Site icon بوابة العمال

عمرو عبدالرحمن يكتب : ازدواجية بوتين ولعبة الفرق المتأسلمة

عمرو عبدالرحمن

 

من حق “بوتين” رئيس روسيا – أحد أكبر 3 قوي دولية وزعيم الشعب الصديق لمصر – أن يجعل مصالح بلده فوق أية مصالح أخري، لكن هل من حقه أن يجعل “المصلحة” فوق قيم الشرف والمثل العليا للعلاقات مع الدول الأخري، وعلي رأسها المفترض أنها دول صديقة؟

من حقك “بوتين”؛ أن تكون نفعيا “براجماتيا” لأقصي حد في قيادتك لبلادك وسط عالم تسوده قوي الشر الماسونية والخزرية الترك آرية، لكن هل من الحق أو الشرف؛ أن يكون ذلك علي حساب المبادئ ذاتها التي تزعم التمسك بها، مثل؛ محاربة الإرهاب والفوضي الخلاقة !؟

هل من الحق أو الشرف أن تتلاعب بالمبادئ وتُلاعب القوي الدولية من أقصي اليمين لأقصي اليسار لدرجة التحالف مع إبليس ” لوسيفر ” نفسه!

وهو بالمناسبة – نفس شعار الزعيم البريطاني “ونستون تشرشل” – حليف النازية سراً والإمبريالية الاستعمارية علناً!

وهو ما تفعله أنت بعلاقاتك السرية والعلنية مع نظام الأناضول وزعيمه الإرهابي ونظيره الإيراني الفاشي، والكيان الصهيوني المُعادي لكل الرسالات – لأنه وثني آري أشكنازي “متهود”!

هذا هو الفرق مع دولة مصر ؛ التي ترفع قيادتها مصالحها العليا فوق أي اعتبار ودون انحياز شرقا أو غربا، وتمد يد التعاون مع الجميع، دون إهدار قيم الشرف والنبالة، ليس فقط في علاقاتها المشتركة مع طرفين متصارعين (مثل روسيا وأميركا)، بل حتي في صراعها مع أعدائها … ودون أن تتغير بوصلتها حسب اتجاه الريح!

مهما كانت قوة العدو عسكرياً كـ”اسرائيل” وتركيا، أو مالياً كـ”تنظيم الحمدين”.

إنه؛ الفارق الهائل بعرض السماء بين؛ موسكو – بوتين، وبين؛ مصر – القاهرة، التي تخوض معاركها بشرف نادر في زمن عز فيه الشرف.

إن خطاب حالة الاتحاد الروسي الذي ألقاه السيد فلاديمير بوتين أخيرا، كشف سياساته ذات الوجهين بل والثلاثة في علاقاته الدولية، كما نري في السطور التالية؛

أولا:- “بوتين” فجر مفاجأة بإعلانه الغضب علي الزعيم الخزري الآري “لينين” مؤكدا أن جثته المحنطة المعروضة متحفياً، سيتم دفنها قريبا، لثقته أن الثورة البلشفية التي هدمت الامبراطورية الروسية العريقة، وراح ضحيتها الأسرة المالكة “آل رومانوف” سنة 1918، كانت ماسونية ملونة، علي غرار سابقتيها الفرنسية والبريطانية، وأن النظام العالمي الجديد “الخزري الآري الأشكنازي” هو من أشعلها انتقاماً من روسيا القيصرية التي رفضت الخضوع لهيمنته، والتي كان أجدادها المؤسسون وراء القضاء علي امبراطوريته الوثنية القديمة “الخـــزر”.

طيب ؛ غريب أمرك حقا يا بوتين …    لماذا ترضي لغيرك ما لا ترضاه لبلدك؟

في ملف الأزمة الليبية، ذهب “بوتين” بعيدا في انحيازه لمصالح بلاده علي حساب حقوق الشعوب الأخري في الحياة والحرية ومقاومة العدوان ورفض أجندات الفوضي والثورات الملونة – التي لا يرضاها لبلاده!

رغم اعترافه بأن ؛ حلف ناتو أوصل ليبيا إلى حالة الفوضى والانهيار – بحسب حروف كلماته…

رغم ذلك اتخذ مساراً موازياً لمسار حلف الناتو الذي حرك الثورة المسلحة – الملونة – في ليبيا فجعلها بحر دماء، لدرجة أن “ناتو” تآمر مع “هيلاري كلينتون” – وزيرة الخارجية الأميركية السابقة – وعناصر من الاخوان المتأسلمين لاغتيال سفير واشنطن بطرابلس، ربما لأنه لم يكن قابلا للتوظيف كـ”عروس ماريونيت” في إطار مؤامرة تدمير ليبيا!

 

بوتين لم يعلن فقط – أنه علي تواصل مع أطراف الصراع بما فيها حكومة “السراج” – ذو الأصول الأناضولية – وهو موقف متعارف عليه دبلوماسيا …لكنه ذهب بعيدا في “تعاونه الوثيق” مع كل أطراف الصراع، فهو يدعم الجيش الوطني الليبي، (علي استحياء)، وبالمقابل، يواصل تعاونه الاستراتيجي مع “رجب طيب إردوغان”، وهو علي وشك التدخل عسكريا في ليبيا!

 

بحسب وكالات أ.ب ورويترز، يوم 17 ديسمبر 2019، بحث بوتين، ونظيره التركي، تطورات الأحداث في ليبيا، وقال الكرملين أن بوتين يبحث خطة تركية لتقديم الدعم العسكري لحكومة السراج (العميلة)!

