أظهر أحفاد العثمانين لنا هذه الأيام وجههم القبيح واطماعهم المغرضة التى تنم عن أحلام التوسع والسيطرة والعودة نهب ثروات بلاد العرب ، وحين ثبت عليهم رعاية وتمويل مليشيات الدواعش في بلادنا وحين اصبح الإنتصار وشيكا على هذه المليشيات والمتمركزة الآن على الأراضى الليبية النفطية ، تبجح النظام التركى معلنا إرسال قوات عسكرية تركية لقتال الليبيين فى صفوف هذه المليشيات ، وبدلا من أن يسعى أردوغان في إصلاح ذات البين بين الطوائف المتنازعة على أرض ليبيا ليتوحدوا للتخلص من هذه المليشيات وتكوين دولة قوية تناسب ماتملكه ليبيا العربية من ثروات نفطية ، راح النظام التركى يعلن أنه سيرسل قوات عسكرية إلي ليبيا لقتال الجيش الليبى مدعوما بموافقة البرلمان التركى ذو الأحلام التوسعية الإستعمارية.
وننبه المخدوعين بأردوغان الذى نهض بتركيا وجعلها في مصاف الدول المتقدمة إقتصاديا ، وانه السلطان الذى سيعيد مجد الخلافة الإسلامية ، إن الرجل لم يختلف كثيرا عن أسلافه الذين بطشوا ببلاد العرب والمسلمين ، ولم و لن يزد خيره وفوائده عن الدولة التركية والمواطنين الأتراك ، فلم نجد منه حتي في ادق قضيا المسلمين المضطهدين فى شتى دول العالم سوى الكلام ، أما حين يتعلق الامر بأطماع نهب ثروات دول العرب فإذا به يرسل القوات والجيوش ومن خلفه البرلمان الذى اغلبيته من الموالين له.
كما ننبه المخدوعين بما يسمى بالخلافة العثمانية ، أن الدولة العثمانية لا تستحق الإنتساب الى الخلافة لأنها ماكانت إلا إمبراطورية توسعية إستعمارية لا تنتمي إلي الخلافة الراشدة طرفة عين ، كما كانت الخلافة قبلها فى الخلافة الأموية والعباسية ، ففى هذه العصور انتشر العلم والتقدم والتصنيع والإنتاج والزراعة فى شتى بلاد أمة الإسلام حتى كانت الأندلس منارة للعالم الغربي في الخلافة العباسية .
وكانت شوارع قرطبة فى الأندلس تضاء بالقناديل ليلا كانه النهار وكانت شورع روما وباريس ولندن كاحلة السواد بعد غروب الشمس ، حتى بزغ فى بلاد المسلمين علماء خلدهم التاريخ فى شتي العلوم ومنهم من أبتكروا علوما جديدة وقعدوا قواعدها ولازلت كتبهم هي أمهات الكتب فى هذه العلوم. وكان اغلب هؤلاء العلماء يظهرون من بلاد خارج دولة وعاصمة الخلافة مثل إبن سينا وبن خلدون والرازى وابن الهيثم وغيرهم وجميعهم كانوا في عصور الخلافة الحقيقية قبل العثمانيين الذين حين استعمروا بلاد العرب والمسلمين عملوا علي نهب ثروات بلادهم وإفقارهم وتجهيلهم وقد درسنا في التاريخ أن العثمانيين كانوا يخذوا كرها كل العلماء والخبراء والصناع والحرفيين المهرة من بلادهم ليعموا بالأسيتانة عاصمة العثمانيين قبل أن تصبح الأسطنبول.
فلم تكن دولة العثمانيين خلافة تمكن لأمة الإسلام وتسعي لتقدمها ونهضتها يوما واحدا إنما كانت إمبراطورية إستعمارية توسعية أذاقت البلاد والعباد قدرا كبيرا من الذل والبطش والظلم.
ولم تنهض مصر إلا حين تخلصت من تبعيتها لهذه الدولة العثمانية علي يد محمد على باشا والذي نصبه الشعب المصرى متمثلا فى القيادات الشعبية واليا علي مصر رغما عن السلطان العثمانى ، لما وجدوا فيه من قدرات متميزة وحب لمصر و بطولاته الذى أظهرها مناصرا للمصريين فى مناهضة الحملة الفرنسية ورغم ان ” محمد على” دخل مصر مع الأتراك إلا انه كان من الضباط الألبان أى انه لم يكن من أصول تركية لذلك كان السلطان العثمانى رافضا لتوليه حكم مصر تبعا للخلافة العثمانية فوقف المصريون بجانبه وبايعوه واليا على مصر في اجواء ثورية عقبت خروج الحملة الفرنسية من مصر مما اضطر سلطان العثمانيين أن يوافق ويعتمد تولى “محمد على باشا ” حاكما لمصر .
وحين تولى ” محمد على” حكم مصر مدعوما من شعبها اقام لها جيشا واسطولا قويا ثم اعلن استقلال مصر عن الدولة العثمانية. وبدأ التخطيط والعمل فى نهضة مصر الحديثة بعيدا عن أطماع ونهب وظلم العثمانيين.
فلم تنهض مصر في حكم العثمانيين والحاكم الذى خطط وحقق نهضتها لم يكن من الاتراك اصلا ، فلا تنخدعوا بهذه المصطلحات والكلمات التى يراد بها النصب على الشعوب العربية. فالعثمانية لم تكن خلافة واردوغان لم ولن يكون سلطانا للمسليمين او خليفة إنما هى دولة تحلم بالعودة إلى مجد زائل كان ملطخا بالدماء والمظالم.
بقلم : طارق الصاوي المستشار الاعلامي لجمعية الطرق العربية