Site icon بوابة العمال

عايدة عوض تكتب : اعلان القاهرة لحل أزمة ليبيا

عايدة عوض

 

منذ اكثر من اسبوعين والضغوط على المشير خليفة حفتر شديدة من كل الاطراف الدولية لايقاف اطلاق النار والانسحاب الى ٦٠ كيلومتر خارج طرابلس.

وكان هذا صعب جداً على رجل عسكرى وخصوصاً وقواته منتصرة وتجني ارض كل يوم. ولكن الحرب الليبية استغرقت وقت طويل وجلبت على ليبيا مشاكل كثيره كانت اخرها طمع تركيا في بترول ليبيا ولو ان اردوغان غلف ذلك في فكرة الدفاع عن ما شدد عليه على انها “الحكومة الشرعية المعترف لها دولياً” حكومة فائز السراچ او حكومة الوفاق الوطني.

كان حفتر قد سحب قواته من قاعدة الوطية في غرب ليبيا وللاسف اتخذت الابواق في قطر وفي تركيا نهج ان هذه كانت هزيمة لقوات حفتر وانتصار لقوات الوفاق التي هي مكونة من الجيش التركي والمرتزقة السوريين. وعندما اكمل حفتر الانسحاب التكتيكي والذي قام به تحت ضغوط دولية شديده، اكملت الابواق في نفس النهج حتى انها اصابت البعض بالقلق انه قد يكون هناك شي من الصحة لهذا الكلام. ولكن كل هذا كان بتنسيق بين مصر وروسيا والامم المتحدة للوصول الى حل سلمي للقضية الليبيه تحافظ على استقلال ليبيا ووحدة اراضيها.

الفكرة من انسحاب الجيش الوطني الليبي الى ٦٠ كيلو خارج طرابلس كانت لتامين القطاع الغربي من ليبيا بحيث لا يحتاج لأي من الجيوش او المرتزقة الاجانب لحمايته وكمبادرة حسن نية لإستئناف المفاوضات التي بدأت من مؤتمر برلين في يناير الماضى والتي اتفق فيها على وقف اطلاق النار.

ومن اهم البنود التي لابد وان تطبق ، لكن فقط بعد انسحاب الجيش الوطني الليبي الى مسافة بعيدة ومطمئنه بالكفاية عن القطاع الغربي ، هى النقطة المحورية من اخراج كل المقاتلين الاجانب من ليبيا بعد تسليم اسلحتهم للجيش الوطني الليبي كي يقوم بواجبه من تأمين كل اراضي ليبيا المحررة ، وتبدأ المفاوضات على اساس اعلان القاهرة الضامن لاستقلال ليبيا ووحدة اراضيها.

قام المشير خليفة حفتر والسيد عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي بزيارة الى القاهرة والاجتماع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وبعده عقد مؤتمر صحفى اعلن فيه بنود اتفاق القاهرة.

وتضم هذه البنود ما يلى :
– التاكيد على وحدة وسلامة الاراضي الليبية واستقلالها واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الامن والتزام كافة الاطراف بوقف اطلاق النار اعتباراً من ٨ يونيو الجاري.

وهذا يعنى انه لابد وان يلتزم السراچ والاتراك والمرتزقة بوقف اطلاق النار الفوري واحترام قرارات الامم المتحدة التي طالبت تركيا بالخروج من ليبيا واخراج كل اامقاتلين والذخيرة والعتاد الذي جلبتها اليها.

– استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بـ جنيف برعاية الأمم المتحدة، وقيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها حتى تتمكن القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها ومهامها العسكرية والأمنية في البلاد.

وهذا البند ليس فقط لترسيخ اليات اللجنة العسكرية لتطبيق وقف اطلاق النار ولكن الاهم فيه هو قيام المجتمع الدولي والامم المتحدة بالزام تركيا باخراج قواتها والمرتزقة التي جلبتهم لليبيا بعد تفكيك الميليشيات وتسليم اسلحتها.

