حوار محمد حربي
أكد الدكتور محمد خليل حسين- أستاذ اللغة العربية بجامعة موسكو الروسية للغات، أن اللغة قوة ناعمة وجسر للتعرف على ثقافات وحضارات الأمم، موضحاً أنه سيتم توقيع بروتوكولات تعاون بين الجامعات المصرية والروسية للتبادل العلمي، وإتاحة الفرصة للطلاب لدراسة اللغة الروسية في روسيا، في مقابل اتاحة الفرصة أمام الطلاب الروس لتعلم اللغة العربية بالجامعات المصرية مجاناً؛ لافتاً إلى أن روسيا تنفتح على أفريقيا حالياً، من خلال تعظيم الشراكة الاقتصادية والتجارية، وتعزيز التعاون في شتى المجالات .

جاء ذلك على هامش المشاركة في مؤتمر “الأسبوع الدولي للغة الروسية”؛ لرفع كفاءة أساتذة اللغة الروسية في الدول الأفريقية؛ الذي افتتحه السفير الروسي لدى جمهورية مصر العربية- جيورجي بوريسينكو، ونظمته مؤخراً بالقاهرة، مؤسسة التعاون الروسي بالتعاون مع جامعة موسكو، بحضور الدكتور صالح هاشم- أستاذ اللغة الروسية، رئيس جامعة عين شمس الأسبق، مستشار وزير التعليم العالي، وإيرينا شوكينا- رئيسة مكتب التعاون الدولي الروسية، بجانب عدد من الخبراء والمتخصصين في الروسية من 16 دولة أفريقية.
وقال الدكتور محمد خليل – السوداني الجنسية-، في حوار خاص لـ ” العمال”، إن مؤتمر “الأسبوع الدولي للغة الروسية”، هو مؤتمر للمتخصصين في اللغة الروسية، وهو المؤتمر الأول الذي تقوم به وكالة التعاون الروسي ، بالتعاون مع جامعة موسكو، لمعلمي اللغة الروسية في أفريقيا، وفي مصر؛ موضحاً أن فكرة المؤتمر، بدأت من اهتمام الجانب الروسي، لنشر الثقافة، والتعليم واللغة الروسية في البلدان الأفريقية، والانفتاح على أفريقيا بشكل عام؛ مشيراً إلى أن هذه الفكرة، هي دليل قوي من الحكومة الروسية للسعي إلى نشر الثقافة واللغة الروسية في جميع البلاد الأفريقية.
وأشار الدكتور محمد خليل، إلى أنه تم وضع رؤية مسبقة للاستفادة من هذا المؤتمر؛ وذلك من خلال تحديد الفئة المستهدفة، هم معلمو اللغة الروسية في الجامعات الأفريقية، والسعي لرفع كفاءة الكادر الأفريقي في تعليم اللغة الروسية، بصورة عامة، بحيث يتمكنوا من أداء مهامهم، على أكمل وجه ممكن؛ لافتاً إلى أنه قد سبق هذا المؤتمر، دورة تدريبية متخصصة في تطوير الكفاءات، استمرت لمدة شهر، عبر الانترنت.
وتحدث الدكتور محمد خليل، عن دور الحكومة الروسية، ودرجة اهتمامها الكبير في نشر وتعليم اللغة والثقافة الروسية بجميع أنحاء العالم، بدليل إقامة هذا المؤتمر في القاهرة وأفريقيا؛ وكذلك منتديات ومؤتمرات أخرى في كل القارات العالمية؛ مشيراً إلى أنه قد سبق وتم تنظيم نفس هذا المؤتمر، في تركيا، وفيتنام، والصين؛ لافتاً إلى أنه في الفترة الأخيرة، انفتحت روسيا على البلاد العربية والأفريقية؛ وقد أدركت أن الانفتاح على العالم، لا يكتمل إلا عبر جسور اللغة والثقافة.
وحول استخدام اللغة كقوة ناعمة؛ فقد أكد الدكتور محمد خليل، على أنه من المعروف، أن كل من يتعلم لغة بلد، فإنه ينفتح على ثقافتها؛ موضحاً أن اللغة هي الجسور التي تربط بين الشعوب وبعضها البعض، وعن طريق اللغة بالإمكان نقل الثقافات الأخرى، والتعرف على حضارات الأمم جميعاً، وعليه فإنه يمكن القول بإن اللغة أهم أسلحة القوة الناعمة في الوقت الحالي.
