Site icon بوابة العمال

 د.فتحي حسين يكتب: في يوم التحرير.. سيناء تتجلى وتتطهر من الاحتلال

في الخامس والعشرين من أبريل، تحتفل مصر كل عام بعيد تحرير سيناء، تلك القطعة الغالية من الوطن التي تجلّى الله سبحانه وتعالى عليها، وباركها من فوق سبع سماوات، فصارت أرض الأنبياء، وأرض المعارك، وأرض الشرف والعزة.

من جبل الطور، إلى وادي المقدس طوى، مرّت الرسالات السماوية وتجلّت القدرة الإلهية، فكما قال الله تعالى في سورة التين: “والتين والزيتون، وطور سينين، وهذا البلد الأمين”، جاء ذكر سيناء تكريمًا وتعظيمًا، فصارت رمزًا للتقديس والتشريف الرباني.

بعد نكسة عام 1967، وقعت سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي، فسعت سلطات الاحتلال إلى تغيير هويتها، ليس فقط بالوجود العسكري، بل عبر خطة استيطانية ممنهجة، أنفقت فيها إسرائيل ما يزيد على 2 مليار دولار لبناء مستوطنات، خاصة في شرم الشيخ، ووسط سيناء، ورفح. كانت تهدف إلى تثبيت أمر واقع جديد، يستحيل معه الحديث عن عودة الأرض لأصحابها.

لكن سيناء لم تكن لتُسترد بالمفاوضات وحدها… جاء القرار المصيري من الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، الذي أعلن بكل ثقة: “ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة”. وفي 6 أكتوبر 1973، عبر أبطال القوات المسلحة قناة السويس، وحطموا أسطورة خط بارليف، في واحدة من أعظم المعارك في تاريخ العسكرية الحديثة.

أصيب موشي ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، بالذهول. فالرجل الذي أقسم ألا يغادر شرم الشيخ أبدًا، اضطر إلى تركها في ذل وانهزام، بعدما كسرت القوات المصرية شوكة جيشه، وأفقدته توازنه السياسي والعسكري.

استمرت معركة التحرير بعدها على طاولة المفاوضات، بين مفاوض مصري صلب يعرف قيمة الدم الذي سُفك، وبين عدو يجر أذيال الهزيمة. وفي عام 1979، تم توقيع اتفاقية السلام التي ضمنت لمصر استرداد أرضها قطعة قطعة، حتى رُفع علم مصر عاليًا فوق طابا في عام 1989، لتكتمل السيادة الكاملة على أرض سيناء.

اليوم، لا نحتفل فقط بذكرى التحرير، بل نكتب فصلًا جديدًا من البناء والتعمير، حيث تشهد سيناء مشروعات تنموية عملاقة، تربطها بوادي النيل، وتعيد الحياة إلى أرض ظلت طويلاً ساحة للمعارك والدماء.

تبقى سيناء، رغم كل التحديات، أرضًا للبركة، وعنوانًا للتجلي، ومهدًا للرسالات، وشاهدة على بطولات لا تُنسى. هي روح مصر في الشمال الشرقي، لا تنحني، ولا تُنسى، ولا تُفرّط فيها الأجيال.

كل عام وسيناء محررة… كل عام ومصر منتصرة.

Exit mobile version