أهم الأخباردين و دنيا

د حسنى ابوحبيب يكتب : افضل ايام الدنيا

“والفجر وليال عشر والشفع والوتر” (الفجر: 1 : 3).

ليالٍ أقسم الله بها في كتابه إنها لصاحبة شأن ، وإذا كانت الليالي عظيمة فلا شك أن أيامها أعظم ، فما ظنك بأيام أقسم الله بفجر تاسعها وصبح عاشرها وبشفعها ووترها ، فهذا يعني أنه أقسم بكل لحظة فيها.

تلك الليالي وتلكم الأيام أفضل أيام الدنيا على الإطلاق ، وأشرف أزمنتها ، كما أنبأنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم ، إذ تجتمع فيها أمهات العبادات من صلاة وصيام وصدقة وحج ، وهي الأيام المعلومات والتي تختم بالأيام المعدودات ، والتي جعلها الله ظرفاً ومحلاً لذكره كما جعل بلده الحرام ظرفاً ومحلاً لمناسك حجه.

ليالٍ وأيام تجمع فيها المسلمين من كل حدب وصوب ، رجالاً وعلى كل ضامر ، تأتي بهم ملبين طائعين تركوا الأهل والولد ، مضحين بأنفسهم ونفيسهم ، من أجل غاية الغايات ، وأحب الطاعات التي بها يكمل الدين وتتم النعمة ، ويظهر الشكر وينمحي الكفر.

ليالٍ وأيام تساوي بين جميع العباد من شتى البلاد ، فلا فرق بين أحمر وأصفر ، ولا تمييز بين أبيض وأسود.

ليالٍ وأيام توحد الألسنة واللهجات ، فالكل يلبي بلسان واحد ، وتمحو الشارات ، فلا رئيس ولا مرؤوس ، ولا أمير ولا فقير ، ولا حاكم ولا محكوم ، فالكل سواء: لباسهم واحد ومكانهم واحد ولسانهم واحد وعملهم واحد ، ومن هنا كان الحج مظهر التوحيد والتوحد.

ليالٍ وأيام سلٌم العباد قيادهم لربهم يفعلون ما يؤمرون ، لسان حالهم: سمعنا وأطعنا ، فالحكمة لك والعلم إليك والأمر بيدك ، فتراهم يطوفون حول حجر ، ويقبلون حجرا ، ويسعون بين حجرين ، ويقفون على حجر ، ويرجمون حجراً بحجر ، وهم مع ذلك مؤمنون موحدون يفعلون ما يفعلون طاعة واستجابة لأمر ربهم.

ليالٍ وأيام تأخذ العباد إلى الآخرة أخذاً ، فبمجرد خروجهم من بلادهم ومفارقتهم لأهليهم وذويهم تذكرهم بالرحلة الكبرى التي لا بد منها ، وبتجردهم من ملابسهم ولبسهم لملابس إحرامهم تذكرهم بالتجرد الأكبر حيث التجرد من الجاه والسلطان والمال والبنين بل من الدنيا كلها ، وبوقوفهم على عرفات الله يحضر بين أعينهم وقوفهم بين يديه وحشرهم إليه.

ليالٍ وأيام تجمع بين الحج والثج ، والصيام والقيام ، والتهليل والتلبية ، والتخلية والتحلية.

ليالٍ وأيام فيها يباهي الله ملائكته بالشعث الغبر ، بالضاحين الملبين ، فيغفر لهم ولمن استغفروا له ، يمحو لهم كل ذنب ، ويغفر لهم كل حوب ، ويغسل لهم غدراتهم ويستر عليهم فجراتهم ، حتى وإن كانت حاجات وداجات.

ليالٍ وأيام فيها كل هذا والله لحريٌة بالتعظيم والإجلال والتوقير ، كل وفق مكانه ومكانته ، فإن كان من حجاج البيت فتعظيمه لها بالتلبية والتهليل وبالطواف والسعي ، وبالوقوف والرمي ، وبالنحر والحلق والتقصير ، وباجتناب الرفث وبترك الفسوق وبالبعد عن الجدال ، وإن كان من غير الحجاج فتعظيمه لها بالتكبير والذكر ، وبالصيام والقيام ، وبالصدقة وقضاء الحوائج للخلق.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا فيها من المقبولين وأن يتقبل من كل من وفقهم لحج بيته الحرام وأن يكتب لنا حج بيته العام القادم والأعوام التي تليه وألا يحول بيننا وبين بيته الحرام وزيارة قبر نبيه عليه الصلاة والسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى