قام أردوغان بزيارة سميت “غير بروتوكولية” اي انها لم تكن معلنة، الى تونس وتقابل مع الرئيس التونسي على انفراد لمدة نصف ساعة بالرغم من ان كان الوفد المرافق له يضم رئيس الاركان الحربية ورئيس المخابرات التركي وكذلك وزير الخارجيه.
وقد تحدث الرئيسان في المسألة الليبية والتي قال اردوغان عنها انها تهدد سلم المنطقة باكملها وعلى الأخص امن تونس. وصرح الرئيس التونسي ذو الميول الإخوانية انهم ناقشا الحدود المائية بين ليبيا وتركيا وقال انها لا تمس تونس بشئ.
وقال اردوغان انه لن يرسل جنود الى ليبيا الا إذا طلبتها، وصرح ايضاً انه دعى كل من تونس والجزائر وقطر لحضور الاجتماع الخاص بليبيا الذي سيقام في برلين والذي كان من المفروض ان يقام في ٢٠/١٢/٢٠١٩ ولا يعرف تاريخه الجديد ولو ان هناك امال معقودة عليه لانه الفرصة الاخيره لتفادي مواجهات عسكرية عنيفة للأطراف المسانده لطرفي النزاع في ليبيا.
وبعد زيارة تونس والتصريحات التي قام بها عن تحالف بين تونس والجزائر وتركيا بالنسبة لليبيا ردت الرئاسة التونسية انها تنفي ما صرحت به تركيا وانها تقف على مسافة واحدة من الأطراف المتناحرة وانها لن تتدخل في الشئون الداخلية لليبيا.
وهذه بمثابة لطمة علنية لتركيا ديبلوماسياً وعسكرياً ايضاً بما ان القيادة التونسية اخوانية الميول، ولكن يبدو ان الشعب غير موافق على تورط تونس في ليبيا. وعسكرياً لانه يبدو انه كان يعوّل على مساعدة لوچيستية من تونس في نقل الجنود والعتاد الى ليبيا.
من المعروف ان قوات الجيش الليبي الوطني الان تتحرك ببطئ شديد في معركتها للسيطرة على طرابلس.
وكانت القوات البحرية الليبية تحت قيادة المشير حفتر قد تمكنت من إيقاف سفينة متجهة الى مصراته وعند تفتيشها وجدت ان طاقمها من الاتراك وقادتها الى احدى موانئها وفتشتها.
ومن المعروف ان هناك الكثير من العتاد والذخائر التركية قد وصلت الى مصراته وشوّنت داخل المدينة وفي الأحياء السكنية مما اجبر الجيش الوطني ان يحذر اهالى مصراته بنيته الهجوم كي يلجأوا لاماكن اكثر أماناً وأعطوهم فرصه لمدة ٣ ايام وامتدت ٣ اخري للخروج من مصراته قبل قصفها.
اما الوضع بالنسبة لطرابلس فالجيش الليبي الوطني يتقدم بخطى متأنية لكن مستمرة الى العاصمة وقد وصل على بعد ١٠ كيلومترات من وسط العاصمة، وقد يكون هذا الوضع الذي دفع اردوغان الى محاولاته تأليف حلف من تونس والجزائر لمساندته وإعطائه المساعدات اللوچيستيه للوصول الى ليبيا الغربية وخصوصاً مع كل القطع البحرية الموجودة حالياً في البحر المتوسط والتي تقوم بحراسته ومنع اي سفن حربية تركية من الوصول الى الموانئ الليبية.
ولذا تقوم تركيا الان بنقل المرتزقة الموالين لها في سوريا الى طرابلس بليبيا عن طريق رحلات جوية. وكانت قد افادت قطر بذلك وايضاً بعض المواقع السورية. ويقدر عدد الأفراد القتالية التي بعثت بهم تركيا الى ليبيا الغربية حتى الان بحوالي ١٢٠ فرد من الإرهابيين الذين كانوا يحاربون في سوريا. ولذا القول الان ان العالم لا يريد لليبيا ان تتحول الى سوريا ثانية.
