منوعات

حنان فهمى تكتب : النبيل

غضب بشدة وهوت كأس العصير من يده وإرتبك وبدأ يتفوه بكلمات غريبة،

حاولت أن تُهدأه ولكنه كان يقسو عليها بكلماته الجارحة، وإتهامه لها بأن لها دور كبير في تشجيعه على الوصول إلى هذا الحد في التعلق بها،

نعم هو محق في كل كلمة لأنها لا تبرئ نفسها من هذا الذنب،

كانت تستمتع بكلماته التي لم تسمع مثلها من قبل وبأسلوبه الراقي في وصفه لها..أنها ملهمة الشعراء،

وبأن الكثير من السيدات يتمنين أن يكن مثلها، وأن أي امرأة تقترب منها تنطفئ أنوثتها بجوارها، وأن كل سيدة ممكن أن تكون متميزة لو أصبح عندها صفة واحدة من صفاتها،  كثير من الوصف الجميل وأفعال أجمل،لأنه رجل صادق في كل مشاعره، أحبها وهام بها في فترة وجيزة،  برغم معرفته بها منذ عدة سنوات،

هو رجل أعمال، له مكانته على مستوى العالم العربي،وهي أيضاً سيدة أعمال،تصادف أن عملت معه عدة مرات، كان دائم الإعجاب بذكائها وحماسها للعمل، وبإنتهاء العمل بينهما كانا دائماً ينقطع اتصالهما ببعض تماماً، بعد فترة طويلة تصادف عملهما معاً من جديد، ولكن هذه الفترة كانت عنده مشكلة كبيرة، ولثقته بحكمتها استأذنها أن يقص لها أحداث مشكلته فهو مؤمن بفطنتها في حل كثيراً من الأمور، وبالطبع رحبت جدآ، وشاركته حلها، و منذ هذا اليوم وهما يتحدثان معا في أشياء كثيره بعيداً عن العمل، وبدأ يشعر بمشاعر لم يعهدها في نفسه منذ عمر طويل، لم يعلم كيف ومتى فجأة و بلا أن يشعر انجرف بمشاعره نحوها وبمنتهى القوة، لماذا الآن!!

وهي بغريزة الأنثى شعرت بحبه وبتعلقه بها وضعفه أمامها، تعلم جيداً أنه منذ أعوام طويلة لم يقبل بدخول اي إمرأة في حياته، وتعلم أن الكثيرات برغم عمره تتمنين أن ينعم عليهن ولو بنظرة، ولكنها وحدها من كانت تلهده وكأنها تلهد الخيل،

من لا يستمتع بمثل هذا، من نبيل قادم من الزمن الجميل، برغم أنه في الثامنة والسبعون من عمره إلا إنه يحمل روح رجل في الثلاثينات،

لو لم تكن متزوجة، لتركت لمشاعرها العنان، برغم فارق السن بينهما، فهي لم تكمل السابعة والأربعون،رجل حلم ألاف النساء، من لا تتمنى أن تكون زوجة لرجل مشهور، ثري، ورغم كبر سنه إلا أن الله أنعم عليه بالوسامة، ومظهر اصغر من عمره بكثير،كم تمنت لو كانت تمتلك ورقة طلاقها أو حريتها كما كانت تحدث نفسها،

فهي تزوجت في التاسعة عشر من عمرها، زواجا تقليدياً، كان دائم السفر بحكم عمله، يتعامل معها كخادمة لأولاده فقط، لم تسمع منه يوماً كلمة شكر أو رأت تقدير لأي شيء تفعله، على النقيض كان يقلل من قدرها دائماً، تلفظ بكلمة الطلاق مراراً وكلما طالبته أن يعطيها حريتها كان يرفض بحجة الأولاد، حاولت معه مراراً ولكن لأنها تواجه الحياة وحدها لم يقف معها أحد، استسلمت لتربية أبنائها وكأنها تعاقب نفسها على اختيارها الخطأ، اتفقا سويا أن يعيشا معا فقط لتربية الأبناء، كلاهما منفصل تماماً عن الآخر، يرونها الناس دائماً وحدها مع أبنائها سواء في مجال عمل أو في النوادي الإجتماعية، كان الكثير من الرجال يحاولوا التودد لها ظناً منهم أنها مطلقة أو أرملة ولكنها كانت تتعامل معهم بمنتهى الشدة والحسم، ولا تسمح لأحد أن يتقرب لها، ولا يستهويها اي إطراءات، هي تعلم جيداً معشر الرجال، وألاعيبهم، إنها إمرأة تخشى الله، وتعشق أولادها،

