منوعات

منى عبادة تكتب: حكاية غسان

ابـتـسـامـاتُ
زهـورِ الأقـحُـوانْ
و شـقـائـق الـنـعـمـانْ
و روائـحُ
أشـجـارِ الـمـانـجـو والـرمـانْ
تـنـسـابُ فـى حـواسـى
و تـنـتـشـرُ
بـالأوردةِ والـوجـدانْ
و حـقـولُ جـدى
وشـجـرةُ الـتـفـاحِ صـديـقـتـى
و الـتـى كـانـتْ لـى حـِضْـنـًا
و واحـةَ أمـانْ
و شـمـسٌ تـصـافـحُ مـآقـيـنـا

وتـُمـطـرُنـا
بـعـنـاقـيـدِ ضـوءٍ
و أمـلٍ واطـمـئـنـانْ
تُـزيـلُ ظـُلـمـةَ الـلـيـلْ
عـن قـلـوبـِنـا وعـقـولـِنـا
و تُـهَـوِنُ عـلـيـنـا
قـسـوةَ الـزمـانْ
و حـوريـةٌ كـالأسـاطـيـرْ
تـُشِّـعُ نـورًا وشـوقـًا وحـنـانْ
اسـمـهـا مـيـسـانْ
اسـتـوطـنـتـنـى ابـنـة خـالـتـى
حـبـيـبـتـى
الـتـى لايـُضـاهـيـهـا سـوى
حـور الـجـنـانْ
تـمـاهـتْ أرواحـُنـا مـعـًا
حـتـى الـذوبـانْ
عـاهـدتـنـى عـلـى مـصـاحـبـتـى
و رسـمـنـا مـعـًا غـدًا مُـشـرقـًا
مـليـئـًا بـالـحـب والأحـلام
و بـاركَ الـجـمـيـعُ
ذاكَ الـتـنـاغـم بـامـتـنـانْ
وعـقـدنـا الـقـرانْ
و أعـددنـا لـلـعـُرْسِ الـمـكـانْ
تـلـكَ دنـيـايـا الـتـى كـُنـتُ
أحـيـاهـا بـحـى سـلـوانْ

أنـا غـسـانْ
فـلـسـطـيـنـىٌ سـامـىٌ
مـن بـنـى كـنـعـانْ
وفـجـأةً
و قـبـل الـعُـرسِ بـلـحـظـاتٍ
اظـلـمـت الـدنـيـا .
وضـاقـت بـنـا
و امــتـلأَ حـقـلُ جـدى
و بـيـتُ خـالـتـى وحـبـيـبـتـى
بـالـبـوم والـغـربـانْ
و مـدوا أيـاديـهـم الـقـذرةْ
و اخـتـطـفـوا مـنـى مـيـسـانْ
قـتـلـوا الـبـراءةَ
و الـطُـهْـرَ والـحـنـانْ
مـزقُـونـى و انـتـزعـوا قـلـبـى
وقـامَ أبـالـيـسُ الـعـصـرْ
و سـارقـى الأوطـانْ
أعـداءُ الإنـسـانـيـةِ والإنـسـانْ
بـإحـراقِ الـحـقـلْ
و قـطـعِ شـجـرةَ الـتـفـاحْ
و اغـتـيـالِ شـقـائـقَ الـنـعـمـانْ
و قـتـلـوا الأطـفـال والـنـسـاءْ
وقـتـلـوا الأهـلَ والـخـلانْ
و تـشـرد مــَنْ تـبـقـى مـنـا
ومِـنْ أهـالـيـنـا بـحى سـلـوانْ
و مَـدَّ لـيـلُ الـمـجـرمـيـن يـديـهِ
و أطـفـأ الـشـمـسَ فـى أعـيـنـنـا
وسـرقَ مِـن أرواحـنـا
و عـنـاقـيـدَ الأمـلِ
وزرعَ بـهـمـا الـدمـارَ والـنـارْ
و أشـجـارَ الـوحـدةِ والـمـرارْ
والـبـومُ والـشـؤمُ حـلـوا
مـحـلَ الـبـلـبـلِ والـكـروانْ
و مـِنْ مـكـانٍ لـمـكـانْ
لـم يَـعُـدْ لـديـنـا عـنـوانْ
و ضـاعـتْ الأرضُ و الأوطـانْ

تـلـك حـكـايـةُ غـسـانْ
حـكـايـةٌ مـن
آلافِ الـحـكايـات
الـتـى تـتـكـررُ يـومـيًـا
مـع الإجـرامِ والـعـدوانْ
و جـِنَـانِ .
الـمـغـتـصـبِ الـجـبـانْ
و عـيـونُ الـعـالـمْ
مـغـمـضـةٌ عـنـا
و كـأنـهـم عِـمـيـانْ
ذاك الـعـالـمُ الـمـتـضـامـنُ
مـع الـصـهـايـنـةِ عـلـيـنـا
و الـلـهُ الـمـسـتـعـانْ
و الـعـربُ شُـلـَتْ أيـاديـهـمْ!
و مـاتـتْ نـخـوتُـهـمْ
و أُجـبـروا عـلـى
اغـمـاضِ الـعـيـنْ
و ابـتـلاعِ الـلـسـانْ
و خَـفْـضِ الـبـَنَـانْ
و كُـسـِّرَتْ سـيـوفـُهـمْ
و صـَمـَتَ صـَهـِيـلُ الـفَـرَسِ

و عَـزَّ وجـودُ الـفـرسـانْ
و سـاروا
فـى طـريـق الـتـطـبـيـعِ
طـريـق الـذلِ والـهـوانْ
والـلـهُ الـمـسـتـعـان عـلـى
ذاك الـظـلـم ،وهـذا الـخـذلانْ
Yoast

زر الذهاب إلى الأعلى