عمرو عبدالرحمن يكتب : مصر الكبرى و الفراغ الإقليمي

انظر لخريطة العرب الآن؛ تجد أنه لم يعد فيها ولا قوة عربية حقيقية سوي مـــصر، التي تقف وحدها لا حليف لها ولا حبيب، وكفي بالله حليفا و وليا ونصيرا. أما ما تبقي من حولنا علي الخريطة – التي كانت عربية – واحد من نوعين :-

النوع الأول ؛- جمهوريات تم محوها من الخريطة نهائيا ولن تعود أبدا وهي؛ (سوريا – اليمن – العراق – ليبيا) …
أتذكر هنا كلمة القائد الأعلي لقواتنا المسلحة المصرية السيد عبدالفتاح السيسي – رئيس جمهورية مصر العربية: «أقسم بالله ؛ الدول اللي هتروح مش هترجع تاني».

عبقرية الكلمات، ليس فقط في درجة الوعي الفائق بمدي خطورة الإصابة بأعراض الربيع العبري المدمر، ولكنها ايضا تعكس إدراكا عميقا بأن كل “الدول” العربية من حولنا، مرسومة بالقلم الرصاص على خارطة التاريخ الحالية، المصطنعة؛ عمرها فقط مائة سنة هي عمر اتفاقية “سايكس بيكو” التي قسمت شعوب الأرض، شرقا وغربا، علي مقاس مصالح أقطاب النظام العالمي الجديد .

النظام العالمي الجديد، رسم خطوطا وحدودا، فسار عليها العرب كالقطعان وصدقوا أنهم أنظمة وعروش مستقلة، رغم أنهم مجرد عرائس ماريونيت بأصابع صناعهم، فإذا أراد صناعهم الخلاص من إحدي عرائسهم فعلوا ولم يمنعهم أحد لأن اللعبة أصلا … لعبتهم! والخريطة خريطتهم! … ولأن أمة العرب في غيبوبة عمرها ألف سنة ممزقين شيعة وسنة وصوفية وخوانجية ووهابية إلخ.

 

ورسول الله – ﷺ – لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ صدق في نبوءته أن ستفترق أمته من بعده شيعا وقد تفرقت فعلاً!

الاستثناء الوحيد من الخريطة هي مصر؛ الدولة الأولي والأخيرة في التاريخ وليوم الدين – بإذن ربها – ورغم ذلك لم تنجو من فتنة التفرق شيعاً لأن الأمة المصرية جزء من الأمة العربية!

وفينا اليوم من يظن القاهرة – رأس العالم السني! – تقابلها “طهران” رأس العالم الشيعي! وفينا ملايين “المؤمنين!” بأن الاستعمار الفاطمي العثماانلي الوثني (خلافة إسلامية!).

هؤلاء هم رؤوس وأتباع الفرق والطرق المولودة من رحم العثمانلي والفاطمي وبعضهم بأكبر المواقع الدينية!
وهؤلاء هم (حمير طروادة) للاستعمار الجديد التركي والايراني وأنصار الخلافة العثمانية الوثنية في نسختها الاردغانية ومهديها القادم علي أسنة رماح أنقرة! وأتباع ” صاحب مصر ” من نسل الفرس الوثني “الاثني عشرية” وحفيد السفاح “سليم الأول”!

النوع الثاني ؛- عروش هشة (متلصمة) مسنودة علي حفنة من الرعاة “الرعاع” وإن ذهب عنهم دعم الرعاة ذهبوا!
والمقصود هنا بوضوح: ممالك وامارات الخليج!

انظر ماذا حدث لكبيرتهم “السعودية” لما تواطأت ضدها الحليفتان السريتان، (أمريكا وايران) لما وجهت طهران ضربة لمصافي ارامكو، فظنت الرياض أن البنتاجون ستينتفض ليحميها وينتقم لها من ايران!

لكن سريعا اكتشفت الرياض ان الدعم لن يأتي أبدا، وأن امريكا هي ايران والعكس صحيح – فضيحة إيران كونترا لازالت ماثلة لمن له بصيرة – فرضخت وهرولت للمصالحة مع تنظيم الحمدين الإرهابي الذي سبق واعتدي حتي علي المقدسات بمكة والمدينة.

وأنظمة تونس والمغرب لا تختلف كثيرا … فالأولي مسنودة علي التنظيم الدولي للجماعة الارهابية، والثانية علي الصهيونية الباطنية العالمية!

لم يخرج من الدائرة الجهنمية للربيع المدمر سوي ما تبقي من السودان المنقرض، والجزائر التي لازالت في مرحلة إعادة التأهيل والنقاهة بعد نجاتها من إعصار الربيع، لاستعادة قواها في مواجهة عملاء الاستعمار الفرنسي بالداخل؛ “الأقدام السوداء”.

