آراء

مخاوف العالم الافتراضي الميتافيرس !

د.فتحي حسين
بجانب الايجابيات التي يتمتع به عالم الميتافيرس في حياتنا , فهناك مجموعة سلبيات لتقنية الميتافيرس، ومن أهمها, مخاطر جرائم الانترنت الالكترونية والتي تعد
مشكلة خطيرة تواجه مستخدمي الإنترنت منذ وجوده, حيث أنفقت الحكومات ملايين الدولارات خلال سنوات في القتال لمكافحتها، الأمر الذي ساعد على تعزيز مستويات الأمان لأنظمة الإنترنت الحالية لدينا , لكن مع ذلك، نظرا لأن الميتافيرس هو مفهوم جديد، فإنه لا يزال لا يتمتع بهذه المستويات الأمنية المتطورة للأمن السيبراني. وهذا يجعله عرضة لجميع أنواع الأنشطة غير القانونية مثل الاحتيال وغسيل الأموال واستغلال الأطفال والسلع غير القانونية والاتجار بالخدمات والهجمات الإلكترونية وغيرها. بالاضافة الي التأثير السلبي على الثقافات والمجتمعات وهو أحد عيوب المقاربة بين الجميع ودمج ثقافات العالم المختلفة في ثقافة واحدة هو فقدان التنوع الثقافي الجميل الموجود حالياً في العالم. إذا كان الناس سيقضون معظم وقتهم في عالم الميتافيرس، فلن يعودوا يشعرون بالارتباط بمجتمعهم المباشر. كما أنهم لن يشعروا بالحاجة إلى تبني ثقافتهم المحلية أو الإقليمية، وقد يؤدي هذا في النهاية إلى نهاية للعديد من التقاليد التي كانت موجودة منذ بداية البشرية، ومن المرجح أن تخلق مجتمعاً جديداً. على الرغم من أنها قد تكون مجتمعات موحدة وشاملة للجميع، إلا أنها قد تنتهي بالفشل وستكون غير مثيرة للاهتمام. فضلا عن خلق سلبية خطيرة للميتافيرس وهي مشكلة الادمان , وهي على غرار الألعاب، يمكن أن يصبح الإدمان مشكلة، وقد يكون من أخطر سلبيات الميتافيرس. يجادل البعض بأن هناك خطر إدمان أكبر مع الميتافيرس، وذلك لأنك منغمس تماما في عالم افتراضي. إلى جانب احتياجاتك الجسدية الأساسية مثل الأكل والنوم، لست بحاجة إلى ترك هذا العالم الافتراضي. الأطفال والمراهقون هم الأكثر عرضة للخطر، حيث يقترح الخبراء أن تعريض الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً إلى الميتافيرس وتركهم يقضون الكثير من الوقت فيه قد يؤدي إلى حدوث الضرر الجسيم لنموهم الجسماني والعقلي والفكري ايضا! عدا عن ذلك، قد يجعل العيش في حالة افتراضية من الصعب التمييز بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي. سيكون هناك تحد كبير لتحقيق التوازن بين السماح للمراهقين والبالغين بوقت كافٍ في هذا العالم الافتراضي أثناء محاولة منع السلوك الإدماني!

