عايدة عوض تكتب : تصريحات نارية وديبلوماسية محمومة
في الوقت الذي يصرح فيه اردوغان بكل أنواع التهديدات على الملاء تحاول الدول العاقلة تفعيل الديبلوماسية الرصينة كي تهدئ من الأجواء الغاية في التوتر في الشرق الاوسط.
بعد توقيعه على مذكرات تفاهم مع الحكومة الغير شرعية الليبية وتهديده بتنفيذ بنودها فوراً بدأ اردوغان حملة إعلامية محمومة وبث تصريحات نارية كل مفادها استفزاز لكل الأطراف المعنية.
أول ما قاله انه سيطبق هذه المذكرات على الفور. وهذا تحدي سافر لكل دول المنطقة لانه لا توجد اي شرعية او قانونية لهذه المذكرات ولذا فتطبيقها يعني الخروج على القانون والعرف الدولي، وبالتالي هذا يستوجب الرد بالمثل حيث لابد من ردع قوي لخارق القانون.
ثم بدأ في استفزاز دول بعينها وقال انه لو ارادت كل من مصر واسرائيل واليونان التنقيب عن الغاز فعليهم استئذان تركيا اولاً.
وهذا اكبر دليل على انه كذب الكذبه وصدق نفسه. وحتى الان تتجاهله هذه البلاد الا اليونان التي بعثت، هي وقبرص بشكوى الى الامم المتحدة.
اما مصر فإكتفت بإصدار بيان توضح فيه موقفها مما يحدث ان هذه المذكرات التي يستند اليها اردوغان غير قانونية وان مصر موقفها واضح من الدفاع عن ثرواتها وحدودها الإقليمية والاقتصادية بكل الطرق. ثم قامت بمناورات بحرية في شرق المتوسط – بالذخيرة الحية.
ثم بدأ يتكلم اردوغان عن الشق العسكري من هذه المذكرات وانه على استعداد لارسال الجنود الاتراك لو طلبت منه حكومة الوفاق ذلك. وجاء الرد سريعاً من الجيش الليبي الوطني عبر رئيس اركان البحرية انه لديه أوامر بضرب اي سفن تركية تقترب من السواحل الليبية.
ولم تقتصر تصريحات اردوغان النارية الاستفزازية على ليبيا ودول شرق المتوسط بل ضمت ايضاً امريكا. فقام بتهديد امريكا انها لو وقعت عقوبات على تركيا فتهدد تركيا بإعادة النظر في استضافة القواعد الامريكية في كل من أنجيرليك وكورجيك في تركيا.
وقد يكون سبب تطاوله هذا على امريكا انه عنده ما يبتز ترامب به والذي أدي بترامب الى سحب قواته من شمال سوريا ليفسح الطريق لاردوغان للتخلص من الاكراد في هذه المنطقة الحدودية. ويقال ان ما يبتز اردوغان به ترامب هو تسجيلات لديه لچاريد كوشنر يحرض السعودية على القبض على خاشقچي والذي بعد مقتله اصبح كوشنر امام القانون الامريكي متواطئ في هذا القتل.
ما يبدو انه لا يدركه اردوغان انه قد يكون تخطي بعض الخطوط الحمراء دولياً وقد اصبح عبئاً اكثر منه نفعاً لمن يستخدمونه لأغراضهم في تنفيذ خطتهم القذره، وبذلك يمكن الاستغناء عنه بسهولة ولا يوجد اسهل من الاغتيالات السياسية للتخلص ممن انتهت المنفعة منه. ولنا في چيفري إپستين العبرة القريبة، وفيما يحدث لچوليان اسانچ العبرة المستمرة.
والشخصية الاخرى التي تدلي بتصريحات تثير التوتر وتعمل على تصعيد الخلافات هى نتنياهو الذي لم يسكت عن التحدي في إعلانه نيته ضم غور الاردن للأراضى الاسرائيلية وان اسرائيل ستهدم السوق القديم في الخليل لتنشئ حي يهودي بها ويهدد المحليات إما قبول الوضع او نزع الملكية منهم.