إلى أن إلتقت بهذا الفارس النبيل، الذي لم يعلم كيف انجرف بمشاعره نحوها هكذا، لم يحاول مرة أن يسألها هل هي متزوجة أم لا، عندما شعر أنه تعلق بها بشدة قرر أن يطلب منها موعداً بعيداً عن العمل، وهو على يقين أنها امرأة مطلقة، وافقت على طلبه والتقيا، وكانت المفاجأة بطلب لم تتوقعه نهائيا،

“هل تقبلي الزواج مني لتشاركيني ما تبقى من حياتي ؟”

عشت سنين طويلة دون أن تلفت نظري أو تملأ عيني إمرأة، بعد أن تحدثنا سوياً في الفترة الأخيرة شعرت بأنك،

ملئت عيني، وحياتي، وكياني، أرجو أن تفكري في ذلك وأعلم أنك لو وافقتي واصبحتي زوجة لي سوف يحسدني عليكي كل من يرانا سويا،

أجابته دون تفكير، ياليت ولكن الا تعلم بأنني متزوجة!؟،

هوت من يده كأس العصير ،

كانت الصدمة كبيرة له، ولها، فهي لم تكن تدرك أن هذا الرجل سيقع في حبها بمثل هذه الكيفية،

ارتبكت من كلماته الغاضبه بشدة وإستأذنته في الانصراف،

إستقلت سيارتها و أثناء عودتها للمنزل، وجدت منه اتصالاً هاتفياً، ليطمئن عليها، فقد كان يخاف عليها أن تقود السيارة وهي في حالة ارتباك ولم يتركها الا وهو مطمئن بوصولها للمنزل، وودعها قائلاً

ارجو أن تكوني بخير دائما، ابنتي ارجو من اليوم أن تكوني حريصة في تعاملك مع أي رجل فانتي امرأة ذكية وفاتنة وليس مثل النساء، أنعم الله عليكي بالقبول وحب الناس، من السهل أن يقع رجال كثير في غرامك، وهذا محرم عليك، ف برغم انفصالك عن زوجك بكل مقاييس الشرع، الا انك مازلت تحت طائلة القانون زوجته، وأم لابنائه، أعلم أن كل مشاعرك بكر ، وان الدنيا ظلمتك ولكن لا تكوني كالدنيا وتظلمي من احبوكي بصدق، كانت دموعها تنهمر من نبله، وكلماته،

وطالبته بأن تطمئن عليه، لكنه رفض بشدة أن يدور بينهما أي حوار أو لقاء مرة أخرى، فهو يخشى أن يضعفا، وهو اقسم لها سابقا أنه سيكون أمينا عليها،

عادت إلى منزلها، وهي حزينة، ولكن لغرابة الأقدار، تسمع زوجها وهو يحدث امرأة أخرى، ويتفق معها أن يتم طلاقها من زوجها كي يتزوجا، وهنا واجهته وأصرت أن تأخذ منه ورقة حريتها وطلاقها، تم الطلاق الرسمي أخيراً وأخذت حريتها، ومن شدة فرحتها ذهبت إلى هذا النبيل في الفندق الذي يقيم به، كي تخبره أنها أصبحت حرة، دخلت مسرعة لتسأل عليه ولأول مرة لا تجده في مكانه كما تعودت سألت عليه العامل بالفندق ليجيبها في حزن شديد ويقول لها البقاء لله، توفى أنبل رجال الزمن الجميل.

yoast

زر الذهاب إلى الأعلى