وقت الازمات تصبح الصورة للجميع اكثر وضوحا ، وازمة فيروس كورونا ، كشفت معدن الشعب المصري ، وتكاتف الجميع كسلسلة حلقاتها مترابطة ولكن الحلقة الاضعف في سلسلة الترابط والتكاتف كانت لشركات القطاع الخاص ، والتي مازالت تعزف منفردة منذ حدوث الازمة .
رسب القطاع الخاص في اختبار المحنة الا من رحم ربي فلا يتعدي عددهم اصابع اليد الواحدة ، وهنا علينا ان نعي الدرس جيدا، و عقب انتهاء محنة كروونا وزوالها ، نبدأ في استيعاب الدرس و هو الاعتماد علي شركاتنا الوطنية شركات الدولة ودعم المنتج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال منتجاتنا وتوفير السبل لتحقيق ذلك .
خلاصة هذه الازمة يذكرني برؤية خاصة لاتحاد عمال مصر منذ ٣٠ عاما ، عندما اتخذ المجلس التنفيذي لاتحاد عمال مصر قرارا عام ١٩٨٩ بتشكيل لجنة لدراسة وبحث وضع القطاع العام ومشكلاته ووسائل دعمه وتطويره .
وانتهت هذه اللجنة الي ان القطاع العام هو الركيزة الاساسية للاقتصاد القومي وهو الضمان الاكبر لتحقيق التوازن الاجتماعي والاستقرار في المجتمع ، وان كان ما انتهت اليه اللجنة منذ ٣٠ عاما هو ما اؤمن به منذ سنوات ومتمسك به حتي الان ، فلابد بعد ازمة كورونا وموقف القطاع الخاص من الدولة ان ندرك ذلك ونعيد خريطة الاولويات الاقتصادية .
تعالوا معا نستعرض بعض مقترحات اتحاد العمال منذ ٣٠ عاما ، فبعد تشكيل اللجنة كون اتحاد عمال مصر رؤيته لاصلاح ودعم وتطوير القطاع العام ، والتي لو اخذ بها منذ ٣٠ عاما ما وصل بنا الحال الي ما نحن عليه من انهيار للشركات .
ومن ابرز مقترحات اتحاد العمال في رؤيته للتطوير لحل مشكلة الطاقات المعطلة ، كان اقتراح التقليل من استيراد الانتاج نصف المُصنع ، ووضع ضوابط لتنظيم الاعفاءات الممنوحة للقطاع الخاص والقطاع الاستثماري بالشكل الذي لا يؤثر علي نشاطها واستمرارها باعتبارها تمثل جزء في عملية التنمية ، ولكن بالقدر الذي يحمي القطاع العام باعتبار ان مسئوليته اكبر في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، مقترحا تمتعه ببعض الاعفاءات علي مستلزمات الانتاج خاصة الداخلة في السلع الاستراتيجية .
حظر الجمع بين رئاسة شركة قطاع عام وعضوية مجلس ادارة اي شركة اخري او مشاركة فيها تحت اي مسمي ، من النقاط الهامة التي طرحها اتحاد العمال في رؤية التطوير ، واستهدف بها اتاحة الفرصة للتفرغ الكامل لادارة الشركة .
ومن التوصيات العامة المقترحة حينها ، منع مشاركة القطاع العام في انشاء شركات مشتركة تحت دعوي نقل التكنولوجيا وخلافه لما يسببه ذلك من خسائر يتحملها في النهاية القطاع العام ، وبعد مرور السنوات تحقق ما كان يخشاه واصبحت الشركات المشتركة كنز علي بابا للمحظوظين .
هذه مقتطفات من رؤية شاملة قدمت الحلول لمشكلات القطاع العام فيما يخص مشكلات السياسة السعرية والطاقات المعطلة والهياكل التمويلية وازمة السيولة و مشاكل العمالة والرؤية كاملة موجودة وقابلة للمناقشة والتطبيق بعد ٣٠ عاما .
اعتقد ان محنة كورونا ستجعل الحكومة تعيد النظر فيما يعاني منه قطاع الاعمال العام ودعمه ليكون ذراع الدولة ضد المحتكرين في اوقات الازمات قبل اوقات الرخاء.
اعتقد ان القادم هو التفكير في كيفية دعم شركاتنا وربما اعادة النظر في تعديلات قانون قطاع الاعمال وتقليص امتيازات من اتخذ موقف المتفرج وقت الازمة واقتصر تفكيره علي كيفية جني ارباح اكثر واستثمر الازمة لصالحه .
وللحديث بقية ..
بقلم : عبدالمنعم الجمل رئيس النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والاخشاب ، نائب رئيس اتحاد عمال مصر
نائب رئيس الاتحاد الدولي للبناء والاخشاب لافريقيا والشرق الاوسط