آراء

د. فتحى حسين يكتب : الخيارات المطروحة وازمة سد النهضة

الخلاصة التي انتهت إليها مفاوضات أزمة سد النهضة الاثيوبي طوال أكثر من عشر سنوات حتي الآن هي رفض وتعنت الجانب الاثيوبي امام اي اقتراحات من جانب دولتي المصب مصر والسودان بالرغم من المخاطر الجمة التي سوف تقع علي أمن واستقرار الدولتين وتهديد حياة أكثر من ١٤٠ مليون مواطن في حالة قيام اثيوبيا بالملء الثاني في يوليو المقبل ،ولكن لا حياة لمن تنادي لدي الحكومة الإثيوبية التي تمسكت بالرفض والاعتراض والتعنت والعنجهية الغير مبررة ،

ازاي موقف غير مفهوم من جانبها سوي رغبتها في تركيع الدولتين لها بحيث تكون هي المتحكمة في المياة وهذا لن يحدث علي الاطلاق! بالرغم من النداءات العالمية والإقليمية لإثيوبيا بالعدول عن فكرة الملء الثاني دون اتفاق من الدولتين ودون وجود مراقبين ومحكمين دوليين في هذه القضية يجعل الأمر برمته في موضع شك مؤكد حول النوايا السيئة والفخ المنصوب من قبل اثيوبيا ومن ورائها تجاه دولة مصر التي تعد أهم دول المنطقة وربما العالم كله ،بل اصبحت بالفعل مهيأة لتكون من الدول المتقدمة والعظمي علي مستوي العالم كله وليس المحيط العربي والافريقي فحسب.

ورغم ذلك اتبعت مصر ،من منطلق كونها دولة عظمي كبيرة ،الخطاب الإعلامي والسياسي الرشيد والحكيم والصبور في الوقت نفسه، حيال هذه الأزمة الخطيرة التي تهدد الأمن القومي وربما ستؤدي إلي عدم استقرار المنطقة بأسرها ،فجاءت تصريحات الرئيس السيسي موجزة ومحددة عندما قال: بأن مصر لا تقف ضد التنمية في اثيوبيا ،لكن لا نقبل المساس بمياه مصر ..كما أن مصر والسودان سوف تتحركا في اطار القانون الدولي والأعراف الدولية ذات الصلة بحركة المياة عبر الأنهار الدولية بهدف إثبات عدالة تلك القضية الهامة والمصيرية .

ووجه الرئيس رسالة للشعب الاثيوبي قائلا: ليس هناك داع لأن نصل إلي مرحلة المساس بنقطة مياه من مصر لان الخيارات كلها مفتوحة ومطروحة وتعاوننا افضل والبناء افضل بكثير من التصارع..

لذلك فالتعنت الاثيوبي في ملء السد دون توافق مع دولتي المصب سوف يشكل تهديدا للسلام الإقليمي والأمن وهو ما لا تدركه اثيوبيا ولا تريد الاعتراف به حتي الآن!
اعتقد ان رسالة مصر والسودان واضحة للعالم كله بأن لمصر حق طبيعي ورباني في مياه النيل وهناك اتفاقيات دولية حاكمة لهذا الحق منذ عقود طويلة ولكن محاولة تغيير هذا الان سوف يؤدي إلي تهديد حياة الملايين وهذا غير مقبول إنسانية علي الاقل !

كما أن رئيس وزراء اثيوبيا أبي احمد حنث باليمين مرات عديدة ولم يف بكلامه عند زيارته لمصر بأنه لن يقع ضرر علي مصر من جراء ملء السد والان يتنصل من وعوده أمام العالم ،فكيف يتسني هذا مع حصوله منذ شهور مضت علي جائزة نوبل للسلام !
ونحن نعلم جميعا علاقاته الوطيدة مع اسرائيل ومصالح الدول الأخري التي قامت بتمويل بناء السد مثل الصين وروسيا والإمارات وغيرها من الدولة التي لا تعرف موقفها جيدا ازاي هذه الأزمة لان لغة المصالح في السياسة دوما هي الراجحة في اي ميزان!
علي كل حال اثيوبيا ضربت كرسي في الكلوب وقطعت كل الطرق نحو الاتفاق والتفاوض حول الملء الثاني بعد شهرين ونصف من الان واخر المفاوضات في الكونغو واعلنت مصر عبر وزير خارجيتها فشل المفاوضات !

نتمسك بكل القرارات التي تتخذها قيادتنا السياسية في سبيل حل هذه الأزمة وكافة الخيارات المطروحة والتي تراها مناسبة حتي ندخل البهجة والسرور مجددا الي قلوب الشعب الذي يتمني دوما ان يري مصر الوطن الغالي اعظم البلاد والأوطان!
Yoast

زر الذهاب إلى الأعلى