تعددت الآراء حول الخطوات التي قد تتخذها الحكومة المصرية خلال الأيام القليلة المقبلة في مواجهة إنتشار ڤيروس كورونا المستجد بعد تزايد أعداد الوفيات والمصابين خلال الأيام الأخيرة وتداخلت الأصوات وتعالت بين مؤيدين للحظر الكلي ومطالبين بعودة الحياة لطبيعتها وفتح المصانع والمتاجر والأسواق والمحلات التجارية والمطاعم والمنشآت والورش والمقاهي بشرط منع التدخين و الشيشة و الإكتفاء بتقديم المشروبات الساخنة والباردة بعد أن تأثر الإقتصاد وتأثر دخل الأفراد والأسر نتيجة الحظر الجزئي المفروض.
في الحقيقة أنا مع فتح المنشآت وعودة الحياة إلى طبيعتها بشرط الإلتزام التام بالإجراءات الإحترازية الوقائية وإتباع تعليمات وزارة الصحة والسلامة المهنية ومجلس الوزراء بعد أن تأكد إستمرار نشاط هذا الوباء لعدة أشهر حتى لا يتعرض الإقتصاد المصري للإنهيار وحتى لا تتدهور أحوال الأسر المصرية مادياً وإجتماعياً خاصة الأسر التي يعولها عمال اليومية والتي يطلق عليهم العمالة غير المنتظمة وهم من يعملون خارج أي مظلة تأمينية أو إجتماعية ويعتمدون على تحصيل أجورهم بشكل يومي وهم يمثلون شريحة عريضة في المجتمع قد تصل لمايقرب من ٤٠% من مجموع العاملين وبما يعادل نحو ٢٠مليون عامل وهو رقم كبير جداً مقارنة بحجم العمالة المنتظمة.
أزمة كورونا تسببت في تشريد بعض العمال وتراجع دخول عدد لا يستهان به ممن يعملون بأغلب المهن الموسمية المؤقتة كعمال المقاولات ( سباك صحي ، لحام ، نقاش ، نجار حداده ، كهربائي ، سائق معدات ، مبلط ، عامل خرسانة ، عامل زجاج …الخ) وكعمال الزراعة الموسميين (العاملون في الحقول والحدائق والبساتين وإستصلاح الأراضي ومشروعات تربية الماشية والدواجن….الخ) وكعمال الصناعات القائمة على الخدمات الزراعية في المناطق الريفية كصناعات قش الأرز والخوص والألياف وكعمال الصيد على المراكب والإستزراع السمكي وكعمال الموانئ البحرية والنهرية ومن بينها أعمال نجارة السفن واللحام وفك وتربيط الحاويات والصيانة والتموين ….الخ بالإضافة إلى سائقي التاكسي الأبيض ووسائل النقل والمواصلات .
قد لا تنال وجهة نظري رضا البعض لكن على هؤلاء أن يعلموا جيدا أن مطالبتهم بتوقف الحياة يخدم أعداء الوطن من الجماعات الإرهابيةوميليشياتهم الإلكترونية ومن يتربصون لمصر وشعبها وينتظرون سقوطها وإنهيار إقتصادها وتمزيق نسيجها المجتمعي المتماسك خاصة إذا أخذنا في الإعتبار أن إجمالي المستفيدين من مبادرة السيد رئيس الجمهورية لإعانة العمالة غير المنتظمة وقدرها ٥٠٠ جنيهاً لم يتعد ١٢٠ ألف عامل وبعيداً عن أن قيمة هذه الإعانة لا تفي بإحتياجات فرد واحد فإنه يستحيل أن تصل إلى كل المستحقين وأنه لم يعد مقبولاً أن ندفس رؤوسنا في الرمال كالنعام خاصه وأن هذا الوضع سيظل قائما إلى ماشاء الله وأن هناك عمال بسطاء يعيشون اليوم بيومهم ، ويكسبون رزقهم من عرق جبينهم مسؤولون عن رعاية أسرهم وتربية أطفالهم وتعليم أبنائهم وبناتهم وتوفير مستلزمات حياتهم اليومية لا يجدون قوت يومهم ، فلاتهينوهم ولا تقتلوهم أو تذلوهم ، ولا تجرحوا كرامتهم ، ولا تجعلوهم فريسة لأهل السوء وجماعات الشر والإرهاب وأصحاب العقول السوداء .
إعلموا أنهم ليسوا في حاجة لصدقاتكم.
فقط هم في حاجة للعمل .
إرحموا عمال اليومية ، أتركوهم وشأنهم ، أفتحوا لهم أبواب الرحمة ، إرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.