يعتقد الكثير من السطحيين أن المشاعر لها قدرة على التأثير في البشر فقط، في سلوكهم ومواقفهم، قراراتهم وصيرورة حياتهم.
إن سطحيتهم تمنعهم من رؤية الصورة العظيمة للمشاعر الإنسانية وكيف كانت ركناً رئيساً من أركان تاريخ التراث الفني والثقافي، وحجر أساس في هيكلية فهم الإنسان المبدع لنفسه وما يدور في دواخلها من عواصف ومتغيرات، وفهمه لعاطفته وعقله ونسيج العلاقة بينهما وما يتداخل فيها من تناقضات وتوترات وأعاصير تنصف المنطق أحياناً وتطيح به بكل قسوة أحياناً أخرى.
الكاتب الأمريكي أندريه اسيمان تحدث عن روعة الحب الأول متحمساً لآراء الأديب والكاتب الفرنسي جان دي لابرويير الذي يعتقد أن الحب الأول هو الحب الحقيقي، معتبراً أننا نحب حقاً مرة واحدة في الحياة.
بينما يخالفه الرأي الأديب إحسان عبدالقدوس بقوله «في حياتنا وهم كبير يسمى الحب الأول»، ويقول الشاعر نزار قباني «ليس هناك حب أول وثان وثالث، هناك حب عميق، وموقف مؤثر، ورحلة عشق بلا انتهاء».
ويقول أفلاطون : «الحب نقاء القلب، وطهر الروح ونسعى إليه دائماً». وقال سقراط «في الحب تكتشف ذاتك، لأن المرأة قادرة على إثارة أدق الأحاسيس الإنسانية في أعماقنا».
إن بدايات تفتّق المشاعر لدى الإنسان مرحلة بغاية الدقة والسببية في تشكيل الشخصية وملء فراغات الفكر وتلوين المناطق الباهتة في الروح.
إن هذا النوع من البدايات لا يصح إلصاقه بشعور السعادة فحسب، بل بالاكتشاف الجوهري لملايين الكائنات الكامنة التي تعيش فينا ولا نعلم عنها شيئاً، إنها الأفكار التي تنير ظلمات العقل
التاريخ يقف عاجزاً عن الإلمام بكمّ القصص العجيبة التي كان أبطالها ممن شعروا بقلوبهم تخفق للمرة الأولى، فأطلقت مشاعرهم العنان لاندفاعات إبداعية لا نهائية لديهم فائقة القوة وغير مفهومة الكينونة.
لدفقات المشاعر الأولى فضل كبير على اللغات والتعابير والمشتقات اللغوية والأساطير الأدبية، فضلها يمتد أيضاً للعديد من المخترعات التي أسعدت البشرية وجعلت حياتها أفضل وأسهل، لأن المخترعين اعترفوا بأن وقود عبقريتهم مستمد من هذه الدفقات السحرية.