بالاضافة الي ان من مخاطر الميتافيرس ايضا هو فقدان الاتصال بالعالم المادي وهو أحد الاهتمامات الرئيسية لدى العديد من الأشخاص حول هذه التقنية هو مدى سهولة فقدان مسار الوقت أثناء تواجدك فيها. نظراً لأن حواسك معطلة بشكل أساسي، أو بمعنى آخر، فهي متصلة بالعالم الافتراضي بدلاً من العالم الحقيقي، وقد يفقد الأشخاص الذين يتعرضون للميتافيرس لفترة طويلة ارتباطهم بالواقع وقد يتجاوزون ذلك لعدم الرغبة في الاعتراف بوجود عالم غير العالم الافتراضي.
إلى حد ما، نختبر هذا النوع من السلوك اليوم مع استخدام الأجهزة المحمولة، حيث يقضي العديد من الأشخاص حول العالم ما يقارب 5 ساعات يومياً في التحديق في الشاشة.! علاوة علي مشكلة اخري تتعلق بالميتافيرس وهي قضايا الامن والخصوصية , حيث لا يدرك الأشخاص أن بياناتهم يتم جمعها وبيعها للمعلنين، من بين أشياء أخرى كثيرة. ومن المخاطر ايضا المشاكل الصحة العقلية التي بالتأكيد سوف تنشأ خلال الميتافيرس , على الرغم من استخدام الواقع الافتراضي في ظل بيئات خاضعة للرقابة لمساعدة المرضى الذين يعانون من أعراض الفصام، لا يمكننا الاعتماد علىه ليتم التحكم فيه أو صنعه لمساعدة الأشخاص المصابين بهذه الأمراض!
كما أشارت الدراسات النفسية إلى أن الانغماس في هذا العالم الرقمي وفصل أنفسنا عن الواقع قد يزيد من احتمالية الانفصال الدائم عن الواقع، كما أنه قد يؤدي إلى أعراض قريبة من الذهان والاكتئاب. عدا عن خطورته على الاشخاص الذين سيجدونه أفضل من حياتهم الحقيقية، مما يقلل من احترامهم لذاتهم ويسبب لهم الإصابة بنوبات اكتئاب شديدة.
كما ان هناك مشكلة اخري ربما سوف يخلقها بالتأكيد وجود الشباب علي الميتافيرس وهي التنمر الافتراضي وهو مشابه للموجود بالواقع , فمن المعروف أن الإنترنت مكان قاسٍ، ويميل الغرباء إلى أن يكونوا قساة ولا يقبلون اختلافات الناس, يمكن العثور على السلوكيات الخبيثة تجاه الآخرين في جميع أجزاء الإنترنت، سواء كان ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي أو في الألعاب.
وعلى الرغم من الحملات العديدة لمنع هذه السلوكيات أو الحد منها. سيؤدي استخدام الإنترنت في إعداد ثلاثي الأبعاد والسماح للمستخدمين بالشعور بالاندماج التام في الميتافيرس إلى منح هؤلاء الأشخاص السيئين المزيد من القوة. يؤدي هذا إلى فرص أكبر لمهاجمة الآخرين وقد يجعل الضحايا أكثر ضعفاً وأقل حماية. حيث لم يعد هناك شاشة يمكن النظر بعيداً عنها.
التنمر والمضايقات والاعتداءات الشخصية على أي شخص ستكون حتماً واحدة من سلبيات الميتافيرس. ولسوء الحظ، لا يوجد الكثير مما يمكن فعله لمكافحته. ويضاف الي كل هذه السلبيات الي ازمة اخري وهي عدم القدرة على مراقبة كل شيء!
حيث تم الاعتراف بأن الرقابة والسيطرة سيكونان عملاً هائلا. لن تكون مراقبة عدد كبير جداً من المستخدمين في وقت واحد مهمة سهلة، إذ أن الرقابة على أي نطاق هادف تكاد تكون مستحيلة، والوقاية من السمية لا يمكن أن تحدث من خلال المعاقبة!مما يساهم في زيادة حالات التحرش الجنسي وممارسة الافعال المنافية خلاله.
ويبدو أن الميتافيرس محكوم عليه باحتمال أن يكون بيئة سامة, خاصة وان الميتافيرس سيتطلب الدخول إليه اتصالا سريعا بالإنترنت لجعل البيئة الافتراضية المشتركة سلسة قدر الإمكان. يجب أن يشمل ذلك الاتصال القائم على الألياف الضوئية وتقنية الشبكة اللاسلكية من الجيل الخامس بما في ذلك تقنية
وربما حتى شبكات الجيل السادس التي لم تظهر حتي الان بعد, علي الاقل في العالم النامي !كما أن الأدوات اللازمة للوصول إلى الميتافيرس قد تكون مكلفة، لذا لن يتمكن الأشخاص والمجتمعات الأقل حظا من التمتع بفوائدها.في الميتافيرس، حيث أنه من المفترض أن الأفراد هم الذين لديهم تفاعلات اجتماعية مع بعضهم البعض، قد يحدث ان تتحكم الشركات الكبرى فيه وتحول العالم الافتراضي إلى أرضية جديدة خاصة بها لحملات التسويق وتشغيل الإعلانات واستخدام ميزاته لخدمة مصالحهم الأنانية, وهو ما يهدد شبكة العلاقات الاجتماعية والهدف من التواصل الاجتماعي بين البشر حول العالم .فلابد من توعيى الشباب بحملات اعلامية مستمرة في مختلف وسائل الاعلام من هذه المخاطر قبل الولوج الي هذا العالم , الذي اصبح حقيقة في حياتنا لا يمكن تجاهلها وقبل ان نبكي علي اللبن المسكوب!

زر الذهاب إلى الأعلى