فلسطين من ” حركة تحرر” لدولة مراقب بـ ” العمل الدولية” تعزيز لحقوق العمال الفلسطينيين
جيلبرت هونغبو: العمال الفلسطينيون يكابدون اليوم أصعب أيام منذ عام 1967م. وضرورة ربط إعادة إعمار غزة بتوفير العمل اللائق للعامل الفلسطيني

كتب: محمد حربي
جاء إعلان منظمة العمل الدولية، برفع مستوى فلسطين من “حركة تحرر”، إلى “دولة مراقب غير عضو”، استناداً إلى ما أقرته الدورة رقم 352 لمجلس إدارة المنظمة في شهر نوفمبر لعام 2024م.، لتعزيز الحضور الفلسطيني على الساحة الدولية في قضايا العمل وحقوق العمال.؛ وبما بما يسهم في توسيع المشاركة الفلسطينية باجتماعات ومداولات المنظمة الأممية؛ وترجمة للجهود الكبيرة للمنظمات الدولية العاملة تحت مظلة الأمم المتحدة، ومواثيقها الدولية، من أجل دعم حقوق الفلسطينيين، سواء بشكل مباشر عن طريق تقديم الدعم والخدمات الأساسية.
وفرق كبير بين تصويت مؤتمر العمل الدولي بمنظمة العمل الدولية اليوم، لقبول فلسطين بصفة مراقب غير عضو بنسبة 386 صوت، في مقابل امتناع 156 صوتاً، فيما امتنع 42 عن التصويت، خلال مؤتمر العمل الدولي، في دورته الـ ” 113 ” يوم 6 من شهر يونيو الجاري؛ وبين ما جرى يوم 12 يونيو عام 1975م.؛ عندما صوتت منظمة العمل الدولية على منح منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب في اجتماعاتها؛ وعلى أثر ذلك انسحب ممثلو كل من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي من الاجتماع؛ ثم أتخذ مجلس النواب الأمريكي قراراً بالانسحاب من المنظمة، ومنع الدعم عنها.
وقد وصف السفير ابراهيم خريشي- المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة بجنيف، قرار رفع مستوى فلسطين من ” حركة تحرر”، إلى دولة مراقب غير عضو، بأنه انجازاً تاريخياً، وخطوة جديدة على طريق تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة. موضحاً أن الحق التاريخي سيعود وسيتم رفع راية الدولة الفلسطينية في كافة المحافل الدولية، وصولاً للعضوية الكاملة.
أما إيناس عطاري- وزيرة العمل الفلسطينية؛ فقد رأت في قرار رفع فلسطين من مستوى ” حركة تحرر”، إلى ” دولة مراقب غير عضو”، بأنه سوف يمنح الدولة الفلسطينية حقوقا موسعة، بصفة مراقب في منظمة العمل الدولية؛ وبشكل يتماشى مع مكانتها في الأمم المتحدة، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ES-10/23 الصادر في مايو 2024، والوكالات الأخرى مثل اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية. موضحة أنه هذا القرار التاريخي يأتي ثمرة جهود قامت بها وزارة العمل الفلسطينية، والشركاء الاجتماعيون ممثلون بالاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين والقطاع الخاص، وبدعم كامل من مجلس إدارة منظمة العمل العربية، والشركاء الدوليين، ممثلين بالحكومات وأصحاب العمل وممثلي الاتحادات والنقابات العمالية الدولية لإحقاق حقوق شعبنا.
ومن جانبه أكد شاهر سعد- الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، أن هذا التصويت يُعد إنجازاً لفلسطين في منبر دولي يتيح المجال لعرض قضايا العمال الفلسطينيين، خاصة في ظل الاحتلال والانتهاكات، إضافة الى إمكانية بناء علاقات مع منظمات عمالية ونقابية دولية، والاستفادة من البرامج التدريبية والفنية التي تقدمها المنظمة، تعزيز الاعتراف الدولي بمكانتها كدولة. موضحاً، أن التصويت كمراقب يُعد تمهيدا لاحقًا للحصول على العضوية الكاملة، معتبراً إياه خطوة مهمة تعكس الاعتراف الدولي المتزايد بحقوق الفلسطينيين، ومثمناً دعم فريق العمال والاتحاد الدولي للنقابات لفلسطين في منظمة العمل الدولية.
وأشار شاهر، إلى أن هذا الإنجاز التاريخي، سوف يتيح لفلسطين المشاركة في اجتماعات منظمة العمل الدولية القادمة، بفريق يتكون من أطراف الإنتاج الثلاثة وزارة العمل ممثلة عن الحكومة، واتحاد الغرف التجارية والصناعية ممثلاً عن أصحاب العمل، والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين ممثلاً عن العمال. لافتاً إلى أن بعثة دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في جنيف؛ قد بذلت جهوداً كبيرة، وبدعم من الوفود العربية والإسلامية، للحصول على هذا الإجماع في التصويت.
