Site icon بوابة العمال

المهندس خالد محمود يكتب: تمليك الشقق للمستأجرين وتعويض المالك الحل الامثل لانهاء ازمة الايجار القديم

في واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية والاقتصادية تعقيدًا في مصر، طُرحت أزمة الإيجارات القديمة أمام صانع القرار، وكان يمكن للحكومة أن تسلك طريقًا أكثر عدلاً واتزانًا. كان المنطق من وجهة نظري يقتضي أن تسير الأمور في اتجاه تمليك الشقق للمستأجرين القدامى، لا أن تُنهي العلاقة الإيجارية بشكل فجّ دون مراعاة ظروف الملايين من الأسر، ودون تعويض مناسب لأصحاب الأملاك.

الحكومة، التي كانت لسنوات طويلة هي من ثبّتت الإيجارات عبر القوانين الاستثنائية، هي الطرف الذي يجب أن يتحمل مسؤولية معالجة آثار تلك القوانين، لا أن تلقيها بالكامل على كاهل المستأجر أو المالك. فبدلًا من أن تتحمل الدولة عبء توفير شقق بديلة لملايين الأسر التي ستُجبر على الإخلاء، كان من الأيسر والأكثر عدلًا أن تتحمل تعويضات مالية لعدد أقل بكثير من الملاك، مقابل تمليك الوحدات لمستأجريها الذين شغلوها لعقود طويلة.

فتح السوق العقاري وحفظ الحقوق

لو اتبعت الحكومة هذا النهج، لانتهت المشكلة برضا الطرفين:

المستأجر يتحول إلى مالك من خلال دفع مبلغ تحدده الدولة يُمثّل جزءًا من التعويض، ويتم سداده إلى خزينة الدولة مباشرة.

والحكومة تتحمل النصيب الأكبر من التعويض، باعتبارها الطرف الذي تسبب في تثبيت الإيجارات لسنوات، وأخّر استفادة المالك من ملكه.

بهذا، يتم فتح الوحدات المغلقة لتدخل سوق التداول العقاري إما كملكية أو إيجار جديد، ما يسهم في ضبط السوق وزيادة المعروض، دون اللجوء إلى الصدام الاجتماعي أو التشريد.

الفائدة العامة من فتح الشقق ودخولها سوق العقارات

عندما تُفتح مئات الآلاف من الشقق المغلقة وتدخل سوق العقارات، سواء بالبيع أو الإيجار وفق النظام الجديد، تتحقق فوائد واسعة تعم المجتمع بأسره:

زيادة المعروض من الوحدات السكنية، ما يؤدي إلى خفض نسبي في الأسعار ويمنح الشباب والعائلات فرصًا أفضل للسكن.

تنشيط قطاع الإيجارات وتحفيز حركة السوق، بدلًا من بقائه مشلولًا بقوانين قديمة جامدة.

زيادة دخل الدولة من الضرائب العقارية ورسوم التسجيل والعقود.

توفير مليارات كانت ستُنفق على بناء وحدات جديدة، عبر الاستفادة من الثروة العقارية المجمدة أصلًا.

تحقيق العدالة الاقتصادية من خلال تمكين المالك من الاستفادة من ملكه، وتمكين المستأجر من الحصول على سكن مستقر بطريقة قانونية ومنظمة.

نظرة قاصرة وحلول عاجلة

لكن للأسف، ما حدث هو العكس تمامًا.الحكومة اختارت الطريق الأسهل ذهنيًا، والأقصر نظرًا، والأكثر قسوة اجتماعيًا: إنهاء العلاقة الإيجارية بالقانون، دون النظر إلى أن ملايين المستأجرين لا يملكون بدائل، ولا قدرة على مسايرة الأسعار الحالية في السوق العقاري.

الحل “خارج الصندوق” كان واضحًا للجميع:
تمليك الشقق مقابل مساهمة مالية يتحملها المستأجر كجزء من التعويض، بينما تستكمل الدولة باقي المبلغ وتدفعه للمالك.

دعم حكومي محدود يغني عن صراعات طويلة.

تسوية نهائية تحفظ حق المالك والمستأجر وتُنهي الأزمة بعدالة اجتماعية.

لكن غياب الرؤية الاستراتيجية أدى إلى قانون لا يراعي الواقع، ولا يحقق العدالة، ولا يوفر حلًا حقيقيًا للأزمة، بل ينقلها من ورق القوانين إلى شوارع الواقع المزدحم بالمعاناة.

الخلاصة القول
إن معالجة أزمة الإيجارات القديمة لا يجب أن تتم بإخراج أحد الطرفين من المعادلة، بل بخلق حل مشترك يضمن الكرامة للمستأجر والحق للمالك، مع دور فاعل للدولة بصفتها الطرف الذي صنع الأزمة في بدايتها.

وما زال الأمل قائمًا أن تُراجع الحكومة موقفها وتتبنى حلولًا مبتكرة، عادلة، وواقعية، بدلًا من نظرة ضيقة لا ترى إلا الورق بعين الموظف ، وتتجاهل الناس.

Exit mobile version