عايدة عوض تكتب : خلفية الصراع الليبي

قامت الثورة الليبية التي قام بها الإخوان كأداة امريكا والتي كانت هيلاري كلينتون القوة الدافعه من ورائها ، والتي انتهت بالقتل البشع لمعمر القذافي، وحتي ايضاً طالت السفير الأمريكي لدي ليبيا لانه بدأ في تتبع المال المنفق على هذه الثورة وكاد ان يصل الى منبعه في وزارة الخارجية الأمريكية فتم تصفية السفير الامريكي في “معركة” في بنغازي ، وحتى اليوم ملف بنغازي مازال مفتوحاً.

وعمت الفوضى لفترة في ليبيا بعد ذلك وتدخلت اطماع كثيره فيها من دول أوروبية ومن الإسلاميين المسنودين من امريكا حتي وصول داعش وأصبحت ليبيا دولة فاشلة بها العديد من الميليشيات والمرتزقة حتى اصبح فيها سوق نخاسة علني وساد قانون الغاب. ولشدة تدهور الوضع بدأ العالم يلتفت الى ضرورة محاولة إرجاع نوع من الامن لهذا البلد الغني بالبترول وذلك لأطماع عدة دول في هذا البترول.

وفي ٢٠١٤ أجريت انتخابات برلمانية وانتخب فيها البرلمان الليبي، ثم بدأت المفاوضات تحت رعاية الامم المتحدة (والتي مثلها جزء كبير من الدول الطامعة في ليبيا) في محاولة ايجاد حل سلمي لهذا الوضع. وبًعد نقاشات دامت قرابة العام، وفي منتجع الصخيرات بالمغرب وفي ١٧ ديسمبر ٢٠١٥ وقعت اتفاقية الصخيرات بتأليف حكومة الوفاق الوطني لتعمل لمدة عام ونصف قابلة للمد لستة اشهر لكي تؤسس للمؤسسات الوطنية التي تحكم البلاد، وأبقت على البرلمان المنتخب. ولكن كانت هناك نقاط خلاف قوية أهمها سلطة رئيس حكومة الوفاق في تغير قيادات الجيش والمخابرات.

في ١٧ ديسمبر ٢٠١٧ اي بعد عامين بالتمام والكمال اعلن المشير خليفة حفتر انتهاء العمل باتفاق الصخيرات ولو ان الامم المتحدة اعلنت مده على غير ما هو منصوص عليه في الاتفاق الاصلي. وكان هذا التمديد لإعطاء فرصة للبلاد الطامعة في بترول ليبيا لإكمال نهبها لثروته.

ولكن أيقن المشير حفتر لذلك جعله يصمم على انتهاء اتفاق الصخيرات وبدأ في محاولات استعادة قوة الجيش الليبي ليحاول تحريرها من براثن الاستعمار الجديد الذي اتخذ من حكومة الوفاق التي عينها كواجهة له في ليبيا وأعطاها غطاء شرعي عالمي من الامم المتحدة بدون اي شرعية داخلية في ليبيا حيث لم يصدق على شرعية هذه الحكومة من البرلمان الليبي المنتخب.

عندما بدأ المشير خليفة حفتر في تحرير ليبيا من ميليشيات المرتزقة التي بعثت بها الدول المختلفة لتساعد السراچ وحكومته المموله في نهب ثروات ليبيا، قامت الامم المتحده ببعث عدة مندوبين على التوالي في محاولات لتهدئة هذه الحرب كي يتمكنوا من نهب اكبر كم من بترول ليبيا. وقامت هذه الدول عبر الامم المتحدة باستصدار قرار بمنع توريد السلاح لليبيا حتي توقف هذه الحرب.

وكان هذا القرار يطبق على الجيش الليبي الوطني تحت قيادة حفتر ولكن السلح الذي كان “يهرب” للمرتزقة لم يتوقف. واكتشف حفتر أن الأموال التي كانت تصرف على هذا السلاح كانت تلك التي كانت في بنوك اوروبا بأسم ليبيا وكانت فضيحة مدوية عندما اعترف احد البنكيين الأوروبيين بذلك.

ولكن تمكن حفتر بمساعدة بعض البلاد الصديقة من تسليح جيشه لكي يواجه هؤلاء المستعمرين الجدد الناهبين لثروات بلده. وبعد ذلك بدأت معركة التحرير الحقيقية لليبيا. وكانت احدي اهم المواقف التي شهدت لوطنية الشعب الليبي ووعيه لما يدور في بلده هو اعلان اتحاد القبائل الليبية وراء الجيش الليبي الوطني بقيادة حفتر ضد الميليشيات الإسلامية والمرتزقة الأجانب المساندين للحكومه الإخوانية حكومة “الوفاق الوطني”.

وكان لهاذا التعضيد والمساندة كبير الاثر في تقدم الجيش الليبي الوطني والسيطرة على شرق ليبيا وجنوبها وآبار البترول وموانئ التصدير في الهلال النفطي بشمال شرق البلاد.

وبدأ الجيش الليبي الوطني يتقدم بخطي ثابته نحو الغرب حيث تتمركز حكومة الوفاق في طرابلس ومن هناك غرباً الأراضي الليبية تحت سيطرتها عبر الميليشيات والمرتزقة التي تساندها. وعندما وصلت قوات الجيش الليبي الوطني الى طرابلس وهرب السراچ وأعوانه خارج البلاد خوفاً من حفتر وقواته، تدخلت الدول الكبري لإيقاف حفتر خوفاً على مصالحهم واختلال التوازن وعدم قدرتهم على الاستفادة المادية من موارد ليبيا المنهوبة. وعاد السراچ بعد ان امنوا عودته وبدأت المحادثات والمبادرات. منها إيطالية ومنها فرنسية ولكن بأت جميعها بالفشل.

