الدكتور فتحي حسين يكتب :الروتين الحكومي وطبيبات المنيا

ربما كان الروتين الحكومي البغيض والمتمثل في التكليف الطبي لطبيبات المنيا اللاتي فقدن حياتهن بسبب اجبارهن علي حضور تدريب في القاهرة بشكل مفاجيء ودون اعلامهن بميعاد التدريب او التكليف سوي قبلها بيومين او ربما يوم واحد وفي نفس الوقت لم يكن في استطاعتهن أن يتغيبن عن هذا التكليف الاجباري حتي لا يخضعن للعقاب والتحقيق الامر الذي ادي في النهاية الي مصرعهن وفقدان حياتهم الي الابد بسبب عدم وجود وقت كافي لحجز وسيلة تنقل ادامية وأمنة لكي تنقلهن الي القاهرة من محافظة المنيا بعدما امتلأت حجوزات القطارات عن بكرة ابيها في هذا الوقت وعدم وجود وسيلة نقل اخري آمنة!
والامر الاخر لم توفر نقابة الاطباء سيارات لمثل حالات التدريب والتكليف من اجل ان تأتي بهم وتعود اسوة بالدول المتقدمة الامر الذي جعلهن يختارن سيارة خاصة ليست امنة وكانت النتيجة المتوقعة تعرضهن لحادثة بشعة اودت بحياتهن جميعا بسبب السرعة الغير طبيعية التي يتميز بها سائقي السيارات لدينا -وبعضهم من اصحاب الكيف العالي- بحيث جعلت مصر تحتل مرتبة متقدمة في حوادث الطرق السريعة وتفوق ضحاياها الحروب الطاحنة بين اعتي الدول الكبري !
وهذه الحادثة البشعة كشفت عن رعونة الجهات المسؤلة التي ربما ادي اهمالها الي حدوث كارثة بشعة وهي قتل طبيبات شابات واعدات من المنيا و حولوا محافظة المنيا الي مأتم من الاحزان وصراخ والنحيب والبكاء بسبب فقد الاهالي لطبيبات من أبناءهم وضياع مستقبلهم واعمارهم في غمضة عين ولحظة فارقة!
ومن المعروف أن البلدان المنخفضة والمتوسطه الدخل تشهد ٩٠% من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في العالم و هذه أحصائية من منظمة الصحة العالمية والتي اكدت ان مصر من اسوأ الدول عالميا فيما يخص الطرق . واكدتها ايضا
احصاءية من الجهاز المركزي للإحصاء وهو جهاز حكومي بأن حوادث الطرق في مصر وصلت الي ٨٥٠٠ حادثة بل وصلت نسبة الوفيات الي ما يعادل ٩ اشخاص من بين كل ١٠٠ الف نسمة !
وهذا بلا شك ألقي بظلاله علي حالة الظلم والتعسف التي يعاني منها الطبيب الشاب صغير السن وحديث التخرج في بداية عمله المهني حيث يواجه ضغوط الادارية وروتينية وبيروقىاطية لا حصر لها ، ناهيك عن قلة الامكانيات والادوات المطلوبة والتجهيزات اللازمة التي تدفع بهم الي السفر الي الخارج ربما للتدريب الجيد او للعمل الامر الذي ينعكس علي سوء الخدمة الطبية المقدمة لدينا من قبل اطباء غير مهنيين بشكل كبير ويرتكبون اخطاء فادحة تؤدي بحياة المرضي الي الهلاك وتسبب وفيات ايضا وهي ما تسمي باخطاء الاطباء ! ومثل هذه الضغوط ربما تدفع الاف الاطباء الي الهجرة خارج البلاد او ربما ترك المهنة بسبب ان الحكومة تعتصره وتضغط عليه بلا معني بدلا من مساعدته وتجهيزه واعداده للمحافظة علي الصحة !
وهو ما نادرا ما نجده في الدول الاخري الاوروبية وفي امريكا وربما لا نجده في بعض الدول العربية !
هذه الواقعة المتعلقة بارواح اطباء المنيا والتي ذهبت هباءا بسبب الاجبار والتعنت وعدم المرونة من قبل نقابة الاطباء او الجهات الحكومية التي كان ينبغي ان تعلن عن التكليف قبل موعده بفترة كافية ولابد من توفير سيارة خاصة لنقل المغتربين من طبيبات المحافظات الي القاهرة واعادتهم مرة اخري وكم من حوادث الوفيات المماثلة لأطباء حضروا القاهرة لتلقي التكليف والتدريب فلقوا حتفهم مثل حادثة حريق قطار رمسيس قبل عامين بسبب الاجراءات الروتينية المتعنته وعدم احترام وتقدير الطبيب المتخرج وتوفير سبل الراحة له حتي لا يضطر الي الهروب من الواقع المرير في بلاده للخارج وفي دول تقدر العلم والعلماء وتصنع من علمهم و عقولهم المعجزات في شتي المجالات بينما نحن هنا نحاربهم ونترصد بهم ، ربما عن جهل وعدم معرفة ، وربما نتيجة قلة الامكانيات والتجهيزات اللازمة وهو ما يدفعهم الي منح عقولهم وعلمهم لدول اخري يجدون معها انفسهم ويشعرون بآداميتهم !!

زر الذهاب إلى الأعلى