوقها و تنظم وتحدد أوقات عملها، وهو وضع يقع علي عاتق النقابات العمالية ، التي ينبغي عليها أن تفكر في كيفية استقطاب هذه الفئات وتنظيمها وحمايتها .

ـ الأمر يحتاج إلي مزيد من الإيضاح حول التحديات التي تواجه العمالة الأفريقية ؟

أري العديد من التحديات التي تواجه العمالة الأفريقية ، ولكن أبرزها وأخطرها وجود نسبة كبيرة من العمالة غير الرسمية والتي تتعدي نسبة 80% حسب إحصائيات منظمة العمل الدولية ، وتزداد هذه التحديات في دول غرب أفريقيا .

ايضا ظاهرة التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية من التحديات المرعبة في ظل تراجع وغياب الحماية الاجتماعية لهذه العمالة ، خاصة في الدول ذات التبعية الإقتصادية ، فلا يخفي علي أحد أن الاقتصاد الإفريقي يعتمد على استخراج المواد الأولية وليس هناك تصنيع ،ويتم الاعتماد علي الإستيراد والذي يمتص بدوره كل العملة الأجنبية التي تتحصل عليها الدول الإفريقية من المواد الأولية التي تستخرجها.

هل هذه أبرز التحديات من وجهة نظرك ؟

لدينا مشكلة أخري في إفريقيا نتيجة الحرب الأوكرانية ، والتي خلقت مشكلة في الطاقة والمواد الغذائية وارتفاع أسعارها مما أثر علي كثير من البلدان التي تعتمد علي المواد الغذائية والطاقة التي تعتمد عليها حياة البلدان .

إذن يتأثر العمال بالتحولات الجيوسياسية ؟

بالتأكيد .. فالعمال هم الحلقة الأضعف في المعادلة ، وهو ما يتطلب تعزيز دور النقابات وتمكينها ليصبح بإمكانها استيعاب هذه التغيرات والتحولات لحماية العمال من تأثيرها.

ـ هل تري أن النقابات العمالية في افريقيا بشكلها الحالي تستطيع أن تستوعب هذه التحديات ؟

لا.. النقابات العمالية تمر بمرحلة ضعف من حيث التنظيم وتراجع نسب الانتساب ، إلي جانب ضعف الموارد ، فلا يوجد أموال بالنقابات الأفريقية لأنها نقابات فقيرة ، كما أنها تحتاج إلي تنمية القدرات من خلال التدريب والتثقيف، وإن لم تدرك النقابات خطورة هذا الوضع والعمل علي تغييره سوف يزداد الأمر سوءا .

ـ من أين تبدأ مرحلة التغيير ؟

من ديمقراطية النقابات وإعادتها للعمال واحترام اختيار العمال ، وان تنفتح علي كل الجهات والفئات والتقرب من العمال وعودة دور التربية العمالية فعلي النقابات العمالية دور تربوي تثقيفي.

مقترحاتك لتنفيذ هذا الدور علي أرض الواقع وسط ما ذكرته من تحديات وضعف الموارد؟

هناك إشكالية يمكن الإعتماد عليها مثل التثقيف الحلقي داخل المنشآت وأماكن العمل من خلالها يمكن تدريب وتثقيف العمال وتنمية وعيهم .

ـ ولكن أليست هذه الحلقات داخل العمل قد تسبب لأصحاب الأعمال الخوف والقلق وربما السعي لوقفها؟

أعي ذلك تماما .. ولكن داخل هذه الحلقات التثقيفية يجب أن يعرف العامل أن مصيره مرتبط بمصير المؤسسة أو الكيان الذي يعمل به ، لأن نسبة مكتسباته مرتبطة بنسبة أرباح الشركة ، وهذا يحتاج إلي ادوات للتفاوض ، وعلي المؤسسات أن تثق بأن هذه الحلقات تمتص غضب العمال وتحفزهم علي العمل و زيادة الإنتاج .

