الاخوان المسلمين سقط قناعهم حين قررت الدولة المصرية ان تتكلم بلغة لا تعرف المواربة ولا تقبل المساومة لغة الادلة والوقائع لا الشعارات ومنذ تلك اللحظة لم يعد التنظيم قادرا على الاحتماء بخطاب المظلومية لان ما وضع امام العالم كان تاريخا موثقا لا يمكن انكاره
الاخوان المسلمين لم يكونوا يوما جماعة دعوية بريئة كما حاولوا تصدير صورتهم منذ لحظة التأسيس الاولى على يد حسن البنا بل كانوا مشروعا سياسيا مغلقا يتغذى على الازدواجية ويعيش على التناقض بين الخطاب العاطفي والممارسة العنيفة ومنذ الثلاثينيات تشكلت بذرة تنظيم يرفع شعارات الاخلاق ويخفي تحت عباءته طموح السيطرة واحتكار الحقيقة ومع مرور الزمن تحولت الفكرة الى تنظيم عابر للحدود يخاصم الدولة الوطنية ويعادي فكرة المواطنة ويضع نفسه فوق المجتمع والقانون
عند قراءة التاريخ بعيون مفتوحة نكتشف ان العنف لم يكن طارئا على الاخوان المسلمين بل كان مسارا موازيا للفكر والتنظيم فمن الجهاز الخاص في الاربعينيات الى حوادث الاغتيال والتخريب وصولا الى تحالفات مشبوهة مع قوى خارجية لم تتوقف الجماعة عن استخدام الدين كاداة سياسية تخدم مشروعها لا اكثر ولم يكن الصدام مع الدولة المصرية وليد لحظة غضب بل نتيجة حتمية لفكر لا يؤمن الا بذاته ولا يعترف الا بسلطته
اليوم ونحن نتابع الموقف الامريكي الاخير تجاه الاخوان المسلمين لا يمكن فصله عن تراكم طويل من الحقائق التي عملت الدولة المصرية على كشفها للعالم بهدوء وصبر وعقل بارد هذا التحول لم يهبط من السماء ولم يكن استجابة لمشاعر او ضغوط بل جاء نتيجة عمل مؤسسي قاده الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ سنوات واضعا هذا الملف الشائك على طاولة النقاش الدولي مدعوما بالادلة والوقائع
في لقاءات مباشرة مع الادارة الامريكية خلال الولاية الاولى للرئيس دونالد ترامب كان ملف الاخوان المسلمين حاضرا بقوة ليس كطلب سياسي عابر بل كقضية امن دولة تمس الاستقرار الاقليمي والدولي مصر قدمت سردا موثقا لتاريخ التنظيم ونشاطه العنيف وعلاقاته المشبوهة وتحركاته العابرة للحدود بلغة الارقام والوثائق وهو اسلوب يعكس عقلية دولة تعرف ماذا تريد وتعرف كيف تدافع عن نفسها
قوة الموقف المصري لم تنبع فقط من عدالة القضية بل من شخصية القائد الذي ادراها الرئيس السيسي بخلفيته المهنية تعامل مع الملف باعتباره مسالة امن قومي لا دعاية اعلامية فكانت الرسائل واضحة والحقائق صلبة لا تقبل التاويل وهذا ما اكده مساعد وزير الداخلية الاسبق في حديثه مع الاعلامي اشرف محمود عندما اشار الى ان كل ما قدم كان محسوبا ومدققا ومبنيا على شواهد دامغة
الهجوم على الاخوان المسلمين اليوم ليس ترفا سياسيا ولا تصفية حسابات بل ضرورة تاريخية لان هذا التنظيم لم يتغير ولم يراجع نفسه بل اعاد انتاج خطابه وفق الظروف محافظا على جوهره القائم على الاقصاء والتكفير وتهديد الدولة الوطنية لقد جربهم المصريون وحكموا بانفسهم عندما وصلت الجماعة الى السلطة فكانت النتيجة فوضى وانقساما ومحاولة اختطاف هوية الدولة
الاخوان المسلمين عبر تاريخهم الطويل لم يقدموا نموذجا للحكم ولا رؤية للاصلاح بل سعوا دائما الى هدم مؤسسات الدولة من الداخل واستخدام الشارع كوسيلة ضغط والتلاعب بالمشاعر الدينية لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة هذا التاريخ الاسود لا يمكن محوه بخطاب ناعم او تصريحات براقة
اليوم تتقاطع المصالح الدولية مع الحقائق التي كشفتها مصر فبات العالم اكثر وعيا بخطورة الاخوان المسلمين كتنظيم ارهابي يهدد الامن والاستقرار وهذا التحول يعكس انتصارا للعقل والوثيقة والعمل الهادئ ويؤكد ان الدفاع عن الدولة لا يكون بالصراخ بل بالفعل
وفي هذه اللحظة الفارقة لم يكن الرئيس عبد الفتاح السيسي يخوض معركة خطاب بل معركة وعي امام العالم اختار ان يواجه تنظيما اعتاد الاختباء خلف الشعارات بلغة الملفات لا الهتاف وبمنهج الدولة لا انفعال السياسة وحين وضعت الادلة على الطاولة سقط القناع الذي طالما حاول الاخوان المسلمين تثبيته على وجوههم ولم يعد ممكنا تسويقهم كتيار سياسي بل كتنظيم مارس العنف وخطط للفوضى وهدد استقرار الدول وهنا فقط فهم العالم ما كانت مصر تقوله منذ سنوات
وتبقى الحقيقة واضحة الاخوان المسلمين كانوا وما زالوا خطرا على فكرة الدولة ومشروعهم لم يكن يوما من اجل الدين بل من اجل السلطة ومصر حين واجهتهم لم تدافع عن نفسها فقط بل عن المنطقة كلها وعن مستقبل لا مكان فيه لتنظيمات تعيش في الماضي وتكذب على الحاضر وتخاف من المستقبل مصر امريكا ارهاب امن دولة تاريخ

