قطار “مصر تستطيع بالصناعة” يصل محطته الثانية..النهوض بصناعة الغزل والنسيج في مصر وعودتها إلى العالمية
بالتعاون بين وزارات الهجرة وقطاع الأعمال العام والتجارة والصناعة، عُقدت ثاني ندوة حوارية افتراضية ضمن سلسلة الندوات الاستباقية لمؤتمر”مصر تستطيع بالصناعة”، والتي استهدفت مناقشة مستقبل صناعة الغزل والنسيج في مصر في إطار الاهتمام الذي توليه القيادة السياسية بهذا المجال.
وعقدت الندوة بحضور السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، والسيد المهندس هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، وممثل عن الدكتورة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، وبمشاركة ثلاثة من أبرز الخبراء المصريين بالولايات المتحدة الأمريكية المتخصصين في مجال النسيج، وهم ا.د. محمد برهام خبير الهندسة النووية، و ا.د. أحمد الشافعي خبير الكيمياء العضوية، وا.د عبد الفتاح صيام رئيس قسم المنسوجات بجامعة نورث كارولينا، لمشاركتهم في هذه الندوة بالإضافة إلى عدد من رجال الصناعة المصريين داخل مصر.
وقد أدارت الندوة رائدة الأعمال سارة البطوطي، وسط تطبيق للإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، مع مراعاة التباعد الاجتماعي والمسافات والتزام كافة الحضور بارتداء الكمامات.
وافتتحت السيدة وزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم الندوة ورحبت بالحضور، لافتة إلى أن مشاركة علماء مصر بالخارج أمر يدعم جهود رجال الصناعة في الداخل لتحقيق نهضة صناعية كبرى.
وأضافت الوزيرة أن مجال صناعة الغزل والنسيج يعد من أهم المجالات الصناعية وتولي الدولة المصرية اهتماما كبيرا بهذا المجال، فقد وجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بإعادة مصر لما كانت عليه منذ سنوات في مجال صناعة الغزل والنسيج، والاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة التي تساعد لتحقيق هذا الهدف، ويأتي دور مؤتمر “مصر تستطيع بالصناعة” للاستعانة بخبرات العلماء والخبراء المصريين بالخارج للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم في هذا المجال من خلال عدد من التوصيات التي سيتم العمل عليها بالتعاون مع كافة الجهات المعنية.
وفي مستهل الندوة أيضًا، رحب المهندس هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام أيضًا بالحضور، ووجه كلمة أوضح فيها أنه بداية من الثمانينات تم خسارة جزء كبير من أسهم السوق المصرية في مجال القطن وحل محله الألياف الصناعية، وقال: “نعمل في طريقين والحكومة تبذل مجهودًا كبيرًا لإعادة إحياء صناعة القطن وبورصة القطن لعمل مراكز جديدة ومزادات، بالإضافة إلى تطوير ٧ محالج بآخر تكنولوجيا في العالم.
ولفت توفيق إلى أنه عقب تطوير هذه المحالج سيتم إنتاج ضعف ما تنتجه مصر بنهاية عام 2021 من “قطن الزهر” وأضاف: “نعمل على تطوير هائل في معدات الغرل والنسيج والصباغة والتجهيز”، مشيرا إلى أن خلال عامين من تركيب المعدات الجديدة نستطيع العودة لغزو الأسواق العالمية بكافة المنتجات القطنية.
وعبر تطبيق “زووم”، أخذ الخبراء المصريون بالخارج ورجال الصناعة بالداخل يتبادلون النقاش والآراء والاطروحات، حيث بدأت المناقشة بمداخلة الخبير ا. د. محمد برهام، خبير الهندسة النووية بالولايات المتحدة الأمريكية، والذي أوضح أن الصناعات النسيجية المصرية تمتلك تاريخا طويلا من النجاحات والتميز لكن منذ الثمانينات حدث نوع من التراجع، لافتا أن تخصصه يكمن في إضافة بعض الأشياء التي تزيد من قيمة المنسوجات، مثل كونه طاردا للحشرات أو الفيروسات.
كما أضاف برهام أن هناك استخدامات كثيرة للطاقة النووية في المنسوجات بما يمكن من تطوير هذه الصناعة، والحصول على منسوجات طاردة للحشرات، بالإضافة إلى تقليل التكلفة والطاقة خلال عملية التصنيع باستخدام البلازما الغازية.
وتابع أن صناعة المنسوجات تطورت كثيرا فبعضها الآن أصبح لا يمتص المياه وهو أمر ضروري للحفاظ على المياه وعدم إهدارها، مؤكدا أنه يقوم بفصل البلازما في الظروف العادية لإضافة قيمة جديدة للمنسوجات.
