الدكتور عبد الله المصرى يكتب: الأجازة تجدد النشاط
بعد إنتهاء موسم الإمتحانات يهل علينا هلال رأس السنة الأجازية حيث ينعم الطلاب بأكبر اجازة دراسية في العالم فهي تمتد لثلاثة شهور أو يزيد وهي مدة طويلة ومطلوبة بعد عناء المذاكرة وتلقي الدروس الخصوصية ، وهي أيضا اجازة لأولياء الأمور من دافعي المصروفات المدرسية سواء أكانت بالجنيه أو الدولار أو اليورو وأجور مدرسي الدروس الخصوصية التي تربك ميزانيات الأسر المصرية ،وتفشل أى إصلاح اقتصادي للسوق المصرى .
والأجازة ليست تحررا من الضوابط بل لها فوائد عديدة أهمها أنها فترة إستجمام وتجديد النشاط ، وترويح عن النفس عملا بالحديث النبوى الشريف : ” إن لربك عليك حقا وإن لبدنك عليك حقا “.
ولكن للأسف هناك خلط كبير في مفهوم الترويح عن النفس بالأجازة فالبعض ضيقه علي نفسه والبعض أطلق لنفسه العنان في السهر والانطلاق الي اللهو مع أن الإسلام دين الوسطية في كل الأمور حتي الترويح عن النفس فهو مطلوب ولكن بضوابط ووسطية .
ويقول تعالي: ” وكذلك جعلناه أمة وسطا” [ البقرة ١٤٣] فالإسلام ليس ضد الترويح ولكن وضع له الضوابط لتبعده عن المعاصي ولكي تهذب سلوكه لأن الأصل في الإسلام الإباحة والرسول ( صلي الله عليه وسلم ) يقول :” روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ” .
والأجازةيجب أن تتنوع وتنقسم إلي أقسام عدة وتكون ذات شق اجتماعي ..وخدمي.. وفردى ، والشق الاجتماعي يشمل زيارات الأهل بصلة الأرحام ،والشق الخدمي بتخصيص جزء من الوقت لممارسة العمل التطوعي لخدمة المجتمع من خلال الجمعيات الأهلية غير الحكومية مثل: المساهمة في تشجير ونظافة الشوارع أو زيارة المرضي بالمستشفيات الحكومية والوقوف علي خدمتهم ومساعدتهم وكذا دور المسنين ،والمساهمة في محو الأمية .
أما الشق الفردى ويشمل ممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية والثقافية والاجتماعية من خلال الأندية الرياضية ومراكز الشباب والمنتديات والصالونات الثقافية أو القيام برحلات ترفيهية أو ثقافية وزيارة المتاحف والأماكن الأثرية ،أو الاهتمام بقراءة الكتب والمجلات في شتي المجالات، وهذا كله ترويح مشروع يفيد الإنسان والمجتمع الذى يعيش فيه ويرضي الله( عز وجل ) ورسوله( صلي الله عليه وسلم ) .
أما الترويح غير المشروع والمنهي عنه مما يقوم به الشباب والفتيات بمفهوم الحرية المطلقة في الأجازة فيتجهون إلي أماكن اللهو والمجون التي ترتكب فيها الفواحش ،وتنتهك فيها الحرمات ،أو ارتياد المقاهي والكافيهات حتي الفجر أمام الشيشة وترك الصلاة ،فعلي كل إنسان أن يستغل كل دقيقة من عمره في عمل نافع لدنياه وآخرته لأنه سيحاسب عن أربع منها عمره ووقته في الحياة الدنيا .
ويقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) :” لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه، وعن علمه ماذا عمل به” ( رواه البزار والطبراني) فالوقت اثمن من الذهب لأن الذهب يمكن تعويضه إذا ضاع أما الوقت لا فهو كالسيف إن لم يقطعه الإنسان قطعه بالقضاء علي وقته وحياته وعمره .
ويقول الحسن البصرى : يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك ” وعن ابن عباس ( رضي الله عنه ) قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ” ( رواه البخاري ) ويقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أيضا :” اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك “( رواه أصحاب السنن) .