ربما لم نعتاد سابقا علي جمع نقيضين ، زمان حين كنا أكثر إستقرار نفسي و ثبات إنفعالي ، كان الشخص إما منطوي و منعزل و إما منفتح و إجتماعي ،
أما الآن ، فلقد أجبرتنا ظروف الحياة الحديثة و ظروف جائحة كورونا الكارثية علي أن نتغير جذريا ، نمر بعدة حالات في وقت واحد ، ننبسط و ننفتح و نتجاوب ثم ننغلق و ننعزل و ننزوي وحدنا !
نُجبر علي التباعد الإجتماعي فنبتعد و تصيبنا ملالة و فراغ كبير و لكن للأسف نعتاد هذا التباعد و بالفعل تتأثر العلاقات سلبا ، فنعتاد علي عدم رؤية بعضنا البعض و كأنه شيء عادي ،
نعتاد عدم السؤال حتي علي بعض هاتفيا ، عدم الإهتمام ببعض في فرحنا و أحزاننا ، تتسرب المجاملات بعيدا عنا فتقسو العلاقات و تتجمد ،
و حين يأتي وقت ننفتح فيه و نرغب في العودة كالسابق يكون قد فات الآوان و بُني سد و حائط إسمنتي بيننا و بين الآخرين ، فلا نحن كما كنا و لا هم كما كانوا !
ويوم بعد يوم نتحول جميعا الي ملامح لذكري قديمة ، و تنشأ علاقات و صداقات جديدة لكن مبنية علي هذا التحول الجديد في المشاعر ، كلها برود ، روتين ، تهرب من أي مسؤوليات تجاه بعض ،
أصبحنا منعزلين منفتحين في نفس الوقت ، و كأننا أُصبنا بشيزوفرنيا شعورية ، و صارت العلاقات تفتقد تماما للتلقائية و الحنان ،
قد يبدو التقدم شيء رائع في الحياة لكن أمامه لا بد أن نفقد كثيرا من الألفة ، لا بد من دفع الثمن ، و صار من يملك علاقة سوية الآن كمن يحمل كنزا ثمينا فليحافظ عليه بكل ما أُوتي.
Yoast