كما قدم برهام الشكر للسفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة على هذا الملتقى الذي جمع بين ممثلي صناعة الغزل والنسيج داخل وخارج مصر باعتبارها واحدة من أهم الصناعات المصرية، مؤكدا أن السوق المصرية لها عملاؤها وتحوز ثقة الكثيرين عالميا.
وفي مداخلة أخرى خلال الندوة، ذكر الخبير ا. د.أحمد الشافعي، خبير الكيمياء العضوية بالولايات المتحدة، أن هناك تركيزا على التطوير في صناعة المنسوجات لتوفير المياه والطاقة وبعض أنواع الصبغات، ما يؤدي لأفضل إنتاجية بأقل تكلفة، مشيرا إلى أن التطورات التكنولوجية وفرت الوقت بشكل كبير، متابعا: “يمكننا الحصول على منسوجات جاهزة في دقائق معدودة، ما يلبي احتياجات السوق من مختلف الملابس والمنسوجات”.
وحول صناعة المنسوجات واستخدام السوائل المختلفة سواء المياه أو الصبغات وغيرها، قال الشافعي: “إننا حريصين على الاستمرار في تطوير قطاع المنسوجات، والحرص على تطبيق المواصفات العالمية في مجال المنسوجات لإنتاج منسوجات صحية وذات جودة عالية، وتقاوم الميكروبات في الوقت ذاته، ويمكننا من إنتاج منسوجات للمستشفيات مثلا، أو في ظروف جوية معينة، أو عند انتشار الأوبئة”.
وتابع الشافعي أن كيمياء البوليمرات يمكن استخدامها بشكل كبير لتطوير قطاع المنسوجات، وإنتاج ملابس لا تقل جودة عن الماركات العالمية، ما يمكننا من الاستفادة من سمعة وشهرة القطن المصري، كما استعرض تطورات تكنولوجيا النسيج عالميا، وكيف طورت الشركات ماكينات وطرق الصباغة، مقترحا الاستفادة من ذلك في خطط التطوير الصناعي بمصر، ومبديا ترحيبه بمشاركة خبراته.
من جانبه، أوضح أ. د. عبد الفتاح صيام رئيس قسم المنسوجات بجامعة نورث كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية، في مداخلته خلال الندوة، أنه حريص على نقل الخبرة للزملاء بمعهد أبحاث القطن ومعهد البحوث وهندسة الإسكندرية في مصر، للمشاركة في بناء قاعدة علماء يمكنهم النهوض بقطاع المنسوجات المصري، وقال: “حريصون أيضا على دعمهم للاستمرار في النهوض بقطاع المنسوجات المصري، الذي يحظى بسمعة عالمية، ولديه مقومات النجاح عالميا، وارتياد أسواق جديدة، والحصول على حصص تسويقية أكبر بكثير مما هو عليه الآن”.
وأشاد صيام بحرص القيادة السياسية على عودة الريادة لقطاع المنسوجات، وقال: “كان لنا الريادة فيه في الستينيات والسبعينيات، ونستطيع العودة وبقوة لدعم هذه القطاع المهم والواعد، وخلق مجالات استثمار مباشرة وغير مباشرة عبر الاستثمار في هذا القطاع”.
وأضاف صيام أنه يمكن الاستفادة من عوادم صناعات الغزل والنسيج لتحقيق مكاسب هائلة، وأن الأبحاث العالمية تحرص باستمرار على الاستخدام الأمثل للبلازما في تطوير قطاع المنسوجات.
وتابع: “البداية الرسمية للتعاون مع مصر بدأت في 1999 وزرت 13 شركة بمختلف المحافظات سواء بالإسكندرية وبورسعيد ودمياط وشبين الكوم وغيرها، كما شاركت في مشروع تابع للاتحاد الأوروبي لإعادة هيكلة مصانع المحلة واستعادة مجدها في إنتاج الخيوط الرفيعة وتطبيقها في إنتاج أقمشة ذات قيمة عالية”، مؤكدا على أن للقطن المصري حريرة خاصة عندما يتم انتاجه خيط 80/ 1 فينتج خيوط رفيعة للغاية.
كما ذكر صيام أن المنتج المصري له سمعة عالمية ويحتاج للتواصل المباشر مع شركات عالمية، مضيفا أن الطباعة الرقمية مهمة جدا، وأن السوق المصري يسعى إلى ذلك ضمن خطوات التطوير والتسويق.
