المشاط تبحث تطوير الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية مع ألمانيا

كتبت شيماء أحمد وعبير ابورية
استقبلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ريم العبلي- رادوفان، وزيرة ألمانيا الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية، بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، وذلك خلال الزيارة التي تقوم بها لجمهورية مصر العربية، في إطار تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي الثنائي البلدين. ويأتي هذا اللقاء استكمالاً للمحادثات المثمرة التي انعقدت خلال فعاليات الدورة الرابعة من المؤتمر الدولي لتمويل التنمية (Ff4D) الذي عُقد بمدينة إشبيلية الإسبانية.
وفي مستهل اللقاء، رحبت الدكتورة رانيا المشاط، بالوزيرة الألمانية في زيارتها الأولى لمصر، كما تمنت لها التوفيق في مهمتها بالحكومة الألمانية الجديدة، مؤكدة تقدير جمهورية مصر العربية للعلاقات الاقتصادية المصرية الألمانية والتي تُعد شراكة استراتيجية تعكس الحرص على تعزيز المصالح المشتركة ودفع جهود التنمية، سواء من خلال الشراكة الحكومية الثنائية أو استثمارات الشركات الألمانية في مصر، وجهود التعاون الإنمائي، مضيفة أن تلك الزيارة تشكل علامة فارقة في مسيرة التعاون بين البلدين، وتعكس عمق العلاقات الثنائية والرؤية المشتركة نحو تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
وناقشت الوزيرتان مُستجدات وتطورات العلاقات الاقتصادية والاستثمارية المصرية الألمانية، والمشروعات التنموية المشتركة، واستكشاف آليات جديدة للتمويل المبتكر، خاصة في ضوء مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بمدينة إشبيلية الإسبانية، وضرورة مساهمة المجتمع الدولي بشكل أكبر في تمويل التنمية بالدول النامية والاقتصاديات الناشئة، كما بحثتا تنفيذ آلية ضمانات الاستثمار الأوروبية EFSD+، التي تأتي في ضوء الشراكة الاستراتيجية المصرية الأوروبية وتُسهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة للقطاع الخاص المحلي والأجنبي في مصر، فضلًا عن استعدادات انعقاد المفاوضات الحكومية المصرية الألمانية لعام 2025.
وبحث الجانبان مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، حيث أشارت إلى أهمية تنفيذ توصيات تقرير الفريق الأممي لحل إشكالية الديون بدول الجنوب والتي تضمنت 11 مخرجًا من بينها إعادة توجيه وتجديد موارد الصناديق القائمة ببنوك التنمية متعددة الأطراف وصندوق النقد الدولي، لتعزيز السيولة وتبني سياسات لتمديد آجال الاستحقاق وتمويل عمليات إعادة شراء القروض وتخفيض خدمة الدين أثناء الأزمات، وإصلاح الإطار المشترك لمجموعة العشرين ليشمل جميع البلدان متوسطة الدخل، وإصلاح تحليلات القدرة على تحمل الديون (DSA) لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتعكس بشكل أفضل وضع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وغيرها من التوصيات.
كما استعرضت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ملامح السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تستهدف تحقيق تحول هيكلي في الاقتصاد المصري نحو القطاعات القابلة للتداول والتصدير، من خلال تعزيز سياسات الاقتصاد الكلي، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، والتنمية الصناعية، ودعم سياسات سوق العمل والتشغيل، مشيرة إلى أن العلاقات المصرية الألمانية تنعكس على تحقيق تلك المستهدفات.
وفي هذا الصدد، أشادت الدكتورة رانيا المشاط، بنجاح برنامج مبادلة الديون المصرية الألمانية، حيث نجحت الحكومة المصرية في توقيع اتفاقيات مبادلة ديون بإجمالي قيمة إجمالية 340 مليون يورو لتمويل عدد من المشروعات التنموية في مختلف القطاعات، والمتضمنة الشريحة الجديدة من برنامج مبادلة الديون المصرية – الألمانية (بقيمة 100مليون يورو) خلال الفترة من 2024 حتى 2026، موضحة أن البرنامج أسهم في استخدام المقابل للمحلي للمديونية في تنفيذ مشروعات تنموية بمختلف القطاعات من بينها التعليم والتعليم الفني، والحماية الاجتماعية، والصحة، وتحسين إمدادات الطاقة المتجددة، كما يجري التنسيق من أجل لتخصيص 50 مليون يورو ضمن البرنامج لدعم محور الطاقة في برنامج «نُوفّي»، لتمويل جزء من المكوّن المحلي لمشروع ربط محطتَي «أكوا باور (1) و(2)» لتفريغ قدرة رياح قدرها 1100 ميجاوات. وأكدت أن برنامج مبادلة الديون المصري الألماني يُعد بمثابة مثال ناجح لتعزيز التمويل من أجل التنمية.
كما تطرق الحديث إلى اتفاق التعاون المالي بين مصر وألمانيا والذي تم توقيعه بتاريخ 25 مايو 2025 والمتضمن حزمة تمويلية تبلغ 118 مليون يورو في صورة تمويل ميسر ومساهمات مالية (منح مكملة)، ويتضمن تمويل المشروعات التالية: الدعم المالي لمبادرة التعليم الفني الشامل، ودعم إنشاء 25 مركزاً مصرياً للتميز؛ ووفي ذات السياق، ناقش الجانبان موقف المفاوضات الحكومية المزمع عقدها بين الجانبين المصري والألماني في نهاية العام الجاري، معربين عن تطلعهم لتعزيز التعاون الاقتصادي التنموي بين الحكومتين، وكذا تخصيص مساهمات مالية جديدة لتمويل مشروعات تنموية تهدف إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى أنه في ضوء نجاح المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، وتوسع المجتمع الدولي في مفهوم المنصات الوطنية لحشد الاستثمارات، جاري حالياً العمل بالتنسيق مع وزارة الصناعة، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وشركاء تنمية آخرين، لتدشين أول منصة وطنية لحشد التمويلات والدعم الفني لقطاع الصناعة، وذلك بما يتماشى مع «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»، لدفع جهود الدولة في توطين الصناعة وتشجيع المنتج المحلي، مشيرة إلى أن «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» تضع رؤية موحدة للاقتصاد المصري للتحول نحو القطاعات القابلة للتداول.
كما تطرقت إلى أهمية تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي من خلال الشراكة الألمانية بما يحفز جهود نقل الخبرات المصرية في مجال التنمية للدول النامية والناشئة، مشيرة إلى حرص مصر على دفع آفاق التعاون المشترك في مجال المياه ضمن برنامج “نُوفيّ” مع الجانب الألماني.
من جانبها، أبدت الوزيرة الألمانية تطلعها للبناء على العلاقات الاستراتيجية المصرية الألمانية وما تحقق على مدار السنوات الماضية من أجل المضي قدمًا نحو المزيد من التعاون المشترك، في ضوء التحديات الإقليمية والدولية.
وفي ذات السياق، ناقش الجانبان محفظة التعاون الاقتصادي بين مصر وألمانيا والتي بلغت نحو 1.6 مليار يورو، بهدف تنفيذ مشروعات تنموية مختلفة في قطاعات ذات أولوية مختلفة تساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة، بما في ذلك الطاقة والمناخ وإمدادات المياه والصرف الصحي والري والهجرة وإدارة المخلفات الصلبة وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع الخاص، حيث يتم تمويلها عن طريق آليات التمويل المختلفة مثل برنامج مبادلة الديون المصري الألماني والقروض الميسرة ومساهمات مالية ومنح للتعاون الفني.