المهندس خالد محمود يكتب: ذبذبات الرعب رواية علمية مخابراتية

الفصل الأول: بداية الاكتشاف
داخل منشأة أبحاث سرية، وسط صفوف من الأجهزة الإلكترونية وشاشات تومض بضوء أخضر خافت، وقف الدكتور حسن عبد الرحيم يتأمل بعينيه المرهقتين قطعة معدنية وضعت داخل حاوية زجاجية شفافة. أمسك بمكبر الصوت وقال بصوت ثابت:
“ابدأ الاختبار الآن.”
ضغطة زر واحدة، وانتقلت موجات كهرومغناطيسية بتردد محسوب إلى العينة المعدنية. في ثوانٍ معدودة، بدأ سطحها يهتز ثم… انفجار خاطف! صوت مكتوم، ورائحة احتراق طفيف. لم يكن انفجارًا تقليديًا، بل كان موجهًا بدقة، بدون وقود، بدون مواد كيميائية، فقط تردد متقن يستطيع إثارة الذرات إلى نقطة الانهيار.
ارتفعت همسات الفريق البحثي، وابتسم حسن لأول مرة منذ شهور. لقد فعلوها… لقد نجحوا! كان هذا الاكتشاف أعظم ما وصل إليه في حياته، لكنه لم يكن يعلم أن هذا النجاح سيكون بداية أكبر كابوس سيعيشه.
في مكان ما، على بُعد آلاف الكيلومترات، في غرفة مظلمة تعج بالشاشات، كان هناك من يراقب.
—
الفصل الثاني: الليلة المشؤومة
قبل أيام قليلة من الاختطاف، اجتمع القادة الأمنيون في مقر القيادة لمناقشة قرار مصيري. كان ابن أحد كبار القادة العسكريين يحتفل بزفافه في حفل فاخر سيحضره كبار الشخصيات في الدولة. قرر القائد المسؤول عن تأمين المنشأة سحب جزء من القوات الخاصة المكلفة بحماية العلماء لتأمين الموكب، مؤكدًا أن “لن يحدث شيء خلال يوم واحد فقط”.
كان ذلك القرار هو الفرصة التي انتظرتها العصابة منذ شهور.
في ليلة هادئة، كان الدكتور حسن يحتفل بعيد ميلاد ابنه في منزله المطل على نهر النيل. ضحكات الأطفال تملأ المكان، وكعكة عيد الميلاد تتوسط الطاولة، لكن فجأة…
انطفأت الأضواء.
في لمح البصر، اقتحمت عصابة مسلحة المنزل. صراخ الأطفال اختفى تحت هدير الطلقات الكاتمة للصوت، والحراس القلائل المتبقون لم يملكوا فرصة للمقاومة. اقتحم رجل مقنع الغرفة، نظر إلى حسن نظرة باردة، وقال:
“إما أن تأتي معنا… أو ترى عائلتك تموت أمامك.”
لم يكن أمام حسن خيار، فقد رآهم يسحبون زوجته وطفليه إلى الخارج. لحظات، وكان مقيدًا داخل سيارة سوداء تنطلق بسرعة، تبتعد عن منزله الذي تحول إلى ساحة دمار.
—
الفصل الثالث: جزيرة الجحيم
استيقظ حسن ليجد نفسه في مختبر متطور داخل كهف جبلي، محاطًا بأجهزة لا تقل تطورًا عن تلك التي كان يعمل عليها، بل أكثر تطورًا حتى. أمامه وقف رجل طويل القامة، ذو نظرات حادة، عرف لاحقًا أنه يُدعى الجنرال كاين.
قال الجنرال بنبرة لا تقبل الجدال:
“أنت الآن تعمل لدينا، ستكمل أبحاثك، لكن لصالحنا هذه المرة.”
“ولماذا أساعدكم؟” سأل حسن متحديًا رغم ضعفه.
“لأن حياتك وحياة عائلتك تعتمد على ذلك.”
فتح الجنرال شاشة كبيرة أمامه، عرض فيديو يُظهر زوجته وطفليه داخل منزل فاخر لكنه محاط بحراس مسلحين. ثم أخرج من جيبه جهازًا صغيرًا، ضغط على زر، وفجأة… انفجار محدود يحدث داخل المختبر، تمامًا مثل تجاربه السابقة.
