آراءأهم الأخبار

حامد المحلاوى يكتب : نظرية المجال الحيوي للأمن القومي لمصر

 

الحروب الكثيرة لقدماء المصريين خارج الحدود ومقاتلة الجيوش التي كانت تستهدف مصر في بلاد بعيدة لم يكن من أجل الحرب أوالاعتداء على أحد أو استعراض للقوة .. بل لتأمين حدودنا بشكل قاطع ومنع حدوث أي عدوان محتمل عليها .. الغريب أن الجدود وصلوا منابع النيل في الحبشة ووضعوا قدما لهم هناك حتى وإن كان عن طريق التجارة وتبادل المنافع ( انتبهنا إليها بعد فوات الأوان ) ..

الآن قيادتنا المحترمة تسلح الجيش بأحدث الأسلحة ليس للقتال والدفاع عن حدودنا فقط بل لتأمين مجالنا الحيوي .. ولعل نجاح قواتنا البحرية في تأمين الملاحة في باب المندب فترة التوغل الإيراني في اليمن وتواجد القطع البحرية الإيرانية هناك لأبلغ رد على من يتساءلون عن سر تسليح الجيش بهذا الكم الرهيب من الأسلحة الحديثة والمتطورة .. المجال الحيوي للأمن القومي غير الحدود السياسية .. فلا يوجد عاقل ينتظر حتى يأتيه عدوه لغاية باب داره ليجده في النهاية داخل غرفة نومه !

ما يحدث الآن في ليبيا والخليج والعراق وسوريا واليمن وإثيوبيا يدخل ضمن مجالنا الحيوي لأمننا القومي المصري ويهمنا بدرجة كبيرة .. أمننا القومي ممتد في الشرق والشمال إلى الخليج العربي والعراق وحدود وإيران وتركيا وفي الجنوب إلى إثيوبيا وتشاد وفي الغرب حتى سواحل المغرب وموريتانيا .
لا نريد حروبا .. لا في ليبيا ولا إثيوبيا ولا أي مكان

مع ليبيا : المطلوب ضمان أمن وسلامة حدودنا الغربية بشكل تام ونحن قادرون عليه بدرجة كبيرة .. أما مشكلة ليبيا فيحلها الليبيون بأنفسهم إن أرادوا .. لقد وقعوا في الفخ المنصوب لهم بإحكام شديد وعليه فإن خط العودة مقطوع ومسألة رجوع ليبيا موحدة أصبحت شبه مستحيلة .. إنها رغبة المجتمع الدولي الظالم من أسف .. سيتفقون في النهاية على تقسيم ليبيا ..

في إثيوبيا : يجب ترك الأمور تتفاعل مع بعضها البعض فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله .. هذا بلد قلق متوتر والتغيير فيه وارد في كل لحظة .. ثم إن أمامنا 4 سنوات من الآن للوصول إلى شح المياه ولن نصل بفضل الله .. ولنعتبر أننا نمر بفترة شح كالتي عانينا منها من 79 – 86 .. أما عندما نصل درجة العطش فيا روح ما بعدك روح .. لهذه الأسباب مصر لن تضرب سد النهضة أبدا

لست بخبير عسكري أو سياسي لكن أحاول فقط أن أضع نفسي مكان متخذ القرار المصري وأتخيل السيناريو الذي يمكن حدوثه في حال أن دمرت مصر السد الإثيوبي .. سأشرح وجهة نظري من النواحي العسكرية والسياسية والقانونية حسب فهمي ..

السؤال : هل يمكن لمصر أن تتحمل الآثار العسكرية و السياسية والقانونية نتيجة هذا العمل ؟ ..

عسكريا : بداية هل تملك مصر القدرة العسكرية لتدمير السد بالفعل ؟ .. وإذا كان .. فما حجم الخسائر المحتملة من جانبنا ؟ .. من يجيب عليه هم فقط الخبراء العسكريون والقادة داخل الجيش ولا أحد سواهم يستطيع أن يفتي برأي في هذه المسألة ..