ـ هذ الطرح يجعلنا نتطرق الي سؤال هام .. هل من مصلحة الحكومات وأصحاب الأعمال الذين يواجهون تحديات التنمية إضعاف النقابات؟

بالتأكيد لا.. ليست من مصلحة الدول والحكومات و أرباب العمل إضعاف النقابات العمالية لدرجة فقدان مصداقيتها ، بل نحتاج الي نقابات قوية تساهم في تعبئة طاقات العمال وحثهم علي بذل الجهد من أجل الإنتاج والإستقرار والأمن الإجتماعي والأمن الوطني.

(اقول دائما أن اليد التي تبني هي في نفس الوقت اليد التي تحمي، وإذا اضعفنا اليد التي تبني فقد اضعفنا اليد التي تحمي )، وعلي الجميع أن يدرك أن النقابات القوية لا تعني زعزعة الاستقرار ، لأن هذا لا يخدمها بل يكون الخنجر الاول للعامل نفسه.

ـ مفهوم النقابات القوية من وجهة نظرك ؟

أن تكون نقابات ذات مصداقية ، تتقن فن التعامل وقواعد الحوار الإجتماعي وتربط مصالح العمال بمصالح الوطن ، و لا يمكن الفصل بينهم ، فلا يوجد تناقض ابدا بين مصالح العمال ومصالح وطنهم .

ـ فما رسالتك للحركة العمالية الإفريقية ؟

المصالح تزول ولكن يبقي الوطن ، ولن يتحقق ما نحلم به من عدالة وحوار اجتماعي في ظل نقابات غائبة فقدت مصداقيتها ، وهذا هو الخطر الذي يواجه بلداننا واوطاننا .

لابد أن يعي الجميع أن تاريخيا النقابات في افريقيا هي جزء من الحركة الوطنية التحررية ، فكانت في الماضي بالخطوط الأمامية للاستقلال والتحرير واليوم لها دور في التنمية والحفاظ على الإستقرار والرقي الإجتماعي.

ـ يبدو انك غير راض عن الوضع النقابي في افريقيا ..فما تشخيصك للوضع الحالي ؟

دائما نبحث عن الأفضل ولكن نتيجة تراكمات و موروثات طغي علي النقابات العمالية الإفريقية طابع الشيخوخة والذكورة.

ـ ماذا تعني بالذكورة ؟

أعني بالذكورة غياب العنصر النسائي عن العمل النقابي في نسبة الإنتساب والتمثيل ، فالنسب ضعيفة ، وتراجع دور النساء مسألة ثقافة و موروثات بأن ظروف النساء لا تسمح نتيجة التزاماتهن الأسرية وكأن النقابات عمل ذكوري فقط ، أيضا وجود نقابات بها وظائف مرتبطة بالرجال مثل المناجم ، أيضا سيطرة الرجال علي النقابات .

ـ وماذا تعني بأن النقابات اصابتها الشيخوخة؟

أعني عزوف الشباب عن اقتحام العمل النقابي وأنه لابد للنقابات العمل علي استقطاب الشباب وتدريبهم على المسئولية وتثقيفهم بأهمية الإنضمام للعمل النقابي.

وكيفية إقناع الشباب بذلك ؟

الشباب عُرضة لأستراتيجية أرباب الأعمال بإضعافهم واصابتهم بالهشاشة نتيجة عقود العمل المؤقتة القابلة للإنهاء دون ترتيب حقوق ، فأصبح لدي الشباب حالة من الرعب والتخوف من فقدان الوظائف نتيجة هذه الإستراتيجية التي افقدتهم الطاقات .

ـ هل تعني أن عزوف الشباب عن العمل النقابي سببه الخوف من الصدام مع صاحب العمل .. فهل العمل النقابي يعني معارضة أصحاب الأعمال أو الحكومات ؟

بالعكس تماما .. الجميع يتكامل من أجل الوطن ، والنقابات الناجحة ليست من تهاجم الحكومة أو أصحاب الأعمال ، فهي ليست حزب معارض و دورها ليس انتقاد السلطة بل طرح مشاكل العمال وتحسين ظروف العمال وليس تغيير النظام .