وهي قوي شريرة شبيهة بالحزب الوطني المنحل سياسيا وأخلاقيا ودينيا، من حيث العمالة للاستعمار، وإعادة التشكل مجددا عبر عباءات حزبية جديدة  .. محاولين إعادة الساعة للوراء، وإعادة مصر لحظيرة النظام العالمي الماسوني كما كانت في عهدهم الأسود ! إذن؛ لم يبقى بالخريطة العربية سوي مصر الدولة وجيشها خير أجناد الأرض.

نصر الله مصر ونصر الله العرب بمصر، ومن قبل ذلك، ألهمنا ربنا موجبات النصر والفتح – وليس مجرد الدفاع عن حدودنا “الاستراتيجية” الضيقة! حدودنا الآن أو قريبا جدا لابد أن تتمدد شرقا حتي الخليج العربي وغربا اقترابا قدر المستطاع من سواحل الأطلسي – لنستعيد حدودنا الأمن قومية والامبراطورية، التي كانت تصل جنوبا لمنابع النيل وتصل شمالا للأناضول ملاصقة لحدود جنوب روسيا.

ليس لنوايا توسعية أو احتلال، بل لأن كل ما أصبح يحيط بنا من فراغ جغرافي وعسكري وسياسي من المحيط للخليج، لن يبقي فارغا، وسط كل هذه القوي المعادية للحق والإنسانية والدين، التي تنهش لحمنا العربي كما تنهش الأكلة قصعتها؛ وقد تداعت علينا الأمم «كما تداعى الأكلة إلى قصعتها» – صدق رسول الله ﷺ.

هذا الفـــراغ، إذا لم تملأه مصر الكـــبري، سيملأه أعداؤها – أعداء العرب – ليكملوا مهمة الإبادة التي خططها الفرس والترك من ألف عام، انتقاما من الفتح العربي، الذي بدأ بالعهد النبوي وازدهر بعهد الخلافة الراشدة حتي بلغ نصف كوكب الأرض أيام الدولة الأموية – ثم مات بعهد دولة العباسيين … التي اخترقها “البرامكة” الفرس الوثنيين – ليقيموا علي أنقاضها دويلات الخوارج الشيعة العلويين، كالفاطميين والقرامطة والحشاشين والصفويين.

ثم الإجهاز نهائيا علي الدولة العباسية – آخر إمبراطورية عربية – بين أنياب دويلات الخوارج الوثنية العثمانلية بأفيونها الصوفي المخدر للشعوب، كالمولوية والبكتاشية والخالوتية والنقشبندية – طريقة القردوخان نفسه – وهو نفسه زعيم التنظيم الدولي للخوان المتأسلمين – الوهابيين!

ليست مفاجأة طبعا فاليد الصانعة واحدة – لهذا وذاك! هكذا سقطت الأمة فرقا وطرقا وشيعا من ألف سنة، ثم أنظمة دويلات من مائة سنة، فتم تقسيم شعوبها بحدود مختلقة ليسهل قضمها دولة , دولة …
واليوم اقترب المخطط القديم من نهايته .

والنهاية ستكون لصالحنا نحن المصريين بإذن الله جل وعلا، والنصر سيكون لنا – كعرب – لكن لن يتحقق أبدا طالما بقينا ممزقين شيعا وفرقا وطرقا ودويلات بينها حدود مصطنعة!

سيتحقق النصر فقط؛ بعودتنا كقوة عربية واحدة تقودها مصر الموحدة بالإله الواحد الأحد الذي نعبده جميعا، كما كانت منذ 30 ألف عام.

وسنبقي – كمصريين – في خندق “الدفـــاع” فقط “داخل” حدودنا، طالما لم نحقق شروط النصر في المعارك “الحربيـــة” خارج حدودنا … لردع واستئصال من لن يتوقف عن أطماعه فينا حتي تضع الحرب أوزارها وهي : حرب وجود!

يعني إما نحن وإما هم علي أرض الله وبحق الله العزيز النصير .بمعنى؛ حدودنا الاستراتيجية ليس كل حدودنا  الحقيقية بل حدودنا الأمن قومية هي الممتدة من المحيط الأطلسي للخليج العربي، ومن الاناضول بمحاذاة روسيا إلي منابع النيل جنوبا، وهي عائدة قريبا لما يمن الله علي جنودنا بفتح القسطنطينية بإذن الله. لنقضي علي أحفاد السفاح المدعو (محمد الفاتح) الذي لم يفتح شيئا! لكن علينا تحقيق شروط النصر أولا ولن يتحقق إلا بها.

هل وصلت الرسالة؟ اللهم بلغت اللهم فاشهد.
نصر الله مصر

زر الذهاب إلى الأعلى