وبدأت التدخلات التركية والقطرية توضح اكثر واكثر. وكانت محاولات كثيرة من المرتزقة اختراق حدود مصر الغربية عبر الصحراء وقامت مصر بالدفاع عن أمنها القومي بتدمير كل المدرعات بما تحمله من مرتزقة ومن عتاد في كل محاولة للاختراق وحتي دخلت الحدود الليبية ودكت معسكر للمرتزقة عندما أعلنوا في فيلم سينمائي شهير ذبح ٢١ مصري من العاملين المسيحيين في ليبيا على ايدي “داعش”.

ومؤخراً حاول ترامب التقرب من حفتر بما انه هو المسيطر على آبار البترول في ليبيا ويظهر ان حفتر لم يقبل اي من عروضه فإنقلب عليه وسرعان ما دخلت روسيا على الخط وقدمت المساعدات اللوچيستية والمعلوماتية والتدريبية لحفتر بدلاً من امريكا. وبدأ الاستعداد لمواصلة حرب تحرير ليبيا مره اخري وكان ذلك بعد إبرام تركيا لمذكرات التفاهم للأمن والمياه مع السراچ والذي غير مخول له التوقيع باسم ليبيا عليهما. فبدأت الحرب من جديد ووصل حفتر بجيوشه حتي طرابلس.

ونصل الان للوضع الحالي حيث طالب السراچ التعزيز الحربي من خمس دول في مقابل الجيش الليبي الوطني وهي امريكا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وتركيا.

وكانت تركيا قد أرسلت “خبراء” عسكريين لها الى السراچ ليساعدوا في مقابلة الجيش الليبي الوطني الذي كان قد تعقب كل العتاد والذخيرة من تركيا لاى أماكن تخزينها في مصراته وقام بدك الكثير منها. وكان من المفروض ان تقوم القوات الليبية بالهجوم على مصراته ليلة الجمعة ٢٠ ديسمبر ولكنها اعطت فرصة ثلاثة ايام للمدنيين للخروج منها قبل الهجوم وذلك لتواجد الكثير من الذخائر والعتاد التركي في المناطق الآهلة بالسكان. وتنتهي هذه المهلة ويدخل الجيش الليبي الوطني ليحرر مصراته بعد منتصف ليلة الاحد القادم.

هناك اتهامات كثيرة من كل الأطراف والى كل الأطراف بالتدخل في معركة التحرير الليبية فأمريكا تتهم روسيا بإرسال مرتزقة روس للقتال في صف حفتر كما يتهم حفتر تركيا بأرسال مقاتلين في صفوف السراچ. ويبدو ان حرب تحرير ليبيا بدأت تأخذ منحى خطير لان بدأ اردوغان بالتهديد لليونان وقبرص بعدم السماح لهم بالتنقيب في المتوسط

بالرغم من موقف الاتحاد الأوروبي الذي اكد ان الإتفاق مع السراچ هو انتهاك للقانون الدولي.

ولم يكتفي بذلك بل اكد ان بمقتضى مذكرة التفاهم مع السراچ فيحق له إرسال قوات الى ليبيا ، ولكن الأدهى انه الان يهدد بان تركيا لا يمكنها البقاء صامتة تجاه “المرتزقة” المدعومين من روسيا في ليبيا.

بعد منتصف ليلة الاحد القادم سنعرف مدي تطورات العمليات في ليبيا ومن الأطراف المشتركة فيها. ولابد من كلمة تحذير هنا وهو ان الكلمات العنترية عن اشتراك القوات المصرية والتي قد يتخيلها البعض على وسائل التواصل الاجتماعي قد تعود بالضرر على مصر طالما لم تكن معلنة من جهة رسمية مصرية. في مثل هذه الظروف الكلام لابد وان يكون بمنتهى الدقة كي لا تتخذه اي دولة كذريعة للاعتداء على مصر جراء كلام غير مسؤل على وسائل التواصل يوحي صاحبه انه عالم ببواطن الأمور ويتسبب في أضرار جسيمة للبلد.

لا يمكن التحذير بقوة كافية من التهور في الكتابة في مثل هذه المواضيع الحساسة وآثارها الوخيمة ولنا في موضوع سد النهضة المثال القريب حيث قالها رئيس الوزراء الإثيوبي انه تشدد في التعامل مع مصر ورفض التفاهم عندما قرأ كل العداء الموجه لاثيوبيا من الشعب المصري ونوايا الاعتداء على السد وهدمه. فبرجاء عدم حتى التلميح عن اي أعمال قتاليه بالنسبة لمصر في ليبيا الا لو اعلنتها الجهات الرسمية المصرية، لان خيال المصريين وحماسة الشباب قد تورط مصر في حرب هى في غنى عنها تماماً. وهناك شخص مثل اردوغان في حالة تحفز ومستعد التذرع بأي شئ ليقوم بعمل عدائي ضدنا.

كلما اقتربت الحرب كلما لابد من زيادة الوعي لما يكتب او يقال او ما لا يكتب وما لا يقال. وهناك مثل إنجليزي يقول : loose lips sink ships – اي ان الثرثرة يمكنها إغراق السفن. أتمنى ان يعي الشعب المصري ان يكون في منتهى الحذر فيما يقال على وسائل التواصل الاجتماعي كى لا نعرض وطننا الحبيب لأي مخاطر هو في غنى عنها.

حفظ الله مصرنا الحبيبة وحفظ ليبيا الشقيقة من كل شر.

زر الذهاب إلى الأعلى