في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها الدولة، وعلى رأسها فاتورة دعم الوقود وتهالك البنية المرورية، تبرز فكرة استبدال السيارات القديمة بسيارات حديثة موفرة للوقود كحل عملي وذكي يجمع بين مصلحة المواطن والدولة.
هذه المبادرة لا تقتصر فقط على تحديث وسائل النقل، بل تمثل مشروعًا وطنيًا متكاملًا يمكن أن يسهم في خفض استهلاك البنزين، خاصة بنزين 80 المدعوم بكثافة، مع الاستفادة من السيارات القديمة كمصدر مهم للمواد الخام.
لماذا هذه المبادرة الآن؟
تعاني شوارعنا من مئات الآلاف من السيارات القديمة، التي تجاوز عمرها 20 عامًا، وتستهلك كميات كبيرة من البنزين، وتصدر انبعاثات ملوثة، وتفتقر لأدنى شروط الأمان.
وفي المقابل، تتحمل الدولة مليارات الجنيهات سنويًا في دعم بنزين 80 المخصص لهذه الفئة من المركبات. هذه معادلة خاسرة اقتصاديًا وبيئيًا.
أما السيارات الحديثة، فهي أكثر كفاءة في استهلاك الوقود، وأقل تلويثًا، وتحتاج إلى صيانة أقل، وتمنح المواطن تجربة قيادة أكثر أمانًا.
آلية التنفيذ المقترحة
1. تقسيط ميسر لمدة 5 سنوات
يتم استبدال السيارة القديمة بأخرى حديثة أو شبه جديدة (تعمل بالبنزين أو الغاز أو هجينة)، على أقساط تمتد حتى 5 سنوات، بفائدة بسيطة لا تتعدى 3 إلى 5% سنويًا، مع إعفاء جزئي من المصروفات الإدارية، ودون الحاجة إلى مقدم في بعض الحالات.
2. الدولة تستورد بسعر عالمي أرخص
عن طريق الشراء الجماعي من مصانع كبرى في دول مثل الصين والهند وتركيا، يمكن استيراد سيارات اقتصادية حديثة بأسعار أقل بكثير من السوق المحلي، وبتسهيلات تتيح تقديمها للمواطنين بشروط مناسبة.
3. الاستفادة من السيارة القديمة
يتم تفكيك السيارات القديمة والاستفادة منها في مصانع إعادة التدوير:
الحديد، الألومنيوم، النحاس، الزجاج، والبلاستيك تدخل في صناعات أخرى.
الأجزاء الصالحة تُباع كقطع غيار أصلية بأسعار أرخص، ما يدعم الاقتصاد الدائري.
هذه العمليات تخلق فرص عمل جديدة في مجالات الفك والتجميع والتصنيع.
ماذا تستفيد الدولة؟
توفير مليارات الجنيهات من دعم البنزين، خاصة بنزين 80.
خفض فاتورة استيراد الوقود أو تكلفة إنتاجه محليًا.
تحسين جودة الهواء وتقليل التلوث في المدن الكبرى.
تقليل الحوادث الناتجة عن تهالك المركبات وضعف الأمان.
تحفيز الصناعة المحلية في مجال قطع الغيار وإعادة التدوير.
وماذا يستفيد المواطن؟
يحصل على سيارة جديدة أكثر أمانًا وأقل استهلاكًا للوقود.
يقلل مصاريف الصيانة وقطع الغيار بشكل كبير.
يسدد بالتقسيط المريح، وبتكلفة إجمالية أقل من صيانة سيارته القديمة.
يسهم في تقليل التلوث وتحسين بيئة أولاده.
خطوات مقترحة للبدء:
1. إطلاق منصة حكومية إلكترونية لتسجيل السيارات القديمة وطلب الاستبدال.
2. تحديد معايير القبول (مثل سنة الصنع، صلاحية المحرك، نوع الوقود).
3. توقيع اتفاقيات مع شركات سيارات كبرى للتوريد بالجملة.
4. التعاون مع البنوك لتمويل المبادرة بفوائد مقبولة .
5. تدشين حملة إعلامية توعوية تشرح فوائد المبادرة للمواطنين.
هذه المبادرة ليست ترفًا، بل ضرورة وطنية تحقق منفعة مزدوجة: خفض استهلاك البنزين المدعوم، وتحديث أسطول السيارات في مصر.
إذا أحسنت الدولة تنفيذها بخطط تمويل ذكية وشراكات قوية مع القطاع الخاص، فستكون نموذجًا ناجحًا يمكن تطبيقه في مجالات أخرى مستقبلاً.