ننشر نص كلمة وكيل الأزهر خلال افتتاح مركز تعليم اللغة العربية بإندونيسيا

 

كتبت:فوقيه ياسين

ألقي الدكتور الشيخ صالح عباس وكيل الأزهر كلمه خلال مشاركته في افتتاح مركز تعليم اللغة العربية بإندونيسيا على هامش مشاركته في الملتقي السادس لفرع منظمة خريجي الأزهر بإندونيسيا هذا نصها:.

علاقةٌ فريدة تربطُ الأزهرَ الشريفَ بدولة إندونيسيا علاقةٌ تسودُها المحبةُ والتقديرُ والاحترامُ والإجلال.
قواسمُ مشتركة تربطُ بين الشعبين فالشعبُ الإندونيسي مشهودٌ له بالتسامحِ والوُدِّ والعيشِ المشترك، ولعل ذلك هو السرُّ وراءَ إصرارِ الإندونيسيين على إرسالِ أبنائِهم لتلقي العلمِ الشرعي في الأزهرِ الشريف دونَ غيرِه من جامعاتِ العالمِ الإسلامي، إيمانًا منهم بأن هؤلاء الأبناءَ سيعودون إليهم وقد تعززتْ لديهم تلك السماحةُ الفطريةُ بما يُؤَصَّلُ لها من قيمِ وتعاليمِ الشريعةِ الإسلاميةِ وَفْقَ المنهجِ الأزهريِّ الوسطيِّ المنضبطِ الذي يرفضُ التعصبَ والانغلاقَ، ويرسِّخُ قيمَ التعدديةِ والتعايشِ السِّلمي وقَبولِ الآخَر، فالمنهجُ الأزهري يرفضُ رفضًا قاطعًا فكرَ العنفِ والتكفيرِ.
والعلاقاتُ المصرية الإندونيسية تعودُ إلى قرونٍ عدة، وقد سكن طلابُ إندونيسيا في أحدِ أروقةِ الجامعِ الأزهرِ وهو الرواقُ الجاويُّ نسبة إلى جزيرة جاوة أكبر جزر الأرْخَبيلِ الإندونيسي، وما زال هذا الرواق موجودًا حتى اليومِ في حرمِ الجامعِ الأزهر، وثمةَ رواقٌ آخر مخصصٌ لإندونيسيا يسمى رواقَ إندونيسيا، أسسه طلابُ إندونيسيا منذ قرابة أربعةِ أعوامٍ يقومُ بعددٍ من الأنشطة منها إصدارُ مجلة أزهري باللغة الإندونيسية للدفاع عن الفكر الوسطي. وهناك اتفاقيةُ تعاونٍ بين الأزهرِ الشريفِ ووزارةِ الشؤونِ الدينيةِ الإندونيسيةِ لإنشاءِ العديدِ من المعاهدِ الابتدائيةِ والإعداديةِ والثانويةِ تقوم بتدريسِ المناهجِ الشرعيةِ،
بالإضافة إلى اتفاقيةِ تعاونٍ مشتركٍ بين جامعةِ الأزهرِ والجامعاتِ الإندونيسية في شتى المجالاتِ العلميةِ والأكاديمية، كما أُنشئتْ كليةُ الدراساتِ الإسلاميةِ لتدريسِ المناهجِ الأزهرية بجامعةِ شريف هداية الله الإسلاميةِ بجاكرتا.
كما تأسس فرعٌ للمنظمةِ العالميةِ لخريجي الأزهرِ في الثاني من مايو عامَ 2010م.
الجمعُ الطيبُ،
يحرص فضيلةُ الإمامِ الأكبرِ -حفظه الله- على زيارة إندونيسيا، وآخرها زيارةُ فضيلته في شهر مارس الماضي، حيث ألقى فضيلته كلمةً في افتتاح المؤتمر العالمي حول الوسطية في الإسلام، وما زال صدى الزيارةِ والحفاوةِ التي اُستُقبل بها مستمرًا لم ينقطع.
وقد تُوِّجَتْ هذه العلاقةُ القويةُ اليومَ بإنشاءِ أولِّ مركزٍ لتعليمِ اللغة العربية لغير الناطقين بها خارجَ حدودِ جُمهوريةِ مصرَ العربيةِ، هنا في بلدكم الطيب وبتوجيهاتٍ من فضيلةِ الإمامِ الأكبر وبجهدٍ محمودٍ ومشكورٍ من القائمين على المنظمة العالمية لخريجي الأزهر تم اختيارُ أفضلِ العناصرِ من معلمي مركزِ الشيخِ زايد أكبرُ مركزٍ لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ليس في الأزهرِ فحسب بل في العالمِ كلِّه … وما ذلك إلا لمكانة بلدِكم في قلوبِ المصريين جميعًا، وأدعو اللهَ تعالى أن يكون هذا المركزُ منبرًا شامخًا لنشرِ اللغةِ العربيةِ لغةِ القرآنِ الكريمِ، مَلِكَةُ لغاتِ العالم، أكثرُ اللغاتِ تحدثًّا ونطقًا، إحدى اللغات الست الرسميةِ ولغاتِ العملِ المقررةِ بالجمعيةِ العامةِ للأممِ المتحدةِ ولجانِها الرئيسية. أغزرُ لغةٍ في التاريخ بعددِ مفرداتها؛ فقد بلغ عددُ مفرداتها اثنتي عشرةَ مليونِ مفردة، بينما لا يتجاوز عددُ مفرداتِ اللغةِ الفرنسيةِ مائةً وخمسين ألفِ مفردة، والروسيةِ مائةً وثلاثين ألف، والإنجليزيةِ الأكثر انتشارا عالميا لا يتجاوز عددُ مفرداتها ستمائةَ ألفِ مفردةٍ، ما يعني أن عددَ مفرداتِ اللغة العربيةِ يساوي خمسةً وعشرينَ ضعفَ عددِ مفردات اللغة الإنجليزية.
فكلُّ الشكرِ والتقديرِ لمن ساهم في إنشاء هذا المركزِ وأحسنَ اختيارَ موقعِه.
وأختم بقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
إن الذي ملأَ اللغاتِ محاسنا
جعل الجمالَ وسِرَّهُ في الضاد

زر الذهاب إلى الأعلى