وفي نفس السياق، أكد د. أحمد مصطفى، رئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، حرص الشركة على تطبيق التكنولوجيا والاستفادة من خبرات علمائنا بالخارج، مشيرا إلى تكنولوجيا البلازما والطباعة متعددة الأوجه وطرق تقليل تكلفة ووقت الصباغة والتصنيع، وتابع: “أننا ننشيء ٣ مراكز تدريب للوصول إلى أفضل منتج، والاستفادة من مستحدثات التكنولوجيا سواء للعمال أو المهندسين، للعودة بقوة مجددا بعد غياب دام طويلا للمنتج القطني المصري”.
وتابع مصطفى أن توجهات الدولة تسعى لتغطية احتياجات السوق المصري، بالإضافة لدعم قطاعات التصنيع والتصدير لتحقيق أرباح ودعم الميزان التجاري المصري، وتابع أن هناك مصنعا جديدا بمدينة المحلة بمحافظة الغربية يضم ١٨٢ ألف مخزن، وينتج آلاف الأطنان من المنسوجات، موضحا أنه تم التواصل بالفعل مع السيد وزير البترول بالفعل للاستفادة من منتجات التكرير في تصنيع الألياف الصناعية وصناعات الكيماويات والأصباغ .
هذا فيما أوضح د.م. مصطفى هدهود، عضو الجمعية العامة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، أن هناك جهودا كبيرة بذلت من القيادة السياسية لإحياء صناعة القطن والألياف الطبيعية، وقال: “بدأنا في صناعات البوليستر بمصنع كفر الدوار لإنتاج الألياف الصناعية، وكذلك الياف البولي أكريليك وتصنيعها في مصر لتوفير تكلفة الاستيراد”.
وأشار هدهود إلى أهمية التنسيق بين الوزارات المختلفة والاستفادة من تكرير البترول في صناعات الألياف الصناعية، بجانب البولي اميد وإحياء إنتاجه، وإحياء إنتاج صناعة البولي أكريليك ومصنع العامرية، بجانب صناعات الصوف وغيرها لإنتاج احتياجات السوق المصري، وتوفير العملة الصعبة.
كما أكد خالد بهاء الدين رأفت، مدير التسويق بالشركة القابضة، على ضرورة الاستفادة من خبرائنا بالخارج في هذا المجال. وحول تسويق الماركات المصرية BRANDING Marketing أوضح بهاء الدين أنه تم بالفعل العمل على ذلك، وتم بناء خطة متكاملة للحصول على حصة أكبر من السوق العالمية.
فيما تساءل المهندس فاضل مرزوق، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات قائلا: “أنا مصدر ملابس جاهزة والملابس القطن المصرية يتم الترحيب بها في أوروبا، لكن في أمريكا يكثر الطلب عليه فكيف يمكن تسويق القطن المصري في أمريكا، فقام الدكتور صيام بالرد عليه قائلا إن القطن المصري لا يحتاج إلى دعاية، لكن بعض العلامات التجارية الشهيرة تحتاج إلى التواصل الدائم معها ووجود شبكة علاقات وقنوات تواصل.
وفي تعقيب لسيادته على النقاش، أوضح المهندس هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، أنه من المهم الاستعانة بخبرات علمائنا بالخارج وتدريب الفنيين والمهندسين على خطوط RND، مؤكدًا أن الماكينات أمرها سهل مقارنة بالعقول الواعية.
وأوضح توفيق أنه يسعى للترويج للقطن المصري طويل التيلة المصنع في مصر، فمصر تستطيع ذلك، مؤكدا أنه سيسعى للترويج لذلك من الصين حتى أمريكا الشمالية، للمنتجات المصنعة عالية الجودة من أقمشة وملابس مختلفة، مؤكدا أنه بنهاية عام 2021 ستعود المنسوجات المصرية مجددًا بقوة للأسواق العالمية.
وفي ختام الندوة، أعربت معالي وزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم عن سعادتها بهذه الندوة قائلة: “أنا فخورة بهذا النقاش الثري خلال الندوة”، مؤكدة على أن وزارة الهجرة شئون المصريين بالخارج هي حلقة الوصل بين علمائنا وخبرائنا في الخارج وكافة الوزارات والجهات التي تطلب خبرات أبناء مصر حول العالم.
وتابعت: “سنعمل على فتح خطوط تواصل مباشر بين خبرائنا المشاركين بالندوة الحوارية الثانية وكافة الجهات بالداخل للاسفادة من خبراتهم في مجال صناعة الغزل والنسيج، والبناء على مخرجات هذه الندوة الحوارية بمزيد من التواصل”.