Uncategorized

طارق الصاوى يكتب : لا تتهموا ” محمد رمضان ” وحده

تشن هذه الأيام حملة غضب ودعوات مقاطعة وهجر للفن الهابط الذى انتشر فى العقد الأخير، و أوجد طباعا وأخلاقيات ما تعود عليها مجتمعنا الشرقي الذي يتميز من الأزل بسمات ديموغرافية نضحت علي اخلافياته وعاداته وتقاليده ، والتى جاء هذا الفن الهابط من الغناء والرقص وأفلام ومسلسلات البلطجة والتحلل الأخلاقى والألفاظ النابية التي تنتقل إلى قاموس مفردات المجتمع من خلال هذه الأعمال وصناعها ومتابعيها.

والذين أفسدوا الذوق العام وعبثوا ايما عبث بالآداب السائدة والعادات والتقاليد والأخلاق الشرقية التى فطرنا عليها وتربينا بها.

لقد ايقظت حالة التعاطف مع الطيار الذى فصل من عمله وألغيت رخصة الطيران الخاصة به بسبب استهتار الفنان ” محمد رمضان ” ، الرأي العام بالمجتمع، وحولته نحو محاربة الفن الهابط ونجومه الذين حصلوا عشرات ومئات الملايين علي حساب هدم قيم ومبادئ وأخلاقيات المجتمع.

ولكن علينا ان نلتفت أن هؤلاء لم يأتوا من كوكب آخر ولم يصلوا إلي ما وصلوا اليه في ساعة غفلة منا او أننا جميعا بمنئا عن هذه الحالة المأساوية التي وصلنا اليها وعلينا ان نعالجها وان نقف امامها بكل قوة وحزم.

فنحن تركنا ابنائنا يغنون ويرددون أغانى ما يسمي بالمهرجانات ويرددون الكلمات التى يسمعونها منها ومن الأفلام والمسلسلات دون توجيه وتقويم خاص أو عام ، فقد اهملت الاسرة كما أهمل المجتمع كما أهملت الدولة فى العقد الأخير هذه القضية الجلية .

وترك الكل الحبل علي الغارب لمن يتاجرون بأخلاقنا وقيمنا ومبادئنا ويريدون نسفها واستئصال شأفتها، كى تحل محلها مبادئهم الفاسدة واخلاقهم الفاسقة وفنهم الهابط الذي يدر عليهم الربح بالملايين المملينة.

وكان انتقادنا لهؤلاء على استحياء ودون مواجهة ميدانية حقيقية ، لا يعبر عن رغبة قوية للتخلص من هذا الداء المدمر ، بل كان يزيد هؤلاء قوة وانتشارا ، لأننا كنا نتعامل مع العرض ولا نتعامل مع المرض والأسباب الحقيفية لظهور هذا الداء الذي روج بيننا للرذيلة والمخدرات والخمور واخلاقيات قاع المدينة .

بل كانت متابعتنا لهؤلاء وتشغيل ما يبثونه من وباء فى بيوتنا عبر الفضائيات او مواقع التواصل مثل اليوتيوب يدعمهم ويزيدهم ربحا وقوة ويزيد المعلنين اقبالا على بث إعلاناتهم مع ما يقدمون من مضامين مدمرة ويمثل ذلك المورد الأساسي للربح لهم ولمنتجيهم ومن يعملون على انتشار وبائهم بيننا إلى ان أصبحوا قدوة للكثير من شبابنا ، وهكذا كان اغلبنا داعما لهؤلاء بطريقة غير مباشرة .

وقد لا يعرف البعض أن مجرد تعرضه لقناة أثناء تشغيل أحد الأعمال الهابطة تسجل إشارة بالقمر الإصتناعى الذي يبث القناة وقس علي ذلك اليوتيوب وخلافه ، وهذاما يدر لهم الملايين التي نفزع حين نسمع عنها ، ونحن اول من شارك في صناعة نجومية هؤلاء ، وعلينا ان نعاتب أنفسنا ونراجع اخطائنا.

إن هذه الحملة التى شنت منذ فترة قريبة علي هؤلاء لن نجني ثمارها إلا إذا وقفنا على حقيقة الداء ومعرفة الدواء ، وإلا حتى لو تخلصنا من هؤلاء سوف ياتى غيرهم بنفس الطريقة ونقع في نفس الاخطاء ، فلابد من محاكمة مجتمعية لكل من روج لهؤلاء وساعد علي انتشار وبائهم بيننا فقد كانت الأغاني الغوغائية المسماة بالمهرجنات لا تتعدى قاع المدينة بالأحياء الشعبية ، فمن الذي نقلها إلى الملاهي الليلية ثم الى حفلات الفنادق ثم إلي الاستوديوهات. واين كانت النقابة المعنية والمصنفات الفنية وشرطتها .

وإن كان يحتاج إلي تشريع ونصوص قانونية تدعم هذه الجهات لمناهضة هذا الوباء ، فهلم لصياغته اليوم قبل غدا.
لتشمل مناهضة من يقدم مثل هذا الإسفاف ومن ينفق عليه ومن يعرضه وكل من يشارك في هدم قيمنا واخلاقنا وينشر الرذيلة والجريمة بيننا ، فليس هذا المغني او هذا الممثل مسئولا وحده عن يقدمه للناس.

لقد تعجبت كثيرا حين رأيت هجوم فنان قدير مثل جلال الشرقاوى ، علي الممثل محمد رمضان ويتهمه بكذا وكذا ، فهل كان محمد رمضان ومن مثله إلا مشخصاتي جيد لأدوار كتبها مؤلفون و اعدها سيناريست وانفق عليها منتج واخرجها مخرج وعرضتها دور سينما وقنوات فضائية ، فلماذا نصب جام غضبنا على ” محمد رمضان ” وحده ونترك كل هؤلاء وهم يستطيعون أن يقدموا لنا العشرات مثله لهدم قيمنا واخلاقنا.
فلا تلوموا ” رمضان ” وحده ولوموا انفسكم وناهضوا هؤلاء وقاطعوا أعمالهم.

زر الذهاب إلى الأعلى