“عدالة مش رأفة”… حملة جديدة تطلقها المنظمات النسوية لإسقاط مواد الرأفة في قانون العقوبات

كتبت : ميادة فايق
تُطلق مجموعة من المنظمات والمبادرات النسوية المصرية حملة جديدة تحمل عنوان «عدالة مش رأفة»، ضمن فعاليات حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء، بهدف تسليط الضوء على الثغرات القانونية التي تُسهِم في إفلات مرتكبي العنف الأسري والقتل ضد النساء من العقاب، أو حصولهم على أحكام مخففة تحت مسمى “الرأفة”.
تأتي هذه الحملة على خلفية سلسلة من الجرائم التي هزّت الرأي العام خلال شهر نوفمبر الجاري، كان آخرها مقتل الشابة أماني السعيد (19 عامًا) بمحافظة كفر الشيخ على يد زوجها. ورغم بشاعة الجرائم وتصاعدها، تستمر بعض المحاكم في إصدار أحكام مخففة تُستند في كثير من الأحيان إلى مواد محددة في قانون العقوبات المصري، ما يفتح الباب لتقويض العدالة وإعادة إنتاج العنف داخل الأسرة.
ووفقًا للقائمات على الحملة، تُعد المواد (7، 17، 60، 237، 274) من قانون العقوبات ركائز أساسية لحالات الإفلات من العقاب. فالمادة 7 تُعلي من تأويلات الشريعة الخاصة بالأحوال الشخصية الصادرة عام 1929، بينما تمنح المادة 17 القضاة سلطة الرأفة في تخفيف العقوبة. أما المادة 60 فترتبط بنية الجريمة والدوافع “السليمة”، في حين تنحاز المادتان 237 و274 لما يُعرف بـ”جرائم الشرف”، وهو ما يفتح بابًا خطيرًا لتخفيف عقوبات القتل والعنف المرتكب داخل الأسرة.
وتشدد الحملة على أن هذه المواد ليست مجرد نصوص جامدة، بل أدوات قانونية تُستخدم باستمرار لتبرير العنف ضد النساء والتقليل من خطورته، وهو ما يكشف، بحسب وصف الحملة، فلسفة قانونية واجتماعية تُطبع العنف داخل الأسرة وتُرسخ السلطة الأبوية كمفسّر أعلى للقانون.
وترى المنظمات المشاركة أن تراكم خبرات الحركة النسوية المصرية في متابعة الأحكام القضائية خلال السنوات الماضية يؤكد وجود تفاوت كبير في تطبيق العدالة، وأن استمرار العمل بهذه المواد يُشرعن التمييز ويُضعف مبدأ المساواة أمام القانون، بل ويفتح الباب أمام القتل تحت ذرائع ثقافية أو دينية أو أخلاقية.
وعليه، تدعو حملة «عدالة مش رأفة» إلى إلغاء هذه المواد وإعادة صياغة المنظومة التشريعية بالكامل، بما يضمن العدالة والكرامة والحق في الأمان للنساء داخل الأسرة، والاتجاه نحو قانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء يعكس فلسفة إنسانية ترفض التمييز وتضع حماية النساء كأولوية.
وتؤكد المؤسسات المشاركة أن تحقيق العدالة لا يمكن أن يتم عبر إصلاحات جزئية أو تطبيقات انتقائية، بل من خلال مراجعة نسوية شاملة لفلسفة العقوبة والتعويض في قضايا العنف، واعتبار العنف داخل المنزل جريمة لا يبررها أي نص أو عُرف أو تأويل.
وبإطلاق هذه الحملة، تُجمع الحركة النسوية المصرية على أن العدالة الحقيقية تبدأ من إعادة تعريف القانون نفسه، ومن الاعتراف بأن حياة النساء وأمانهنّ لا يجب أن تكون رهينة «الرأفة» بل محمية بنصوص عادلة تُحاسب الجناة بلا استثناء.