وهذا بمثابة اعلان تفصيلي عن كيفية اخراج كل المحاربين الاجانب من ليبيا وهو تأكيد للبند الاول من استقلال ليبيا. وايضاً يضم هذا البند التنويه عن تمكين القوات المسلحة الليبية والاجهزة الامنية من القيام بمسؤلياتهم في كامل البلاد.

– العمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية مع تحديد الآلية الوطنية الليبية الملائمة لإحياء المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة واستثمارا لجهود المجتمع الدولي لحل الأزمة الليبية.

وهذا البند لعودة المبادرة الى ليبيا لتحديد مسارها بنفسها وبمساعدة الامم المتحدة والمجتمع الدولي ولكن المسؤلية والقرار في يد المؤسسات الليبية.

– إعادة سيطرة الدولة على كافة المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية، مع تحمل الجيش الوطني مسؤولياته في مكافحة الإرهاب وتأكيد دوره بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية لحماية السيادة الليبية واستعادة الأمن في المجال البحري، والجوي، والبري.

هنا ترسيخ للسيادة الليبية على كل مؤسساتها وعلى كل شبر من اراضيها وفضائها وبحارها وحق مؤسسات الدولة الوطنية تطهير البلاد من الارهابيين وترسيخ السيادة على ارضها بالكامل.

– قيام كل إقليم من الأقاليم الثلاث بتشكيل مجمع انتخابي يتم اختيار أعضائه من مجلسي النواب والدولة الممثلين لكل إقليم بجانب شيوخ القبائل والأعيان ومراعاة نسبة تمثيل مقبولة للمرأة والشباب والنخب السياسية من المثقفين والنقابات بحيث تجتمع اللجان الثلاث تحت رعاية الأمم المتحدة ويتم التوافق عليها ويتولى كل إقليم اختيار الممثل الخاص به سواء بالتوافق أو بالانتخاب وذلك في مدة لا تتجاوز 90 يوم.

هذا البند يعطي تفاصيل كيفية التحضير للمسار السياسي بحيث يعطي لكل اقليم من اقاليم ليبيا الثلاثة التمثيل الذي يعكس عدده ويتكون التمثيل من شيوخ القبائل والاعيان واعضاء من مجلسي النواب والدولة لتمثيل مجمع انتخابي. تجتمع اللجان الثلاثة تحت رعاية الامم المتحده وعلى كل اقليم اختار او انتخاب الممثل لها في مدة لا تتجاوز الثلاثة اشهر.

– قيام كل إقليم باختيار ممثله للمجلس الرئاسي ونائب لرئيس الوزراء من ذوي الكفاءة والوطنية بهدف تشكيل مجلس رئاسة من رئيس ونائبين ومن ثم قيام المجلس الرئاسي بتسمية رئيس الوزراء ليقوم بدوره هو ونائبيه بتشكيل حكومة وعرضها على المجلس الرئاسي تمهيدا لإحالتها لمجلس النواب لمنحها الثقة.

– يكوّن مجلس رئاسي من رئيس ونائبين من ممثلي الاقاليم الثلاثة يقوم بتسمية رئيس الوزراء الذي هو ونائبيه يقوموا بتشكيل حكومة تعرض على المجلس الرئاسي ثم لمجلس النواب لمنحها الثقة.

– يقوم المجلس الرئاسي باتخاذ قراراته بالأغلبية، عدا القرارات السيادية المتعلقة بالقوات المسلحة فيتم اتخاذ القرارات أو البت في المقترحات التي يقدمها القائد العام للجيش في هذه الحالة بالإجماع وبحضور القائد العام.
واضح في هذا البند طريقة الوصول لاي قرار عن طريق المجلس الرئاسي بالاغلبية الا في قرارات خاصة بالجيش فتكون بالاجماع وبحضور رئيس الجيش.

– حصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارة طبقا لعدد السكان عقب التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وتسمية رئيس الحكومة على ألا يجمع أي إقليم أكثر من رئاسة للسلطات الثلاث (المجلس الرئاسي، مجلس النواب، مجلس الوزراء) بحيث يحصل إقليم طرابلس على 9 وزارات، وإقليم برقة على 7 وزارات وإقليم فزان على 5 وزارات على أن يتم تقسيم الستة الوزارات السيادية على الأقاليم الثلاث بشكل متساوي وزارتين لكل إقليم مع تعيين نائبين لكل وزير من الإقليمين الآخرين.

ويراعي هذا البند التوزيع العادل للوزارات بين الاقاليم الثلاثة هم طرابلس وبرقة وفزان

– قيام الأمم المتحدة بالإشراف على المجمعات الانتخابية بشكل عام لضمان نزاهة سير العملية الخاصة باختيار المرشحين للمجلس الرئاسي

– على المجتمع الدولي إخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية.وفي المؤتمر الصحفى الذي قاموا به الثلاث رجال بعد الاتفاق على هذه المبادرة من القاهرة، القى كل منهم بكلمة وطالب حفتر في كلمته السيسي بالعمل اكثر نحو ايقاف تركيا من نقل الاسلحة والمرتزقة الى ليبيا.

وكانت اول دولة عربية تعلن تأييدها لاعلان القاهرة هى الاردن على انه انجاز مهم وان المبادرة منسجمة مع كافة المبادرات الدولية. وتبعها البحرين والسعودية والامارات من الدول العربيه. وابدت كل من امريكا وروسيا ترحيب بهذه المبادره وكذلك فرنسا والمانيا.

اما حكومة الوفاق فقد رفضت المبادره الا جزئية وقف اطلاق النار. وقال السراج ان حكومة الوفاق هى التي تحدد التوقيت وما يتخذ من اجراءات. وتركيا تركت كل هذا وتكلمت على مدي عظمتها وان هذه العظمة لا تعتمد على عدد سكانها او مدي وصول اسلحتها بل على “إنسانيتها” في مساعدة الغير في وباء كورونا. (!)

ويبدو ان هذا ليس رد فعل لما يحدث في ليبيا ولكن لكل المشاكل التي تواجهها تركيا داخلياً وخارجياً وطبعاً اخرهم المشكلة التي وضعت فيها الان بالمبادرة المصرية للتسوية السلمية للازمة الليبية.

وخارطة الطريق التي وضعتها مصر للخروج من الازمة الليبية وضعت تركيا في مشكلة كبيره لانها الان لابد وان تنسحب من ليبيا لانه لا يوجد صراع ولا تهديد لحكومة الوفاق بعد ان انسحب الجيش الوطني الليبي الى ٦٠ كيلومتر بعيداً عن طرابلس.

وكل بنود اعلان القاهرة تتوافق من القرارات الاممية وكذلك الاتفاقات المختلفة من المجتمع الدولي عن كيفية حل ازمة ليبيا. وكانت اخرها مؤتمر المانيا في يناير الماضي. وبما ان المبادرة المصرية لاقت ترحيب من الدول العربية والاوروبية ومن روسيا ومن امريكا فهذا يشكل شبه اجماع للدول المعنية بالامر. وايضاً رحبت الامم المتحده بهذه المبادرة لانها تتماشي مع كل متطلباتها.

في عرض حديثه قال السيسي انه مرتاح لهذه المبادرة والتي تحفظ لليبيا استقلالها ووحدة اراضيها وتضعها على الطريق السليم نحو الاستقرار السياسي وهو ما يطلبه الشعب الليبي. وايضاً حذر السيسي من استمرار اي طرف في البحث عن حل عسكري للازمة الليبية. وكل الاطراف تعرف معنى هذا الكلام وخصوصاً عندما يصدر من الرئيس السيسي.

