بقلم: جوديث ماجيار
ان صناعة البترول لا تموت ولكنها يجب ان تتغير. يتمثل الهدف الرئيسى للمهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية فى توافق صناعة البترول مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة للدولة فى مجال الاقتصاد، المجتمع والبيئة.
لذا ما الذى ينتظر قطاع البترول الذى يقع تحت وطأة خفض انبعاثات الكربون وخلق مستقبل مختلف للاستثمارات والأعمال التجارية التى تعتمد على الهيدروكرونات؟
فيما يخص المبتدئين، فانه لا توجد اى أهمية للتخطيط المثالى لعام 2030 او القلق بشأن الكفاءة وانتاجية قطاع البترول والغاز طالما لم يتم اتخاذ خطوات لمنع الكوارث الناجمة عن التغير المناخى خلال نفس الفترة، والمهندس طارق الملا يدرك تماما لأهمية مواجهه هذه القضية الآن.
يقول المهندس طارق الملا” نحن نركز على الغاز فى الفترة الحالية حيث نعمل على تدبير 40% من احتياجاتنا من الطاقة من خلال الرياح والشمس بحلول 2030″. وترتكز رؤية الوزير على تأهيل مصر كى تصبح مركزاً اقليميا للطاقة النظيفة، إلى جانب الوفاء بالتزامات السوق المحلى. وبفضل الاستراتيجية الواضحة والجهود التى بذلتها الوزارة منذ ان تولاها الملا فى عام 2015 إتضح جليا ان هذا الهدف، طويل الامد، لديه بالفعل فرصة للتحقق والنجاح.
ان الاستراتيجية الحالية لتحقيق الاصلاح الاقتصادى المستدام، بالاضافة إلى تحقيق كشف ظهر للغاز فى البحر المتوسط هما ما دعا بنك ستاندرد شارترد لأن يتوقع ان تصبح مصر واحدة من اكبر عشر اقتصاديات عالميا خلال 10 سنوات لتحتل المركز السابع قبل روسيا واليابان والمانيا.
نظرة على المستقبل
ان الملا الذى قضى 24 عاما من خبرته فى مختلف المناصب التنفيذية والعملية (مجال العمليات) بشركة شيفرون، يسترجع الاوقات المضطربة خلال اوائل هذا العقد عندما شهدت مصر ثورتين اعقبتهما فترة من عدم الاستقرار وانعدام الامن التى شهدها قطاع البترول والغاز المصرى الذى يرجع تاريخه إلى 120 عاما مضت، “ان وزارة البترول مسئولة عن تأمين احتياجات السوق المحلى من المنتجات البترولية للدولة باكملها والحفاظ على سقف الانتاج من خلال المشروعات المشتركة، إلا ان هذه الفترة المشار اليها شهدت مشاكل فعلية تتمثل فى نقص وتراجع الانتاج بشكل ملحوظ”.
تمت استعادة الاستقرار خلال عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى ادرك الحاجة لشخص بخبرات الملا لقيادة هذا التغير الضرورى.
بدأ الملا خطواته الاولى بالتواصل مع الشركاء الاجانب، حيث اوضح أنه “فى هذه الاوقات الصعبة، فان اسهل قرار على المستثمرين والشركات العالمية هو غلق منشآتها والرحيل، ومن الهام للغاية اقناعهم بالاستمرار والمشاركة، حيث يجب ان يشعروا بالثقة وان استثماراتهم محمية وان الحكومة شريك يعتمد عليه ومستقر”.
الخطوات التى تلت هذه المرحلة كانت هى الاصعب
التطوير والتحديث لتحقيق التغير
ان التحول لان تصبح مصر مركز اقليمى للطاقة يتطلب تغييرات هائلة، ولذلك قامت وزارة البترول باطلاق استراتيجية متكاملة للتطوير والتحديث تعالج نقاط هامة مثل اداء الانتاج، التكرير والتوزيع، التخطيط لموارد المؤسسة (ERP) والاهم من كل هذا هو تنمية الكوادر البشرية.
ويتبع وزارة البترول عدة شركات قابضة وهيئات وشركات مشتركة وكيانات بالقطاع العام ومجموعات استثمارية ، ويعمل بالقطاع أكثر من 240 ألف عامل ولكن لم يتم التواصل والترابط بينهم من قبل.
وقال الوزير “أخر تغيير طرأ على هذه الإطار التنظيمى كان منذ 20 عاماً ونحن نحتاج للتواصل بشأن رسالتنا الخاصة بالتغيير ، ونحتاج أن ننقل رؤيتنا إلى الناس ونحتاج الأشخاص المؤهلة لتحقيق ذلك”
وتحقيق كل هذا يتطلب وضع منظومة عالمية وميزانية موحدة والأهم من ذلك تكوين فريق عمل موحد للتنفيذ ، في البداية أطلقت الوزارة شبكة تواصل داخلية بين العاملين بالقطاع لتسهيل عمليات التحديث بالأخبار والتواصل والتوافق بين العاملين. ويعلم الملا جيداً من خبراته السابقة أن العاملين في العادة يشعرون بالتخوف من تطبيق الأنظمة الجديدة وأنهم يتقبلون التغيير في حالة واحدة فقط وهى أن يقتنعوا بأن النظام الجديد سيساعدهم على أداء أعمالهم بكفاءة وسيوفر الوقت لتنفيذ المهام.
تكوين مجموعة عمل متنوعة
وعمل الملا بعد ذلك مع فريقه على تحديد الكفاءات المطلوبة وتم الإعلان عن طلب خبراء في المجال وتخصصات الأعمال الأساسية مثل التمويل والإدارة ، ومن ضمن 3 آلاف متقدم ، تم اختيار 700 من الأكثر طموحاً وتحفيزاً منهم وتم بعد ذلك تخفيض العدد إلى 400 وتم ارسالهم للخارج للتدريب عملياً واعطائهم أدوار للإدارة المتوسطه فور عودتهم للإسراع بتوجه المنظومة نحو المستقبل.
وقال الملا بكل فخر ” نحن حالياً تمتلك فى الفريق المؤهل الأكثر تنوعاً وديناميكية للانتقال بنا إلى مستويات متقدمة”
مع إختيار الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة ، أصبح في استطاعة الملا أن يركز بقوة في عمليات التطوير والتحديث والتي تتطلب التكنولوجيات الصحيحة . ووقع الاختيار الأولى على برامج SAP و S/4HANA و ادارة موارد المؤسسة (ERP) ليس فقط لمعرفته السابقة به منذ عمله في شركة شيفرون ولكن لأنه يؤمن بأنهم الاختيار الأمثل للإعداد لأن تعمل الصناعة الوطنية بشكل أكثر كفاءة مع تقليل الخسائر وزيادة معدلات الإنتاج.
يؤمن الملا بالقيادة من خلال مثال يحتذى به ولن يصبح مشروع وزارة البترول للتطوير والتحديث نموذجاً فقط لقطاع البترول بل بدأ بالفعل في تحقيق النتائج وسيساعد على كونه نموذج يمكن تطبيقه فى قطاعات اخرى بالدولة من أجل اطلاق إمكانات المنطقة بالكامل من خلال تحسين الاقتصاد وتمكين الشعوب وايجاد مصدر موثوق ومستدام للطاقة للأجيال القادمة.