سياسيا : ما الذي يجعل إثيوبيا تتصلب في مواقفها ولا تبالي برد الفعل المصري ؟ .. الجواب : دعم الدول الكبرى لها خصوصا الولايات المتحدة التي لو أرادت إجبار إثيوبيا على توقيع الاتفاقية لتم في دقائق .. أقوى الدول لا تسطيع الوقوف في وجه أمريكا وليس إثيوبيا ذات الاقتصاد المتهالك .

إذن هناك موقف معلن داعم لمصر لكنه غير حقيقي وموقف آخر داعم بقوة لإثيوبيا يتم في الخفاء .. فمن يضمن إذن رد الفعل الأمريكي ضد مصر لو أنها هاجمت السد ؟ .. رأيي أن انقلاب أمريكا علينا هو الاحتمال الأكبر .. سيكون فيه ضرر بالغ بمصر من كافة الوجوه .

بل وأميل إلى أنه ربما كان هذا الأمر مخطط له بدقة بالغة من قوى معينة لا تريد خيرا لمصر .. نفس الكلام ينطبق على بريطانيا وفرنسا ثم الصين التي لها شركات تعمل في السد وروسيا المائعة غير معروفة المواقف .. هؤلاء هم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن لو ارادت إثيوبيا استصدار قرار يدين الهجوم المصري .. أما الاتحاد الإفريقي فسيكون في صف إثيوبيا بنسبة 100 % .. إذن الخسائر السياسية ستكون بالجملة ..

قانونا : توصيف قضية تدمير السد من الناحية القانونية أنه تم لضرر محتمل وليس لضرر حقيقي واقع بالفعل .. وعليه لوأن إثيوبيا رفعت شكواها إلى محكمة العدل الدولية فالاحتمال الأكبر أن تكسب القضية ضد مصر لهذا السبب .. ولو تم فلن يكون في قدرة مصر دفع قيمة التعويضات الضخمة لو صدر حكم ضدها ! .. الموضوع صعب ..

الأوراق التي بيد مصر :

– ضرورة الإسراع باستغلال التأييد الظاهري من قبل أعضاء مجلس الأمن لاستصدار قرار يجبر إثيوبيا على عدم ملء بحيرة السد إلا بعد الاتفاق الكامل مع السودان ومصر ..

– إثيوبيا تقول إنها ستصدر الكهرباء من السد للدول المجاورة .. فلنصدرها نحن لهم بسعر أرخص ولنحول المشروع بذلك إلى صفقة خاسرة ..

– حرمانها من مشروع الربط الكهربي المستقبلي الذي يربط إفريقيا بأوروبا عن طريق مصر ..

– تجميع موقف داعم لمصر ضد التعنت الإثيوبي من خلال الأشقاء في الخليج ( لهم استثمارات ضخمة هناك ) وكذلك الدول الداعمة لمصر داخل الاتحاد الإفريقي ..

– بمجرد البدء في عملية الملء يجب الاتجاه إلى المحاكم الدولية لتأكيد حق مصر حسب القانون الدولي المنظم للبحار والأنهار الدولية

– هناك أوراق ضغط أخرى يمكن أن تتم من الداخل الإثيوبي لكن هذا ليس من طبيعة السياسة المصرية ولا أخلاقيات السياسي المصري ..

لا تنتظر توجيه ضربة عسكرية مصرية للسد .. ده مش طلق نار في فرح ابن العمدة ! ..

توريط مصر في حروب على أكثر من جبهة هدف استراتيجي تسعى إليه قوى محددة والهدف معروف .. تأكد أنه ليس لنا أصدقاء .. لا أمريكا ولا روسيا ولا حتى الأشقاء العرب ! .. هذا رأيي الذي لا ألزم به أحدا ..

انتبه : عند رئاسة مصر .. الهواة يمتنعون ! .

زر الذهاب إلى الأعلى