آراء

ثورة ٢٣ يوليو وأحلام المصريين

ثورة ٢٣ يوليو واحلام المصريين

 

بقلم : د.فتحي حسين

 

لا يمكن ،باي حال من الاحوال، أن تمر علينا ذكري ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢ ،مرور الكرام ،دون أن نتحدث عنها ونسترجع ذكرياتنا معها ،ونحلم باهدافها التي تحققت منها والتي لم تتحقق بعد! وهي اهداف تهم جميع المصريين ،يتمنون تحقيقها ،بل هي تمثل لهم احلام بسيطة ،لاسيما ونحن في الذكري ال٧٠ من قيام الثورة التي أعادت الهوية الوطنية المصرية والكرامة والاستقلال واستعادة الدولة المصرية،من براثن الاحتلال البريطاني وتحويل البلاد من الملكية الي الجمهورية ،واعادة توزيع الثروات وتحقيق العدالة الاجتماعية المفقودة ربما في العقود الأخيرة . وبالرغم من مرور أكثر من سبع عقود علي الثورة إلا أن الجدل حولها لم يزال قائماً بين من يسمون أنفسهم بالناصريين ودون الناصريين من التيارات الأخري ،وان كان المنطق يقول إن مناقشة هذا الجدل الان ونحن في القرن الواحد والعشرين ،وبعد مرور كل هذه السنوات هو نوع من العبث والجدل البيزنطي الذي لا طائل من ورائه!

وثورة يوليو حدث ضخم ساعد علي تطوير شكل مصر اجتماعيا واقتصاديا، بل امتد تأثيره إقليميا ودوليا، كانت له إنجازات كبيرة وأخطاء كبيرة، ولا يمكن تقييمه بمعزل عن ظروفه الخاصة!!

ولعل أبرز ما يلفت انتباه كل مصري حينما تحل علينا هذه الذكري العطرة للثورة البيضاء هي فكرة العدالة الاجتماعية التي حاربها وانتفض من أجلها المصريون عبر ثورتين ،يطالب بها ،وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهو ما لمسه الجميع من مشروعات قومية كبري في السنوات الثمانية الأخيرة وطفرة في العلاقات الخارجية ودور مصر إقليميا ودوليا ،فضلا عن فتح المجالات للحوار الوطني والتي جاءت من رأس الدولة نفسه وهو الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي استشعر أهمية الحوار الوطني من أجل مصر ،الوطن الغالي علينا .

ومن جانب آخر فإن الفترة من ثورة 1919 حتى يوليو 1952 شهدت تطورا اجتماعيا واقتصاديا، واتسعت رقعة التعليم الإلزامى والمتوسط والجامعى، بشكل أدى لتشكيل طبقة وسطى كانت هى الرافد الذى اعتمدت عليه دولة يوليو فى بناء المشروع السياسى والاجتماعى،ولا تزال هذه الطبقة هي التي تحمل المسؤولية الاجتماعية ،بالاضافة الي طبقة رجال الأعمال والقطاع الخاص الذي كان ولا يزال له دور كبير في تحقيق التنمية بجانب دور المؤسسات الحكومية الوطنية.

فقد كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، من الطبقة الوسطى الذين دخل أبناؤهم الكلية الحربية بجهود الوفد وما بعد معاهدة 1936، كما كان تكوين وعى الضباط الأحرار فى سياق الحركة السياسية الثرية فى الثلاثينيات والأربعينيات، ومبادئ فى الإصلاح الزراعى والعدالة والتصنيع ومجانية التعليم، وغيرها من الطلبات والأحلام التي قدمها أعلن عنها المصريون في حينها .

وكان عبدالناصر يبنى على جهود كبار السياسيين والمفكرين الاقتصاديين، وعلى رأسهم طلعت حرب، أول من لفت النظر وسعى إلى تمصير الاقتصاد والصناعة!

جاءت يوليو فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وحرب فلسطين، ومثلت قمة تحولات ونتاجا لمطالب المصريين على مدى ثلاثة أرباع قرن، وكانت ولا تزال أحد أكبر التحولات التى غيرت فى شكل ومضمون الدولة والمجتمع، بل وكان لها أثر واضح فى إقليمها، ويبقى حاضرا مع أجيال لم تعاصره، وجاؤا بعد رحيله بعقد وربما عقدين او ثلاثة من الزمان !

ذكري ثورة يوليو لابد أن تكون لدينا دافع لتحقيق احلام المصريين في المستقبل القريب

زر الذهاب إلى الأعلى