وبالأمس أفادت وسائل إعلام ليبية، أن تركيا تستعد للتدخل عسكريا في ليبيا – رسميا! يعني تركيا قد تصبح في حالة حرب غير مباشرة مع جمهورية مصر العربية، التي لن تسمح لأي تهديد خارجي بالاقتراب من بوابة حدودها الغربية.

المفترض أن مصر – دولة صديقة لروسيا، وبينهما تعاون استراتيجي شامل – وهو بالمناسبة ليس “حلفا” بل صداقة وتعاون استراتيجي – وهي أيضا “صداقة” قابلة للاستغناء عنها.

فمصر لم تعد كما كانت قبل نصف قرن، محسوبة علي المعسكر الشرقي مرة والغربي مرة، هذا العهد انتهي للأبد، لأنها لم تعد في حاجة لهذا أو ذاك – بفضل الله.

تري لو قامت الحرب بين مصر وتركيا ؛ اين ستقف موسكو؟ الواضح؛ أن موسكو في علاقاتها مع جارتها اللدود “تركيا”، تحاول تأجيل الصراع معها وتحويله مؤقتا إلي “تقاسم نفوذ” في ليبيا الغنية بالبترول والغاز والذهب، كما هو الحال علي الجبهة السورية التي شهدت نفس الاستراتيجية، وانتهت بتحويل سوريا إلي 3 دويلات علي الأقل – واحدة موالية لروسيا وإيران، والثانية موالية لتركيا وعصابات داعش – اخوان  ISIS ، والثالثة موالية للغرب الصهيوني!

لكن تقسيم ليبيا بالسيناريو السوري أمر غير مقبول من جانب القاهرة، صاحبة الكلمة الأخيرة في الملف الأمن قومي بالدرجة الأولي.

ثانيا:- منح “بوتين” لقب “بطل روسيا” لإرهابي سابق وأحد لوردات الحرب، المرتزق ” رمضان قديروف ” الذي (عينته) موسكو رئيسا للشيشان، كنموذج حاكم بالوكالة خادما لمصالح الروس الأمنية، ضد التنظيم الدولي لجماعة الاخوان – ذراع الفوضي في قلب أوروبا بأوامر حلف ناتو الصهيوني ومخابرات الـ CIA  و MI 6!

 

لجأت موسكو لأسلوب مشين وهو التلاعب بالفرق المتأسلمة، وكلها صنيعة الاستعمار الفارسي والصهيوبريطاني، فدعمت ميليشيات “قديروف” الصوفي علي الطريقة القادرية، عثمانلية الأصل، لتحجيم نفوذ التنظيم الدولي الاخوانجي الوهابي!

-نفس اللعبة لعبها الشهيد “السادات” بإطلاق قوي الاخوان لتحجيم قوي اليسار وكان الثمن حياته!

وطبقتها مخابرات أميركا بدعم صنيعتها تنظيم القاعدة – فرع جماعة الاخوان المتأسلمين في الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفييتي!

لعبة الفرق المتأسلمة من ملامح مخطط الفوضي الخلاقة التي رسمتها أمريكا بإطلاق تقرير ” راند  RAND ” سنة 2007 لتعلن أن “الإسلام المعتدل” – يتمثل في فرق الصوفية وجماعة الإخوان! والباقي (إرهابيين) – كـ”إسلام يناسب أجنداتهم”!

هكذا نحلل خطاب “بوتين ذي الوجهين”، الذي يحارب الإرهاب في “جزء من سوريا”، بينما يتقاسم النفوذ عسكريا مع رعاة نفس الإرهاب في سوريا، ويريد تكرار نفس المشهد في ليبيا!

نفس الازدواجية نجدها في شخصية شريك بوتين اللدود؛ “إردوغان”، أحد زعماء تنظيم المتأسلمين الدولي، وخليفته العثمانلي الجديد، بأجندته المزاوجة بين الوهابية والصوفية، نظرا لانتمائه لـ”الطريقة النقشبندية” – أبا عن جد!

و هذه هي الثغرة الدينية التي تمثل الخطر الحقيقي – الداخلي – علي مصر التي تملك أعظم جيوش العالم علي الإطلاق ولا خوف عليها عسكريا، لكن الخوف من عملاء الداخل أتباع الفكر الاستعماري العثمانلي – الأب الروحي لفرق الصوفية والاخوان!

الذي لا يعرفه كثيرون أن الطريقة النقشبندية – إحدي مواليد الاستعمار العثماني كالمولوية والخلوتية والبكتاشية – لها ميليشيا مسلحة تدعي “جيش رجال الطريقة النقشبندية”، كانت حليفا لتنظيم داعش الإرهابي في العراق، وحاربت مع نظام “إردوغان” أثناء محاولة الانقلاب التي وقت في تركيا قبل عامين!

والذي لا يتذكره كثيرون أن “روسيا القديمة” شاركت العرب أيام العهد الأموي – في القضاء علي “امبراطورية الخزر الترك آرية”، فكانت الضربات القاصمة التي وجهها أمير المؤمنين “مروان ابن محمد”، بداية نهاية الخزر كدولة ضمن النظام العالمي القديم – (ضم أيضا فارس والرومان).

لكن الضربة الأخيرة نفذتها الجيوش الروسية بقيادة سفياتوسلاف الأول، عام 965 م.

فهل ” روسيا اليوم ” مثل ” روسيا القديمة “!

نصر الله مصر.

Exit mobile version