وأضاف الدكتور محمد خليل، بأنه إذا أردنا الحديث عن اللغة الروسية واللغات الأخرى، وما تحتاجه اللغة الروسية لتكون قادرة على المنافسة في مواجهة اللغات الأخرى بأفريقيا؛ فإنه ينبغي الحديث عن نظرة الدارسين لكل لغة؛ إذا هي بالنسبة لدارسيها تمثل السلاح الاقتصادي؛ ولذا فإن كل من يريد دراسة لغة ما، يكون لديه هدف من دراستها، ومدى الاستفادة التي تعود عليه بعد التخرج، ومجالات العمل المتاحة.
ونوه الدكتور محمد خليل، إلى أنه في حال أخذ مصر نموذجاً للحديث عن اللغة الروسية، فإن كل من يتعلم هذه اللغة، سوف يجد أمامه العديد من فرص العمل المتاحة، سواء في المشروعات الضخمة كمشروع الضبعة النووي، أو في مجال السياحة، مع تدفق السائحين الروس، الذين يتزايدون بشكل سنوي لزيارة الآثار المصرية، والاستمتاع بالمناخ المصري الرائع.
وأما في البلدان الأفريقية الأخرى، التي يندر فيها السائحين الروس، فإنه من الممكن أن تكون النظرة الاقتصادية في دراسة وتعلم اللغة الروسية، تعتمد على درجة التعاون بين الحكومة الروسية وحكومات هذه البلدان الأفريقية، وكم الاستثمارات في المشروعات المختلفة؛ ولذلك تكون حكومة روسيا بالسعي من أجل إقامة شراكة وتعاون اقتصادي مع الأفارقة بشكل عام، من خلال صفقات، وزيادة علاقات النفع المتبادلة.
وكذلك تحدث الدكتور محمد خليل عن مدى اقبال الروس على تعلم اللغة العربية؛ موضحاً بأنه شخصياً يقوم بمهمة تدريس اللغة العربية في جامعة موسكو الدولية للغات؛ كما أنه في الفترة الأخيرة، جرت مساعي كثيرة لتطوير العلاقات الروسية العربية؛ وأنه قد قامت دولة الامارات العربية المتحدة ، بالتعاون مع معهد بيرماكوف، لفتح معهد الشيخة فاطمة بنت مبارك في موسكو؛ وهذا المعهد يقوم بتنظيم مؤتمر سنوي، كما يجري اختبارات للطلاب الروس، ويحصل المتفوقين منهم على منحة إماراتية لدراسة اللغة العربية في الامارات،
كما قامت دولة قطر بفتح مركز ثقافي لتعليم اللغة العربية، وهناك امتحان لتحديد القدرات، ومن يتفوق، بإمكانه الحصول على منحة دراسية مجانية لمدة عام لتعلم ودراسة اللغة العربية في الدوحة، وكذلك هناك المدرسة السعودية، والعراقية في روسيا؛ وحاليا تكاد تكون اللغة العربية يتم تدريسها في كافة الجامعات الروسية، وفي كل التخصصات، دون أن تقتصر على الآداب فحسب، إذ أنها أصبحت مهمة في العلاقات الدولية، والقانون، والاقتصاد، وهناك اقبال كبير من الروس لتعلم اللغة الروسية، ولاسيما المسلمين من الشيشان وغيرهم، الذين يريدون قراءة القرآن باللغة العربية.
وبجانب هذا وذاك‘ فإن جامعة قابوس بسلطنة عمان أنشأت قسماً لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وكذلك في السعودية، وتجرى اتفاقيات مماثلة مع جامعات جزائرية، وأخيراً هناك جهود لتوقيع بروتوكولات تعاون مع الجامعات المصرية للتبادل العلمي، ودراسة اللغة الروسية من جانب الطلاب المصريين، واللغة العربية من جانب الروس، ويكون ذلك مجانياً.
الدكتور محمد خليل: اللغة قوة ناعمة وجسر للتعرف على ثقافات وحضارات الأمم

