أهم الأخبارعرب و عالم

روسيا تعاني من نقص العمالة.. بوتين يدرس فتح أبواب الهجرة

 

كتب عاطف عبد الستار

أعلنت روسيا تسهيل شروط دخول عمال مهاجرين، سعيا لمساعدة قطاعات، مثل البناء والزراعة، تواجه نقصا في اليد العاملة.

 

وتعرضت قوة العمل في روسيا لضربة إضافية بعد أن أصبحت روسيا ثالث أكبر دولة في العالم من حيث عدد وفيات فيروس كورونا المستجد، ليتراجع عدد سكانها خلال العام الماضي بنحو 700 ألف نسمة وهو أكبر تراجع لعدد السكان منذ 15 عاما.

 

 

تصطدم آمال الانتعاش الاقتصادي في روسيا وعودته إلى النمو، بعقبة انكماش القوة العاملة في البلاد، إذ يعاني أصحاب العمل وخاصة في قطاع التشييد لإيجاد الأعداد الكافية من العمال المطلوبين لشغل الوظائف الخالية.

 

ووفقا لـ”بلومبيرج للأنباء”، قلصت القيود المفروضة لاحتواء جائحة فيروس كورونا المستجد أعداد العمالة المهاجرة في البلاد، واضطرت الشركات من مختلف المجالات بدءا من تعدين الذهب، إلى تشييد المباني لزيادة الأجور لجذب العمالة المحلية.

 

وبحسب المسح، الذي أجراه اتحاد شركات التشييد في روسيا، رفع نحو نصف هذه الشركات أجور العمال، ونقلت الوكالة عن أندريه ريابنسكي رئيس مجلس إدارة شركة “إم.آي.سي جروب” للتشييد ومقرها في العاصمة الروسية موسكو قوله إن الشركة زادت الأجور 15 في المائة، في المتوسط وهو ما ساعدها في جذب العمال.

 

وأضاف ريابنسكي “كنا نواجه صعوبة في إيجاد العمالة المدربة قبل الجائحة، ولكن الأمر ازداد صعوبة الآن”. ويأتي ذلك في حين يراهن الكرملين والرئيس الروسي على تعافي الاقتصاد ومعالجة تراجع الدخول وارتفاع أسعار المستهلك.

 

وعلى الرغم من نجاح اللقاح الروسي “سبوتنيك في” المضاد لفيروس كورونا المستجد، فإن البلاد ما زالت بعيدة عن تحقيق هدفها الطموح وهو تطعيم 60 في المائة، من السكان بحلول منتصف العام الحالي.

 

ورفعت روسيا بالفعل أغلب القيود، التي سبق فرضها لاحتواء جائحة كورونا، كما ارتفعت أخيرا أسعار النفط الخام وهو ما سيساعد على تعافي الاقتصاد ويعزز الآمال في نموه خلال الربع الثاني من العام الحالي، لكن وتيرة النمو ستظل محدودة دون توافر العمالة الكافية لتشغيل ماكينة الاقتصاد.

 

ووفقا لخدمة “بلومبيرج إيكونوميكس” للتحليلات الاقتصادية، فإن نقص العمالة سيخفض معدل نمو الاقتصاد الروسي 25 نقطة أساس تقريبا كل عام خلال الأعوام العشرة المقبلة.

وروسيا تعتمد في العادة على الأيدي العاملة القادمة من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق المجاورة، لتلبية الطلب المتزايد على العمالة مع انتعاش الاقتصاد، لكن أغلب الحدود ما زالت مغلقة منذ أكثر من عام.

 

ويقول يفيجني فينوكوروف، كبير خبراء الاقتصاد في يوروسيان ديفلوبمنت بنك، إن العمال المهاجرين يمثلون عادة نحو 7 في المائة، من إجمالي قوة العمل في روسيا ويساهمون بنحو 6 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي.

 

أما أنطون جلوشكوف رئيس اتحاد شركات البناء الروسية “نوستروي” فيقول إن “مواقع البناء ما زالت تعاني نقص العمالة، على الرغم من حقيقة أن الشركات زادت الأجور، وهذا سيؤدي في النهاية إلى ارتفاع تكلفة التشييد”.

 

وتقول صوفيا دونيتس، كبيرة خبراء الاقتصاد في مؤسسة رينيسانس كابيتال في موسكو، إن الأشخاص الأكبر سنا قد يختارون عدم العودة إلى سوق العمل بسرعة بعد رفع قيود كورونا في ظل ارتفاع المخاطر الصحية في البلاد.

 

من ناحيته يقول سكوت جونسون المحلل الاقتصادي في “بلومبيرج إيكونوميكس” إن “الجائحة أدت إلى زيادة الطلب على العمال في القطاعات الرئيسة على الرغم من أن القيود أدت إلى الحد من تدفق الناس إلى سوق العمل.

 

وعلى المدى الطويل، تنكمش قوة العمل في روسيا وهو ما سيصبح عقبة هيكلية أكبر في طريق النمو بمجرد التعافي من تداعيات الجائحة”.

 

وبحسب بحث أجراه يفجيني فارشافر رئيس الأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة، فإن هناك طلبا مرتفعا على العمال المهاجرين خلال الربع الأخير من العام الماضي.

 

ومع ذلك، فإنه من شأن التوسع في التطعيم ضد فيروس كورونا وإعادة فتح الحدود أن يساعد على التخفيف من حدة نقص العمالة، لكن من غير المتوقع القيام بعمليات تطعيم على نطاق واسع ولا فتح الحدود خلال الأشهر المقبلة. وفي الوقت نفسه، فإن عديدا من دول آسيا الوسطى، التي تعد مصدرا كبيرا للعمالة المهاجرة في روسيا، لا يمكنها حتى الآن الوصول إلى أي لقاح.

 

وقالت دونيتس: “ستكون إحدى النتائج الرئيسة للوباء بالنسبة لسوق العمل في روسيا استمرار التراجع في العرض، ما سيواصل الضغط على الأجور”.

 

وكانت روسيا قد أعلنت إغلاق الحدود في ربيع العام الماضي للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، ما دفع بالآلاف من العمال المهاجرين وأغلبهم من دول سوفياتية سابقة في آسيا الوسطى، للمسارعة في العودة إلى بلدانهم.

 

وأعادت روسيا الآن فتح حدودها مع عشرات الدول، لكن الرحلات الدولية قليلة، وأغلبية الأجانب ما زالوا ممنوعين من دخول أراضيها، وقدرت وزارة الداخلية العام الماضي أن نحو نصف المهاجرين المقيمين في روسيا قبل الوباء، غادروا البلاد.

 

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين للصحافيين أمس، إن الحكومة تناقش جديا تسهيل إجراءات الدخول للمساعدة على سد نقص اليد العاملة في قطاع الزراعة.

 

وأضاف بيسكوف، أن المسألة “أثيرت أيضا في قطاع البناء” حيث هناك طلب متزايد على العمال.

 

وذكرت صحيفة “آر بي سي” أن وزارة الزراعة قدمت طلبا للسماح لمهاجرين بدخول روسيا لمزاولة أعمال زراعية فصلية في 2021، في وقت يخشى المزارعون بشأن نقص العمالة الماهرة المحلية.

زر الذهاب إلى الأعلى