عندما يأتى توقيت افتتاح معرض القاهرة الدولى للكتاب من كل عام نشهد إقبالا كبيرا من الجمهور المتعطش الي القراءة ومعرفة كل ما هو جديد في معرض الثقافة والتنوير من اجل خلق اجيال مثقفة ومستنيرة وواعية تستطيع التعامل الجيد مع آليات العصر الحديث وتحدياته !
وربما نجد اقبالا كبيرا علي القراءة هذا العام بسبب حاجة المجتمع المصري الي المزيد من الثقافة والبحث عن كل ما هو جديد في مجال للمعرفة والعلوم المختلفة ولا نريد علي الإطلاق أن نسترجع المقولة الخاطئة والغبية لأحد القادة الإسرائيليين فى حرب أكتوبر وهو موشى ديان حينما قال وقتها ردا على نشر خطط إسرائيل وأنواع أسلحتهم بالصحف ووسائل الإعلام وموجها كلامه للعالم العربي قائلا بأن العرب اذا اكتشفوا هذا الأمر ، فلن يتخذوا الحذر، ولن يفعلوا شيء وقال مقولته الشهيرة «العرب قوم لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفقهون وإذا فقهوا لا يعملون»!، وكان في هذه المقولة نغمة كبيرة من السخرية والتهكم ضد الشعوب العربية التي وصفها بالجهل والتخلف في الوقت نفسه!
ولكن السنوات الماضية حتى الآن تثبت فشل هذه المقولة ونحن في المعرض رقم ٥١ ويشهد مع كل عام نجاحات مختلفة من حيث التوزيع وبيع الكتب ووجود دور نشر أجنبية وعربية فضلا عن المصرية
وبسبب كثرة أعداد الإصدارات الثقافية والعلمية الجديدة فى مصر والدراسات العلمية والتراجم إلى اللغات الأجنبية المختلفة.
وبلا شك أن احتفالية المثقفين كل عام بالحدث الهام الذى ينتظره العشاق من كل فج عميق وهو بالفعل موسم القراءة الأول بلا منازع ومعرض الثقافة والحوار وعرس الديموقراطية الحقيقية وتلاقي الثقافات المختلفة .
ويذكر أن المعرض بدأ نشاطه الأول فى عام ١٩٦٩، عقب النكسة بعامين من أجل استنهاض العقول وقتل الإحباط وتنوير العقول وتعظيم دور الثقافة والمثقفين وهو أقدم المعارض فى العالم العربى بلا شك.
وينتظر المثقفون ومحبو الكتب والمتخصصون معرض القاهرة الدولى للكتاب من العام للعام للاقتناء الدراسات الحديثة والاصدارات والدوريات المترجمة والتعرف على الكتب الصادرة حديثا، فيما يطلق عليه «سوق الكتب» الذى يبحث عن زبائنه من المثقفين وغير المثقفين!
كما أن معرض الكتاب يمثل ركنا أصيلا من أركان الثقافة المصرية خاصة أنه يقام هذه المرة فى أرض المعارض الجديدة للعام الثاني علي التوالي بكل إمكانياتها المتقدمة فى وسائل العرض والتكنولوجيا! وقد تم اختيار السنغال ضيف شرف للمعرض هذا العام ربما بسبب حصول لاعب ليفربول السنغالي ساديو مانيه علي احسن لاعب افريقي لعام ٢٠١٩ !
وكان منذ بداية معرض الكتاب مزارا للقادمين من الدول العربية الشقيقة، لكى يتبادلوا النقاش والحوار والتكامل معا لصالح الثقافة العربيةو يتعرفوا على أحدث الإصدارات الثقافية وفى كافة المجالات حيث كانت ولا تزال مصر منارة الثقافة وقبلتها فى العالم العربى وقد كانت عاصمة العراق بغداد كذلك قبل أن يدمرها الاحتلال الأمريكى لها.
لأن القراءة عظيمة وأكدها القرآن الكريم فى أول آيه نزلت فيه فى سورة اقرأ كان لا بد من اهتمام الدولة بالقراءة وموسم الثقافة الكبير الذى ينتظره الجميع كل عام حيث إن القراءة تحفظ الوقت من ضياعه فى الانشغال بما ليس به فائدة وتُنير الفكر وتُنمى العقل وتُضيف القدرة على حل المشكلات ولكن ما يواجه إشكالية المعرض والقراء كل عام هو ارتفاع أسعار الكتب نتيجة انخفاض أسعار الورق ولوازم الطباعة !
وهى أزمة لا بد أن تتحد الدولة مع التجار والناشرين فى حلها.! وبخاصة فى ظِـل الظروف الاقتصادية العالمية بشكل عام وربما كان ترتيب الأولويات. فبعضهم لا يعتبِـر القراءة ضرورة، بل يعتبرها نوْعا من الكماليات !
وهكذا تتراجع أهمية شراء الكتاب فى معارض الكتب بوجه عام وليس معرض القاهرة فقط. الأمر الآخر لماذا لا تعود الدولة إلى إحياء مشروع مكتبة الأسرة مرة أخرى وكذلك مشروع القراءة للجميع؟ حيث توافرت الإصدارات بأسعار زهيدة للغاية وأصبح بعدها الكتب فى متناول الجميع وأتمنى أن تعيد الدولة ووزارة الثقافة اهتمامها بهذا الأمر مجددا إنقاذا للقراء والجمهور المتعطش للقراءة والذى يجعل شراء الأطعمة والغذاء الجسدى مقدما على شراء الكتب!
ولا بد من عدم منع توزيع كتب بعينها بالمعرض وإتاحة الأمر للجميع وعدم مصادرة حق الأفراد فى القراءة واختيار ما يناسبهم من المؤلفين والكتب والأفكار!
علي اي حال فالقراءة لها فوائد عديدة لا نهملها على الإطلاق ولا ننسى مقولة «القارئ لا يهزم»! ولابد أن نغير انفسنا بالقراءة والعلم والعمل الفعلي والانتاج والايمان الشديد باهمية الوقت والعمل حتي لا يصدق علينا مقولةالشاعر الجاهلي المتنبي
حينما وصف أمة العرب قائلا:” اتري غاية الاسلام في اللحية والجلباب ..يا أمة ضحكت من جهلها الامم”!