مع تأزم الوضع الليبي بدأت باقي الدول تعلن عن مواقفها من الوضع الليبي . ومن أهم هذه الدول هي مصر لاشتراكها في الحدود مع ليبيا.
وقد صرح الرئيس السيسي أن مصر موقفها واضح ولم يتغير وانها تساند الجيش الوطني الليبي والحل السلمي وخروج كل الميليشيات الأجنبية من البلاد ووحدة الأراضي الليبية والشعب الليبي تحت قيادة وطنية.
ان الامن القومي الليبي مهم بالنسبة لمصر لأنه يشكل تهديداً للأمن القومي المصري. وفي مهاتفة تليفوني مساء امس مع ترامب شدد السيسي على أهمية وضع حد لإيقاف التدخلات الخارجية الغير مشروعة في ليبيا.
ثم اعلن ترامب ايضاً انه لا يريد اي تدخل اجنبي في الشأن الليبي وذلك بعد تحركات اردوغان في المنطقة.
وكان بوتن في مكالمة هاتفية لرئيس وزراء إيطاليا قد اعرب عن رغبته ان تسوي المشكلة الليبية سلمياً وعن طريق التسويات السياسية تحت مظلة الامم المتحدة. ومن المعروف ان بوتن يساند المشير حفتر والجيش الليبي الوطني وانه لديه طموحات في موطئ قدم اخر في المتوسط بعد ذلك الذي لديه في سوريا.
وهناك ايضاً اشاعات قوية ان هناك شركة روسيه “ڤاغنر” على غرار شركة “بلاكووتر” الأمريكية تورد مقاتلين لاي جهة تدفع لهم وانهم يعملون الان في ليبيا بجانب الجيش الليبي الوطني كما كانوا قد فعلوا مع الجيش السوري الوطني.
وفي خبر عاجل أفادت رويترز ان السراچ وحكومته قد اتخذت الخطوة الفاصلة وقامت بدعوة تركيا لإرسال قوات بحرية وجوية وأرضية للدفاع عنها وعن طرابلس ضد الجيش الليبي الوطني.
وهذا يعني ان أردوغان سوف يقدم طلب للبرلمان التركي لاستصدار قانون يسمح بإرسال قوات تركية بعتادها الى ليبيا للقيام بالقتال الى جانب الميليشيات المدافعة عن حكومة الوفاق. ومن المنتظر ان يصدر هذا القانون في ٨ او ٩ يناير ٢٠٢٠ لتمكين تركيا من إرسال جيوشها للقتال في ليبيا.
وبعد ذلك بحوالي ساعة اعلنت الجزائر في اول رد فعل لهذا الوضع وبعد اجتماع امني على اعلى مستوي إغلاق حدودها مع ليبيا ومالى وزيادة الحراسة على هذه الحدود تحسباً لما هو منتظر ان يحدث من معارك في ليبيا عندما ترسل تركيا جيشها للقتال في ليبيا. وترفض الجزائر اي تدخل اجنبي في الشأن الليبي.
الوضع في ليبيا جد خطير والتطورات سريعة جداً وفي تصعيد واضح نحو مصادمات بين تركيا بجيشها الذي دعته حكومة الوفاق والجيش الليبي الوطني.
وغالباً ستتدخل الدول المساندة له وللمشير حفتر. البلاد التي تساند المشير حفتر هي مصر والإمارات وروسيا، وفرنسا على استحياء. ويبدو ان كل من روسيا ومصر في مكالمات هاتفية مع رئيس وزراء إيطاليا قد أوصلوا موقفهما من الوضع في ليبيا. وهناك مصالح مشتركه كبيره بين مصر وإيطاليا.
هذا هو الوضع مساء ٢٦ ديسمبر ٢٠١٩ وأتمنى أن يسود التعقل وان لا تتدهور الاوضاع الى مواجهات قد تجر المنطقة كلها الى حرب إقليمية يمكنها التطور الى حرب عالمية.
حفظ الله مصرنا الحبيبه وأبناءها الواعين