ومن جانبه قال جيلبرت هونغبو- المدير العام لمنظمة العمل الدولية، إن العمال الفلسطينيين يكابدون “أصعب عام منذ عام 1967″؛ موضحاً أن الوضع “لم يكن بهذه القتامة من قبل”. داعيا إلى ضرورة ربط إعادة إعمار البنية التحتية والخدمات في قطاع غزة بالالتزام بتوفير العمل اللائق، واصفا الوضع في القطاع بأنه “كارثي بشكل خاص”. مشيراً إلى ضرورة بناء أنشطة تعزز من البقاء على قيد الحياة في القطاع؛ لافتاً إلى أن ما يقدر بمئتي ألف وظيفة فُقدت في غزة منذ أكتوبر 2023، وهو ما يعادل أكثر من ثلثي إجمالي العمالة في القطاع؛ لافتاً إلى أن خلق فرص عمل لائقة، وإعادة بناء البنية التحتية والخدمات مرهوناً بإنهاء الحرب الحالية في غزة.
هذا وقد أطلقت منظمة العمل الدولية برنامجاً، كاستجابة طارئة بقيمة 20 مليون دولار للتخفيف من أثر الحرب على العمال وأصحاب العمل الفلسطينيين. وهي تدعم حاليا العمال الفلسطينيين الغزاويين الذين تقطعت بهم السبل في الضفة الغربية، وأطلقت خطة توظيف طارئة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
ومن الجدير بالذكر، أن أحد الدوافع الأساسية لموافقة عدد متزايد من الدول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ قد يرجع إلى تداعيات معركة طوفان الأقصى ،والتي أكدت بما لا يدع مجالاً للشك عند الكثيرين أنه لا يمكن وقف هذا الصراع دون تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، ومنح الفلسطينيين حقوقهم المشروع في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف؛ وفي نفس الوقت تزايد رغبة العديد من دول العالم على معاقبة الكيان الصهيوني على المجازر ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والعدوان التي أفرط في القيام بها بعد السابع من أكتوبر، وسقوط عشرات الآلاف من الفلسطينيين بين شهيد ومصاب ومفقود، ونزوح نحو مليون ونصف مواطن فلسطيني من بيوتهم؛ حتى أن بيدرو سانشيز- رئيس الحكومة الإسبانية اتهم بنيامين نتانياهو- رئيس وزراء إسرائيل بأنه ليس لديه مشروع سلام لفلسطين.
وتاريخياً، فإن فلسطين مرت بمحطات كثيرة في سبيل الاعتراف الدولي والأممي بها؛ إن أنه في عام 1974 م.؛ قد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يعترف بحق الشعب الفلسطيني في الحصول على السيادة، كما اعترفت الجمعية، بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني، ومنحتها صفة مراقب في الأمم المتحدة.
وفي 15 نوفمبر عام 1988 م.، أعلن المجلس الوطني الفلسطيني، المنعقد في الجزائر، قيام دولة فلسطين، وكان من أوائل الدول التي اعترفت بفلسطين آنذاك عام 1988 السعودية ومصر الجزائر واليمن والإمارات وتونس وتركيا وجيبوتي والبحرين والعراق والأردن والكويت وليبيا والمغرب والسودان وسلطنة عمان وقطر وباكستان وروسيا وموريتانيا وإيران والصين وكوريا الشمالية وكوبا وأوكرانيا، ثم اعترفت بها لبنان عام 2008، وسوريا في 2011.
وفي 29 نوفمبر عام 2012 م.، اصبحت فلسطين “دولة مراقب غير عضو” في الأمم المتحدة، بعد التصويت على قرار 67/19 بتأييد أغلبية 138 دولة مقابل اعتراض 9 دول، وامتناع 41 دولة عن التصويت، ثم حصلت “فلسطين” في نفس العام على عضوية اليونسكو، واعترفت بها السويد عام 2014، والفاتيكان عام 2015.
ورغم استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي في 18 أبريل 2024 لمنع صدور قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، فإن الجمعية اعتمدت في يوم 10 مايو، قرارا بأحقية فلسطين لهذه العضوية في الأمم المتحدة بأغلبية 143 صوتًا، وامتناع 25 صوتاً عن التصويت، ونص القرار على دعم طلب فلسطين للحصول على العضوية الكاملة، وأنه يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب، وأكد القرار قناعة الجمعية العامة بأن دولة فلسطين مؤهلة تماما لعضوية الأمم المتحدة وفقا لميثاقها، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وأن تكون له دولته المستقلة.
وفي 22 مايو 2024، أعلنت كل من النرويج وايرلندا وإسبانيا اعترافها بالدولة الفلسطينية، ثم في 4 يونيو 2024، أصدرت وزارة الخارجية السلوفينية بيانا اعترفت فيه رسميا بأن فلسطين دولة مستقلة وذات سيادة، وفي خطاب موجه إلى الشعب الفلسطيني، أكدت وزيرة الخارجية “تانيا فاجون” أن قرار سلوفينيا “هو رسالة أمل وسلام؛ وانهم يؤمنون بأن حل الدولتين فقط هو ما يمكن أن يؤدي إلى سلام دائم في الشرق الأوسط، كما صوت 52 من أصل 90 عضوا في برلمان سلوفينيا لصالح قرار الاعتراف، ليرتفع عدد الدول التي تعترف بفلسطين إلى 148 دولة من إجمالي 193 عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وبهذا الاعتراف الرباعي؛ قد ارتفع عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تعترف بفلسطين إلى 12 دولة هي: السويد، الفاتيكان، بلغاريا، قبرص، التشيك، المجر، بولندا، رومانيا، النرويج، ايرلندا، إسبانيا، سلوفينيا.