Site icon بوابة العمال

خالد محمود خالد يكتب: هل يلغي قانون الإيجار القديم الجديد أحكام التمكين الصادرة سابقًا؟

أثار صدور القانون الجديد المنظم لعلاقة الإيجار القديم الكثير من التساؤلات القانونية والشعبية، وعلى رأسها سؤال جوهري:
هل يؤدي هذا القانون إلى إلغاء أحكام التمكين السابقة التي صدرت لصالح المستأجرين؟

الإجابة الدقيقة لهذا السؤال تتطلب فهمًا واضحًا لطبيعة الأحكام القضائية، وحدود السلطة التشريعية، وفلسفة التمكين القانوني.

ما هو “التمكين” قانونًا؟

التمكين هو قرار قضائي أو نيابي يُصدر لصالح شخص يملك حقًا قانونيًا في حيازة شقة أو محل أو عقار، ويُطلب تنفيذه حين يُحرم من هذا الحق بطريقة غير قانونية.
ويشيع استخدامه في قضايا الإيجار حين يتعرض مستأجر قديم للطرد أو منع من الانتفاع بالعقار رغم امتلاكه عقد إيجار ساري المفعول.

وغالبًا ما تصدر هذه القرارات بناءً على شكاوى أو بلاغات تُقدم للنيابة العامة، ويُفصل فيها بناءً على المستندات المقدمة وظروف الواقعة.

ماذا يعني صدور قانون جديد للإيجارات القديمة؟

القانون الجديد، الذي طال انتظاره، يهدف إلى تنظيم العلاقة الإيجارية القديمة التي كانت تُمدد تلقائيًا لمستأجرين قدامى بعقود إيجار أبرمت منذ عقود.
ويحاول القانون معالجة اختلال التوازن بين المالك والمستأجر، سواء عبر تحرير تدريجي للعقود، أو فرض زيادات سنوية، أو تنظيم الإخلاء في حالات محددة.

لكن: هل للقانون الجديد أن يلغى ما صدر سابقًا من أحكام تمكين؟

الفصل بين السلطات: لا تشريع فوق الأحكام

بحسب الدستور المصري ومبدأ الفصل بين السلطات، لا يجوز للسلطة التشريعية أن تتدخل في أحكام السلطة القضائية، لا بالإلغاء ولا بالتعديل.
فالأحكام القضائية واجبة الاحترام والتنفيذ، ولا يمكن نقضها بقانون يصدر لاحقًا.

وبالتالي، فـأي قرار تمكين صادر عن محكمة أو نيابة بناءً على عقد إيجار قديم، يظل ساريًا ونافذًا.

القانون الجديد لا يسري بأثر رجعي على ما تم حسمه قضائيًا، وإلا أصبح عرضة للطعن بعدم الدستورية.

أثر القانون الجديد: تنظيم مستقبلي لا إلغاء للماضي

القانون الجديد يمكن أن يُنهي العلاقة الإيجارية في المستقبل إذا تحققت شروط معينة، مثل:

وفاة المستأجر وعدم وجود امتداد قانوني.

مرور مدة زمنية معينة من تطبيق القانون.

استخدام العقار بطريقة مخالفة أو عدم استخدامه.

لكن هذه الأمور تتطلب دعوى إخلاء جديدة أمام القضاء، ولا يجوز تنفيذها بشكل مباشر أو استخدام القانون كأداة لطرد المستأجرين فورًا.

خلاصة القول

أحكام التمكين السابقة لا تُلغى بصدور قانون الإيجار الجديد.

تنفيذ القانون الجديد يجب أن يتم عبر الطرق القانونية المقررة، وليس بالتعدي أو استخدام السلطة.

أي محاولة لطرد مستأجر يتمتع بحكم تمكين نافذ تُعد جريمة، وتُعرّض الفاعل للمساءلة القانونية.

وفي الختام، فإن احترام حجية الأحكام القضائية، وعدم المساس بها بالتشريع، هو من دعائم دولة القانون ومبدأ سيادة القانون الذي لا تقوم دولة عادلة إلا عليه.

Exit mobile version