آراء

د.حسني ابوحبيب يكتب :الولي والناصر

“إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين” (الأعراف: 196).

الولاية تعني النصرة والتأييد ، وكلما كان المولى عظيماً كانت الولاية على نفس القدر من العظمة ، هذا من ذاك.

فما بالك إذا كان المولى عظيم السماوات والأرض ، من بيده الأمر ، وله الملك ، وإليه المرجع ، وهو على كل شيء قدير.

لذا كانت الولاية الحقة لله ، “هنالك الولاية لله الحق” (الكهف: 44).

ولا ريب أن الله تعالى يوالي من ولاه ، ويخذل من خذله ، وينصر من نصره ، “ولينصرن الله من ينصره” (الحج: 40)، “إن تنصروا الله ينصركم” (محمد: 7)، ويكفي من توكل عليه ، “ومن يتوكل على الله فهو حسبه” (الطلاق: 3).

ورحم الله الإمام القشيري إذ يقول: “ﻣﻦ ﻗﺎﻡ ﺑﺤﻖ اﻟﻠﻪ تعالى ﺗﻮﻟﻰ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ، ﻓﻼ ﻳﺨﺮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺜﺎﻟﻪ، ﻭﻻ ﻳﺪﻉ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﻮاﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﺟﺮاﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺑﺤﺴﻦ ﺃﻓﻀﺎﻟﻪ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺟﻌﻞ اﻟﻌﺒﺪ ﺭاﺿﻴﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ، ﻭﺭﻭﺡ اﻟﺮﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺮاﺭ ﺃﺗﻢ ﻣﻦ ﺭاﺣﺔ اﻟﻌﻄﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﻮﺏ”.(لطائف الإشارات للقشيري).

من هنا كانت ولايته تعالى لكل من آمن به كائنة ، بها يعرفون الحق من الضلال ، وبفضلها يميزون الخبيث من الطيب ، وبسببها أُخرجوا من الظلمات إلى النور ، وها هو سبحانه يعلنها للعالمين بأنه ولي المؤمنين ، فيقول: “الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور” (البقرة: 257).

كما أنه تعالى تعهد لكل من والاه بالأمن في الدنيا والفوز في الآخرة ، أيضاً ضمن لهم السعادة ولنسلهم ، لذا تراهم آمنين مطمئنين لا يخافون على أنفسهم ، ولا يحزنون على من ورائهم ، “ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون” (يونس: 62).

وهم المعنيون بقوله تعالى: “والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء” (الطور: 21).

لذا أمر الله تعالى عبده ومصطفاه أن يعلنها مدوية ، بعد نفور قومه من رسالته وتكذيبهم له ، وتآمرهم عليه ، “إن وليي الله” ، ومن أسند ظهره لله فهو الغالب ، ومن التجأ إلى ركنه فهو العزيز ، ومن انضم إلى حزبه فهو المنصور ، “ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون” (المائدة: 56).

فيا كل من ضاقت به السبل ، وانغلقت في وجهه الأبواب ، وضاقت عليه الأرزاق.

أيا كل مظلوم ومكروب ومكلوم ، يا كل مهموم ومحزون ومفتون.

يا كل من ضاع حقه ، وكُسر خاطره ، وضاقت على نفسه ضلوعه ، وتحشرج لنفسه صدره.

يا كل شريد ، ويا كل طريد ، يا كل وجل ، ويا كل خائف.

يا كل هؤلاء جميعاً ، إذا أردتم تفريجا لهموكم ، وكشفا لكروبكم ، وصلاحا لحالكم ، فعودوا إلى الولي ، وارجعوا إلى الغني ، واركنوا إلى القوي ، تمسكوا بشرعه ، والتزموا أوامره ، واجتنبوا نواهيه.

يا كل من تبغي نصرا انصر الله في شرعه ينصرك.

يا كل من تريد منه إحسانا أحسن يحسن إليك.

اجعلوا الله جميعاً مولاكم ، واتخذوه ناصرا لكم ، فهو الولي وهو الناصر ، “نعم المولى ونعم النصير” (الأنفال: 40). فالمنصور من نصره ، والعزيز من أعزه ، والآمن من تولاه.

فاللهم كن لنا مولى ونصيرا ومؤيدا ومعينا فأنت نعم المولى ونعم النصير.

yoast

زر الذهاب إلى الأعلى