منوعات

ميرة عبدالله تكتب :رسالة إلى محبوبي

صديقي المحزون، سلام عليك إلى أن تطيب مواجعك وتهون، وجملة من السلامات عليك تمسح سيل العيون، وتمد لك يد العون.

وبعد:
فآلمني ما يشوى فيه على جنبيه قلبك، وأصابت قلبي صرخة حرفك، وأرقت مضجعي آهات روحك، ولست ممن يجود الحروف، ويزخرف المعاني؛ كي أداوي-ظاهريا- جرحك؛ ولكنني جئت؛ لأكون ظهرك يوم يقصم ظهرك، وعزمك يوم يرخى عزمك.

ما لي أرى الشيطان يحوم حولك ويحزنك! ما كل هذا اليأس يا أمل الغد المشرق؟ ماذا تعني المحاولات غير الصائبة؟ وماذا تعني الطرق الملتوية؟ وماذا تعني الدروب الشائكة؟

يا صديقي لولا العراقيل ما كانت للسير ماهية، ولولا عناء الروح ما كان للوصول لذة!
الصبر الصبر، ولا تعجز، وإني آتيك بنصيحة راجيا ألا تنسينها ما حييت، فليسمعها قلبك قبل أذنيك، فقد يأتي عليك يوم تقول فيه: رحم الله فلانا قالها لي.

“نفسك نفسك فارعها، ولا تنتظر من شامم الورد أن يسقيه ما لم يسقه المالك، ولا تهتزن ثقتك بنفسك مهما طال بك المطال، وأناخت بك العضال، حذار أن تكون ورقة تطيح بها رياح الكلمات! ولا يعمينك زيف المظاهر حولك عن حقيقة داخلك، وإياك والعجلة، فما علمنا قوما تعجلوا وفلحوا. الأناة الأناة، ودع التجارب تبنيك بناء محكما ورصينا”

أنت لن يكون منك اثنان، ولن تكون نسخة من أحد، فقم، وانهض الآن الآن، وتوكل على الله، وسر، ودع عنك تلك الهلاوس والمخاوف، فقد رحم الله امرءا غزل من مآسيه خيوطا متينة! وقد أعان الله قلبا صدق.

غدا ستحفل بك ساحة ظننت-بوهنك يوما- أنك لن تستطيع طرق أبوابها، وستحفل بك نفسك، والله اسأل أن يحفل بك أهل السماء.

وغدا ستذكر ذي الأيام، وتقول: تالله ما انبثقت المنحة إلا من عيون المحن، وما تولد الإشراق إلا من رحم الأفول، وهل يتوهج نجم إلا إذا اشتدت الحلكة وخيم العتم؟ وما الغد ببعيد.
أنا هنا، وسأبقى هنا ما بقيت، سنمضي سويا، ويشد كلانا أزر صاحبه، ويذب الهم عن قلبه، فلا ينال منه نصب أو وصب. صديقك… والسلام بنت النيل .

.yoast

زر الذهاب إلى الأعلى