اما النوع الاخر من التصريحات التي تريد تهدئة الأجواء والعمل على تخفيض التوتر العالمي هو ما صرح به چواد ظريف وزير الخارجية الايراني بان ايران على استعداد للتعاون مع امريكا في الوقت الذي تسانده الدول الاوروبية في الالتزام بالاتفاقية النووية التي كانت امريكا قد خرجت منها منفردة. وذلك في محاولة منه لتخفيض حدة التوتر والتصعيد العسكري المستمر في الشرق الاوسط.
اما الديبلوماسية المحمومه فنراها في اجتماع نورماندي أربعة الذي اقيم في باريس منذ ايام قليله والذي سعى لإيقاف المواجهات الدائرة في شرق اوكرانيا والتي هي نقطة اشتعال قد تنفجر الى حرب مشتعلة على حدود روسيا لو هناك خطة لتوريط روسيا في صدام عسكري على حدودها.
ولذا نجد ان اجتماع بوتن وزالينسكي وماكرو وميركل هو محاولة لتهدئة هذا الوضع والوصول الي حل سلمي، في الوقت الذي تحاول فيه كل من امريكا وبريطانيا وأستراليا افشال هذا المؤتمر كي تستمر المناوشات في اقليم دونباس شرق اوكرانيا.
وعلى صعيد اخر تحاول امريكا رأب الصدع بين السعودية وقطر ولكن يبدو ان قطر – بالرغم من ذهاب وزير خارجيتها في زيارة سرية للسعوديه واستقبلته السعوديه – الا ان الأمير لم يحضر القمة الخليجية في الرياض حتى بعد الدعوة الشخصية من الملك سلمان. وعقبت البحرين على ذلك الامر بالتعجب من تصرفات قطر.
و احد اهم التحركات الديبلوماسية كانت زيارة سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا لنظيره الامريكي مايك بومبيو في واشنطون والتي قيل انها جزء من الاجتماعات الدورية التي تقوم بها البلدين لابقاء قنوات الاتصال مفتوحة.
ويبدو ان هذا الاجتماع كان هام لتوقيته اكثر من اي شئ اخر ولو انهم أعلنوا انهم تناقشا في المواضيع التي تهم البلدين من مكافحة الارهاب وطبعاً التدخل الروسي في الانتخابات الامريكية والأهم اتفاقيات الحد من التسليح وكذلك عن اوكرانيا وسوريا. وكان الكلام كله عام ولم يعلن عن اي محادثات خاصة بالنسبة للتوتر الحالي في الشرق الاوسط.
وتحاول اليابان الترتيب لزيارة روحاني اليها كخطوة نحو تهدئة التوتر في الشرق الاوسط لان ٨٠٪ من بترول اليابان تستورده من منطقة الشرق الاوسط واندلاع حرب في هذه المنطقة سيؤثر على اليابان تأثير كبير جداً.
روحاني سيصل اليابان مساء يوم ١٩ ديسمبر بعد التوقف في ماليزيا لحضور مؤتمر هناك. ويبدو ان هذا هو المؤتمر “الاسلامي” المصغر الذي يضم تركيا وباكستان وإندونيسيا وقطر بجانب ماليزيا المضيفة. وهذا اول تلميح الى أمكانية حضور روحاني لهذا المؤتمر، وقد يكون له وقع شديد على دولة مثل امريكا عندما تعلم ان تركيا العضو في الناتو تقابل رئيس ايران كحليف إسلامي.
وبذلك نجد ان الاوضاع العالمية في حالة حراك محموم وتنطوي على عدة مفاجأت، واكثر هذه المفاجأت إزعاجاً هو تهديد روسيا لدول اوروبا بانها ستتعرض لضربة من روسيا لو وافقت على نشر صواريخ امريكية جديدة على أراضيها.
يبدو العالم في حالة من التوتر في كل أرجائه وبالرغم مما يحدث على كل الأصعدة الا ان مصر الان تستضيف مؤتمر الشباب العالمي في نسخته الثالثه في مدينة شرم الشيخ. وكانت هناك لفته ذكيه جداً من منظمي المؤتمر وهو توزيع كتيب بالإنجليزية يشرح مشكلة سد النهضة الاثيوبي.
حفظ الله مصرنا الحبيبة وأبناءها الواعينعايدة عوض تكتب: تصريحات نارية وديبلوماسية محمومة