ولكن يوجد جزء لا يمكن تغافله فيما يتعلق بالشيخوخة وهو تمسك بعض القيادات في النقابات بموقعها النقابي نتيجة الامتيازات التي يحصل عليها البعض سواء مادية أو معنوية ، والبعض لديه تطلعات الي مناصب ويريد الحفاظ علي مكانه النقابي ويظل لعدة دورات نقابية دون ضخ دماء عناصر شبابية جديدة وبالتالي علينا وضع آليات ديمقراطية منظمة حتي لا نشجع علي التعمير كثيرا في المسئولية النقابية.

ـ شاركت بمنتديات مجموعة البريكس فكيف تري تأثير هذا علي العمالة في افريقيا ؟ 

مجموعة البريكس هي ردفعل لنظام عالمي جائر ، وتكتل البريكس من شأنه أن يساهم في بناء عالم متوازن وغير مختل ، خاصة بين دول الشمال والجنوب ، وأري أن هذا التوجه العالمي سيساهم في توازن العالم وسيعطي فرص أكبر للعمال وخاصة في البلدان التي تسير في طريق التنمية، وجميعنا مؤمنون بأن الهيمنة تزيد من الظلم والغبن والفقر وضحايا هذا هم العمال وأسرهم ، ولهذا فإن إحداث التوازن من خلال التعامل بالعملات النقدية المحلية سيضعف الهيمنة ويجعل العالم أكثر توازنا وسلما وأمنا وعدالة.

ـ ماتقييمك لـ علاقة اتحاد نقابات عمال مصر بمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية ؟

مصر جزء هام من المنظمة منذ التأسيس في ابريل 1973 وحتي الآن ، وله دور محوري كبير منذ التأسيس لتعزيز المنظمة وتعزيز مكانة العمالة الإفريقية ، ولا أحد ينكر دور الحركة العمالية المصرية في التضامن مع اخوانها في افريقيا ، وما قدمته من دعم لوجيستي وسياسي ومادي، وهو ما يؤكد أن العمال المصريين جزء من العمال الافارقة، وبينهم تاريخ مشترك وايضا طريق ومستقبل مشترك وهو تضامن ووعي بوحدة المصير مما يبشر بالانتصار لصالح العمالة الأفريقية.

هل نشهد قريبا نشاطات نقابية مشتركة بين اتحاد عمال مصر والمنظمة ؟

دائما اتحاد عمال مصر حاضر في أنشطة المنظمة في افريقيا ودوليا ، والأنشطة القادمة مرتبطة بالإمكانيات المتاحة وننتظر الدعم من الاعضاء لأن غياب الإمكانيات لدينا يصب في صالح أطرافه ويتم استغلاله ، فالمنظمة تحتاج إلي دعم لأن قوتها من قوة عمالها ومصلحتنا في تبني حركة نقابية قوية .

كم مر من عمر منظمة الوحدة النقابية الإفريقية وكم عدد الدول الأعضاء بها؟ 

منظمة الوحدة النقابية الإفريقية تضم في عضويتها 55 دولة ، وتأسست في 13 ابريل 1973، وحدت عند إنشائها ثلاث منظمات قارية ، بهدف توحيد الحركة النقابية الإفريقية وتعزيز الوحدة الأفريقية ، وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وحماية حقوق العمال الأفارقة والدفاع عنهم ، فهي وكالة متخصصة بالاتحاد الإفريقي وعضو مراقب فيها وفي منظمة العمل الدولية.

ـ وبعد مرور 51 عاما علي انشاء المنظمة .. هل حققت ما انشئت من اجله ؟

لو قارنا الوضع بالماضي سنجد كثير من المحققات ، أما لو قارنا ما تحقق بما نريد ونستهدف فسنجد الكثير لم يتحقق ونتطلع اليه والي المزيد .

إذن انت راض عما تحقق خلال نصف قرن هي عمر المنظمة ؟

لورضيت بما تحقق لتوقفت عن النضال ، دائما نتطلع للأفضل والطموحات لا تتوقف.

زر الذهاب إلى الأعلى