“لدينا التكنولوجيا التي تحتاجها. يمكنك أن تساعدنا… أو ترى عائلتك تُمحى من الوجود.”
نظر حسن إلى الشاشة، ثم إلى الانفجار الذي حدث أمامه، وأدرك أنه أصبح أسيرًا داخل لعبة أكبر مما تخيل.
—
الفصل الرابع: سلاح السيطرة على العالم
بمزيج من الإرغام والخوف، بدأ حسن تطوير سلاح جديد، يعتمد على توجيه الترددات إلى أي مكان في العالم عبر الأقمار الصناعية. لم يكن الهدف خلق تفجيرات عشوائية، بل زرع الرعب والسيطرة على الحكومات من خلال تهديدها بتفجيرات دقيقة.
كانت الفكرة عبقرية بقدر ما كانت مرعبة: يتم وضع معدن رخيص مثل الألومنيوم في أي مكان – لعبة أطفال، غطاء زجاجة، قطعة معدنية في شارع مهمل – ثم يتم توجيه تردد خاص إليه، ليتحول إلى قنبلة مدمرة في لحظة.
كانت العصابة ترسل رسائل تهديد لقادة الدول، وإذا لم يذعنوا لمطالبهم، كانت التفجيرات تحدث، لتُفسَّر لاحقًا على أنها هجمات إرهابية أو غارات جوية مجهولة المصدر.
وفي كل مرة يحدث فيها انفجار، كان حسن يرسل رسالة استغاثة مشفرة، عبر ذبذبات مخفية داخل الإشارات التي ترسل إلى القمر الصناعي. لم يكن يعلم إن كانت رسائله تصل إلى أحد، لكنه لم يفقد الأمل.
—
الفصل الخامس: اكتشاف الإشارة
في القاهرة، كان أيمن شريف، أحد تلامذة الدكتور حسن، يعمل في أحد مختبرات الاتصالات. كان أيمن في بعثة علمية بأمريكا وعاد منذ أسابيع فقط، لكنه لاحظ شيئًا غريبًا: كلما وقع انفجار مجهول في العالم، كانت هناك إشارات غير مفهومة تظهر في تحليل الترددات.
لم يدرك الأمر في البداية، لكنه بدأ يلاحظ نمطًا. وبعد تحليل عميق، تمكن من فك التشفير: كانت رسالة استغاثة من أستاذه حسن!
حاول أيمن الوصول إلى السلطات، لكن لم يكن الأمر سهلًا حتى تمكن من مقابلة العميد ياسين البدري، أحد قيادات المخابرات المصرية، الرجل الذي كان مسؤولًا عن أمن حسن قبل اختطافه.
عندما رأى ياسين الرسائل، أدرك الحقيقة. لقد فشل في حماية حسن من قبل، لكنه لن يسمح لنفسه بالفشل مرة أخرى.
—
الفصل السادس: عملية الإنقاذ
بتنسيق محكم، تم التخطيط لعملية عسكرية جريئة لتحرير حسن وعائلته. في ليلة مظلمة، اقتحمت قوات النخبة المصرية الجزيرة مستخدمة غواصات غير قابلة للرصد، وبدأت معركة شرسة ضد الحراس.
في قلب الاشتباك، نجح أيمن في تعطيل نظام الأمان الإلكتروني، مما سمح لهم بالوصول إلى المختبر. تم تحرير حسن وعائلته، لكنهم لم يتمكنوا من مغادرة الجزيرة إلا بعد تدمير الأجهزة وإنهاء تهديد العصابة إلى الأبد.
في اللحظة الأخيرة، ضغط حسن على زر الحذف النهائي، ليمحو كل أثر لتجاربه، قبل أن تنفجر الجزيرة بالكامل، لتبتلع معها كل أسرار سلاح الدمار الجديد.
—
الفصل الأخير: النهاية الجديدة
عند عودته، وُضع حسن قيد الاعتقال بتهمة التعاون مع منظمة إرهابية، لكنه كان يعلم أن الأمر مجرد غطاء لحمايته من أعدائه.
لكنه لم يُسجن… بل تم نقله إلى مجمع بحثي سري في مصر، حيث وجد أمامه مشروعًا جديدًا بعنوان:
“تكنولوجيا الرنين النووي لتوليد الطاقة النظيفة”.
ابتسم حسن وقال لنفسه:
“حان وقت إصلاح ما أفسدته.”