والوحيد الذي هنأ السراچ على “انتصاراته” بدخول مرتزقته الى الاماكن التي تركها له الجيش الوطني الليبي في الغرب كان الرئيس التونسي الاسبق المنصف المرزوقي.
وبذلك فقد ركلت الكرة الى ملعب حكومة الوفاق وعليها وعلى انقرة اتخاذ القرار إما بالموافقة على خارطة الطريق المحددة في كل نقاطها وفي إطار زمني، او الخروج التام على الاتفاق الدولي على النهج السلمي في حل الازمة الليبية وهذا كما قاله السيسي غير مقبول.

كانت سابقاً كل حجج تركيا والسراچ ان الجيش الوطني الليبي يحاصر طرابلس وتوغل في الغرب ويهدد “الحكومة الشرعية” ولو انها فقدت شرعيتها بانتهاء اتفاقية الصخيرات وبفتح الاراضي الليبية للمرتزقة ولدولة اجنبيه لاحتلالها كثمن لضمان تشبث السراچ بوهم الرئاسة. مع انسحاب الجيش الوطني الليبي على بعد ٦٠ كيلومتر من طرابلس وتعهد المشير حفتر بالالتزام بوقف اطلاق النار والانخراط في خارطة الطريق للوصول الى حل عادل لجميع الاطراف الليبية والبدء في الطريق السلمي واستعادة الامن للشعب الليبي قد انهى حجة السراچ بالتهديد الذي يستدعي وجود من يدافع عنه.

ويدرك السراچ انه شبه مؤكد انه لن يكون ضمن المجلس الرئاسي المقترح وهذا يترك تركيا في وضع في غاية الحرج دولياً لو استمر وجودها على الاراضي الليبية.

وبعد اعلان القاهرة بساعات وفي صباح اليوم جاء اول رد فعل رسمي من تركيا على إعلان القاهرة من مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بان تركيا قد انجزت ما وعدت به إخوانهم في ليبيا وذلك ب”الانتصارات” التي حققتها حكومة الوفاق المدعومة من تركيا وبذلك “ليبيا اليوم على أول طريق التحرر والاستقلال، ولكن الطريق طويلة وتحتاج إلى مزيد من الدعم ولن تتخلى تركيا عن الشعب الليبي”.

وهذه طريقة سياسية تحفظ ماء وجه تركيا في الانسحاب من ليبيا بعد “الانتصار” والوعد بعدم تخلى تركيا من الدعم في طريق التحرير الطويل. إي ان تركيا تحاول الانسحاب من ليبيا على اساس انها انجزت إنتصار لحليفتها. وطبعاً حقيقة الوضع على الارض ان الوفاق الان في نفس الموقف الذي كان فيه قبل ابريل من السنة الماضية وقبل بدء الجيش الوطني الليبي المحاولة الاخيره لتحرير الغرب من المرتزقة.

وبذلك فقد تمكن إعلان القاهرة من الفوز بموافقة كل الاطراف على وقف اطلاق نار مبني على اساس واضح لاستكمال الطريق السلمي الى حل يرضي جميع الاطراف لانه يعطي كل طرف ما يريده، الجيش الوطني الليبي السيطرة على كل اراضى ليبيا بخروج كل المقاتلين الاجانب من عليها.

وحكومة الوفاق يمكنها القول امام شعبها انها “انتصرت” وحافظت على الجزء المتبقى من الغرب الليبي، والشعب الليبي الامل في توقف الحرب والبدء في التوحد على طريق الاستقلال، والمنطقة التخلص من تهديد التواجد الارهابي بالمرتزقة الاجانب في ليبيا والاقليم في التوافق الضمني بعدم إراقة ماء وجه اي طرف في الوصول الى بداية طريق السلام الحقيقي في ليبيا.

ارفع القبعة للدبلوماسية المصرية.
حفظ الله الشقيقة ليبيا وابناءها الوطنيين

Exit mobile version